الموضوع: مراتب النفس
عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 15-11-2002, 01:22 PM
ALAMEER99 ALAMEER99 غير متصل
عضــو
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 4,541
إفتراضي

بسم الله .... وبه نستعين
أما بعد :-

الأخ العزيز / بدر .......... تحية طيبة

جزاك الله خيراً على نقلك لهذا الموضوع الرائع والمفيد ..
وبما أن الحديث عن النفس ...
فسأورد هنا موضوعاً وصلني بعنوان ( تزعمين يا نفسي )
ـــــــــــــــــــــــــــ
إليـــكِ يانفــسي قبـل نفـوس الخــلائق
الذين يأملون في الحصول على مباهج دنيوية ، تجدهم يبذلون من أجلها الكثير الكثير، مع أنهم قد لا يحصلون في النهاية على شيء
ذلك نراه و نشاهده في الحياة كثيراً وتحت كل سماء ، و لعل أكثر منا مَرّ بتجربة شخصية في هذا
ولكن – و على ضوء ذلك- ترى هل وقف كل منا مع نفسه قليلاً يناقشها الحساب....؟
تعالوا نحاول معاً هذه المحاولة
تزعمين ( أيتها النفس) أنك أحرص ما تكونين على تحصيل النعيم والمتعة ، و لذا تسترخصين الجهد المبذول من أجل الوصول إلى ذلك الهدف.. أليس كذلك؟
فاستمعي الآن جيداً ثم زني صدق دعواك على ضوء ما يلي :-
إن العبادة رغم ما يصاحبها من مشقة على النفس ( في بداية الطريق على الأقل ، غير أن آثارها عميقة في النفس، و ثمراتها متنوعة في حياة الإنسان، وبركاتها معروفة ، فهي إذن تستحق أن يبذل الإنسان من أجلها النفس و النفيس ، فيجاهد أهواءه التي تحاول أن تشده بعيداً عن دوائر العبادة، و إذا لزم الأمر فعليه أن يجاهدها جهاداً لا هوادة فيه، حتى يستقيم أمره معها، منافساً عليها، مسابقاً إليها
و ليتذكر دائما كلما ثقلت نفسه عن النهوض إليها، قول الله سبحانه
()مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))
بل عليه أن لا يكتفي بمجرد إدارة ذهنه بتمرير شريط الآية فحسب
و لكن فليتلوا الآيات بصوته يسمع بها نفسه، ليكفها عن وساوسها التي تغلي فيها
إن الله سبحانه لا يريد تعذيب الإنسان بتكليفه ما كلفه به ، و هو سبحانه من جهة أخرى ليس بحاجة إلى عبادة الناس ، فالثمرة أولا و أخيراً يحصدها الإنسان نفسه
إن الله سبحانه و هو اللطيف، الرحمن، الرحيم، الحكيم، الخبير، الرؤوف
إنما يريد أن يزكي هذا الإنسان، و يسمو به، من خلال جهد حقيقي يقوم به هو نفسه يبذل في سبيله جهداً واضحاً، فيتحرك برجليه إلى الدوائر يحددها له سبحانه. يرابط فيها، و يحرص عليها، و يسابق إليها، و ينافس فيها- تلك هي دوائر العبادات على اختلاف ألوانها
و من جهة أخرى عليه أن يحجم ( يفرمل ) عن الاندفاع إلى دوائر بعينها
لأنها تعرضه لسخط الله عليه، فإذا هو ينفر منها، نفور السليم من لأجرب
و يبتعد عنها ابتعاد المفزوع أن يقع في براثنها، بل هو لا يقربها ولا يطوف بها ففي الحديث: من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه
و الإنسان المؤمن مع شهوات الدنيا في غاية الحساسية، يأخذ منها بحذر و على ضوء و من خلال فتوى بصيرة واضحة ، و ذلك لأن بؤرة شعوره متوجهه بكلها إلى الله تعالى طلباً في تحصيل مرضاته سبحانه حرصاً عليها و شوقاً إليها
و لذا عَبّر بعضهم عن هذا، بأن المؤمن في شهوات الدنيا كالرجل يخوض أوحال الطريق، همه الأكبر أن لا يجاوز الوحل عقبيه و هي صورة جديدة ، لعرض قديم لا يزال يتجدد، و لا زلنا بحاجة إلى أن نذكر أنفسنا به
فلقد سأل عمر رضي الله عنه ذات يوم عن التقوى، فقيل له : هل سرت في طريق فيه شوك..؟ قال عمر: نعم ، فقيل: و ماذا عملت ؟ قال: شمرت عن ساقي، و اجتهدت أن لا أطأ شوكة من تلك الأشواك ، قيل له: فكذلك التقوى
إذن فتقوى الله سبحانه ليست شقشقة باللسان، و لكنها تشمير و اجتهاد و مراقبة و يقظة و مجاهدة لقطع مغاور الطريق و أشواكه ..
و أنت خلال ذلك في صحبة الله سبحانه:- و هي معية خاصة لها إشراقاتها في القلب، وبركاتها على الإنسان ، وفي ذلك نوع من الجهاد الضخم الذي ينبغي على الإنسان المؤمن أن يدخل أتونه كما يدخل الذهب في النار ليزداد صفاءً و تلألؤاً ، ولا تنس و أنت تقرأ هذا و تعمل على تنفيذه ، لا تنس الآيات الكثيرة في القرآن الكريم و التي تقرر و تؤكد أن ذلك كله يصب في النهاية لصالح قلبك ... لصالح حياتك .. لصالح أسرتك .. لصالح مجتمعك
و من الآيات تلك الآية التي ذكرناها آنفاً – فعد إليها ففيها تأكيد واضح على معاني السمو و الطهارة و التزكية و إرادة الخير كله لك.. و لذا ختمت بقوله تعالى(( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون َ))
أننا في حياتنا اليومية نبذل الكثير الكثير، ربما من أجل أحلام و أوهام قد لا تتحقق وإن تحقق بعضها فبشق الأنفس ، وعلى مدى طويل
فلماذا ترانا نبخل على الله سبحانه بالقليل من الجهد المطلوب لتحصيل مرضاته.؟
و من وراء مرضاته سعادة في الدنيا و نعيم في الآخرة..؟
إذا لمن تكن تلك حماقة، فلا أدري و الله ما تكون الحماقة..؟
عجبٌ يدور له العقل، و لا يكاد يستقر

إن كان في القلب اسلامٌ و ايمانُ **** لمثل هذا يذووب القلب من كمدٍ

كان الصالحون الصادقون يبذلون من أنفسهم الكثير مما يجعلك تعجب كل العجب و أنت تقرأ سيرهم ، ثم تهز رأسك في ثقة
و كيف لا ينصرهم الله إذن، و يصنع على أيديهم الخوارق..؟!
قيل لبعضهم : إلى متى تتعب نفسك..؟ قال: راحتها أريد ولسان حاله يردد: وعجلتُ إليك رب لترضى

إذا كان رضاكمْ في سهري **** فسلامُ الله على وسني

نسأل الله أن يملأ قلوبنا بنور محبته، ونور الثقة بموعوده .. اللهم آمين

ودمتـــــم ،،،،،
__________________

عين الرضى عن كل عيب كليــلة
لكن عين السخط تبدي المساويا