الموضوع: الحرية
عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 10-06-2004, 06:04 PM
الطويـــــــل الطويـــــــل غير متصل
اعــرف نفســك
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
الإقامة: بلاد المقابر الجماعية
المشاركات: 129
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الهاديء :
هناك فرق بين أن يكون الأنسان ( عالما ) أو ( مفكرا ) أو ( مثقفا حقيقيا ) ، وبين أن يكون متعصبا .
لأن التعصب أنغلاق ، بينما العلم أنفتاح .

فالتعصـب هو : أن تنتمي الى فكر وتنغلق على الفكر الآخر .
والتعصب هو : أن تمنع الآخر من أن يعرض وجهة نظره ، وأن يطرح رأيه .. لتناقشه فيه .
والتعصب هو : أن تتهم الذين يختلفون معك بالرأي .. بالضلال أو الأبتذال أو الجهل أو الكفر ، دون أن تقدّم الدليل على ذلك .
وأن تحرّض الآخرين على نبذهم أو طردهم ، لأنك لا تطيق سماع الرأي المخالف !.

ولذلك نجد دائما أنّ ( العلماء ) أو ( المفكرين ) أو ( المثقفين الحقيقيين ) ، يملكون رحابة صدر ، ورحابة فكر ، بحيث أنّك تستطيع أن تناقشهم في كل شــيء ، وتحاورهم حول كل شيء .. دون أن تعرّّض نفسك لسياط الطعن والتجريح ، وقذائف الأتهامات والتشهير !!.

فالأنسان العالم يترك الفرصة ، دائمــا، للأحتمال الآخر .
ويسمح لوجهة النظر الأخرى قبل أن يؤكد وجهة نظره .
بينما يكون الأنسان المتعصـب ، متوترا وخائفا ،
لأنه يخاف من وجهة النظر الأخرى ، ويرى فيها تهديدا لوجوده .
في حين أنّ من هو قوي في حجته ، لا يخاف من كل نظريات العالم التي تخالفه .


وهناك فرق ، أيضـا ، بين أن يكون الأنسان متدينا ، وبين أن يكون متعصبا .
لأن التعصب جهـل ، بينما التدين ألتـزام .

فأن تلتزم بالفكر بمعنى : أن تعيش فكرك ورسالتك .. شـيء ،
وأن تتعصب له بمعنى : أن تمنع الآخر من أن يناقشك في فكرك .. شيء آخر .

ولذلك فالتعصب لا يمكن أن يكون تدينا .
كما أنّّ الأنسان المؤمن ، هو أنسـان ملتزم وليس متعصبا .

أما الأنسان المتعصب ، فهو أنسـان لا يعيش فكره ورسالته .
وهــو أنسـان محبوس في زنزانة ذاته .
فليس ما يملكه علما أو فكرا حقيقيا ، بل هي ذات فارغة معقدة ، تحسب ما لديها علما !!.

إقتباس:
و يا أخي الطويل أعلم أننا لا نغتر بالتطبيل و سماع صدى الأصوت ... فالأقنعة أصبحت مكشوفه أكثر مما تتخيل ....
أي تطبيل ، وأية أقنعة ، وأية أوهام مريضـة ، هداك الله ؟
ألا لعنة الله على الطائفية والتعصب !
اعلم يا أخي الهاديء ، ان من أولى عناصر الدعوة الى الله .. هي احترام انسانية الانسان .
فان تفتح عقل الانسان على فكرك .. يعني ، أن تفتح انسانيته على انسانيتك .
عندما نريد ، أن نطلق الدعوة في عقل انسان ، فان علينا ، أن نعرف الطريق ، الذي يمكن ، أن نسلكه في الوصول الى مواقع عقله ووجدانه .
وهذا مايحتاج الى شعوره بأنك تحترمه ، وأنك تفتح له قلبك ، وأنك لاتتعقد من اختلاف وجهة نظرك عن وجهة نظره .

واعلم ، يا أخي الهاديء ، أنّ بين الصراع والحوار مسافة شاسعة .
الصراع ، غايته نفي الاخر ، وافنائه.
والحوار ، غايته الابقاء على الاخر ، وجذبه الى الصواب .. بعد ازالة الشبهات العالقة .
والأنسان المؤمن الواعي هو الذي ، يستطيع أن ينتقل بالصراع الى الحوار .
والجاهلون فقط .. غير قادرين على الحياة في أرض ، يعيش عليها من يخالفهم في رأي أو هوى .
أولئك وحدهم ، منحوا أنفسهم السلطان المطلق على أذهان الناس ، وأذواقهم وحرياتهم .

واعلم أخيرا ، يا أخي الهاديء ، أن الحوار العلمي الموضوعي ، هو السبيل الى الحل الجذري الذي يحفظ لهذه الامة هويتها ..
ويضعها على الطريق الصحيح في البناء الحضاري المنشود .
فهل كان قدرا على المسلمين وحدهم ، أن يحرموا من فضيلة هذا الحوار ، لتبقى الذات الاسلامية ممزقة .. طعمة لكل اكل !! .

تحياتي
مع خالص التقدير والأحترام

__________________
( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )


(( لولا أني عرفت حقيقة الإسلام العظيم .. الإسلام الرحيم .. الإسلام الحكيم .. الإسلام الإنساني .. لكفرت بإسلام لا يعرف إلا القتل .. ولكرهت هذا الإسلام أيما كره ، ولحقدت على أهله أيما حقد ، ولحاربته حربا لا هوادة فيها . ))