عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 27-06-2004, 08:31 AM
الموريتاني الموريتاني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 18
إفتراضي نص الكاتب الجديد الذي صدر في موريتانيا حول التفجيرات(نهاية الجزء الثالت)

أما الدولة الإسلامية فقد تقدمت حقيقتها ، وأنها ترعى مصالح جميع المسلمين وإن تباعدت أبدانهم واختلفت السنتهم وألوانهم بالمنهج الرباني والتنظيم السماوي، فمنه صلاحية الأمير وحق المسلم وأمن المعاهد وحرب المعاند ، ويمثل الأمير شخصية المنهج ويبلغ كلمته ويرفع رايته وينفذ عقوبته ينظم جنوده ويطبق حدوده، فهذه حقيقته ومن تحمله لهذه المسؤولية وجبت له الطاعة وجوبا لا يتعدد وإنما يتفرع عنه بإذنه وتحت إمرته، فإن استقام فعلى هذا المنهج استقام ، وإن انحرف فعنه انحرف ، وانحرافه لا يغير حقيقته، ولا يسلبه صفته ، ولا يخرج الرعية من عهدته و وجوب طاعته ما دام قائما بوظائف الإمام وفي دائرة الإسلام لأن الخطأ لا يبرر الخطأ .
ورسالة هذه الدولة تعميم المنهج الرباني على جميع البرية حتى يكون جميع المسلمين تحت الإمرة ، والمعاهدون تحت السيطرة ، وليس بينها وبين المعاندين إلا المحاربة ، وحدود هذه الدولة لا تستقر لأنها تزداد بغلبتها ، وامتداد سيطرتها ، وتنقص بضعفها وفشلها ، وذلك لأن الكافر والمسلم لا تتراءا ناراهما .
وإذا علمت أن حقيقة أمير الدولة الإسلامية وحقيقة رئيس دولة القانون متغايرتان وأنهما لا تتفقان إلا في شيئين: التسمية دون المسمى ، و وجود المشتكى ، علمت أن هذه الجماعة أخطأت لسببين الأول : التسمية فقلبوا الحقيقتين وكالوا لرئيس الدولة القانونية بمكيالين حيث اكتفوا منه بتأدية الرسالة القانونية ومع ذا أوجبوا له بالشرع الطاعة وصنفوا من عارضه في الباغية ، وما علموا أن وجوب الطاعة فرع عن تحمل رسالة الدولة الإسلامية والباغية فرع عن وجود ولي الأمر واجب الطاعة.
وللأسف أن الدولة الإسلامية اختفت منذ زمن ، وباختفائها اختفى ولي أمرها واختفت معه أوصافه من وجوب الطاعة وحرمة المنازعة ، واختفت معه فروعه من وجود أهل الذمة و الباغية والإذن في الجهاد ودار الحرب ودار الإسلام ، ويا عجبا لعالم يحاول أن يأتي بالصفة دون موصوفها والفروع دون أصولها، وهناك أسئلة تطرح على هذا العالم نفسها وهي : هل هذه الطاعة التي أوجبتم لرئيس دولة القانون واجبة لكل رئيس مسلم وعليه فتكون في عنق كل مسلم نيف وخمسون طاعة ؟أم هي طاعة واحدة مقسمة وعليه فتتجزأ الطاعة بعدد رؤوسهم؟ ،وهل هي واجبة لواحد منهم وغيره باغ؟ وعليه فبم يعرف الباغي من المبغي عليه؟.
السبب الثاني لخطأ هذه الفرقة هو ما رأوا في نصوص الشريعة من أن طاعة ولي أمر الدولة الإسلامية لا تشترط فيها المثالية بل تجب له الطاعة مع الانحراف وعدم الاستقامة فرأوا أن انحرافه هذا يتحد به مع رئيس الدولة القانونية ، وما علموا أن هذا قلب للحقيقة وذلك لأن انحراف ولي أمر الدولة الإسلامية عن المثالية لا يقلب حقيقته حتى يصير ولي أمر الدولة القانونية ، وكذلك انحراف رئيس دولة القانون عن قانونه لا يقلب حقيقته حتى يصير ولي أمر الدولة الإسلامية ، إذن فخط الاستقامة واحد منضبط وخطوط الانحراف كثيرة مختلفة بحيث يمكن أن يكون لكل منحرف خطه الخاص به .
وبما أن المثال يتضح به المقال إليك مثلا يتضح لك به أن انحراف القائد لا يقلب حقيقته ولا يسلبه صفته وهو أن مثل الأمير مع الدولة كمثل سائق التزم لرب سيارة قيادتها بركابها على أحسن هيئة وأكمل صورة ، وألزم ركابها أن لا ينازعوه مقودها وألا يفتحوا أبوابها أثناء سيرها فلم يلتزم السائق بالقيادة على الهيئة المسجلة عند رب السيارة ، بل تكاسل عن تبديل السرعة وتباطأ في محل العجلة إلى غير ذلك من أخطاء السياقة ، فهل يصح أن يجعل بسبب ارتكابه لهذه الأخطا سائق سيارة أخرى وهو في محل قيادة الأولى .
والمخلص من هذين الخطأين أن نصحح المفاهيم ونحترم الأدلة الشرعية بأن نعلم أنها أدلة على الحقائق ولا تتغير بتغير الأسماء ، فمثلا تسمية الخمر بغير اسمها لا يغير حكمها ،وأن نتعامل مع الواقع وذلك بأن نعلم أن الدولة الإسلامية اختفت والموجود حاليا في كل مكان دولة القانون ولنحمد لها ما رأينا لها من الإيجابيات ونطالبها بتغيير السلبيات حسب الإمكان والمكان والزمان ولا نكلفها فوق طاقتها ولنحسن الظن برئيسها في قراراته ونقارنه بمعاصريه وزملائه وإخوته، فنعلم أن خير الرؤساء حاليا من يكره بقلبه القوة المسيطرة والدولة المهيمنة المتغلبة ويبش لها بوجهه ، ليكف عن شعبه من ضررها ويخفف من شرها فإن لكل حال مقالا ولكل معركة رجالا، وليس من الإنصاف أن نقارنه بالخلفاء الراشدين المهديين المسيطرين .