عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 09-11-2006, 05:29 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تخمة التسليفات من أجل التنمية وأزمة المديونية :

ساد هذا الشعار الإجمالي والتبسيطي للتنمية على المسرح الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى أن جاءت أزمة ديون العالم الثالث، في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، مبينة حدود هذه السياسة وعواقبها الكارثية، خصوصا في أميركا اللاتينية، ودول في الشرق الأوسط وعمليا في الاتحاد السوفييتي السابق و دول المجموعة الشرقية، ولم ينجو منها بأعجوبة سوى الصين والهند ومجموعة دول جنوب شرق آسيا التي سيناقش وضعها بشيء من التفصيل ..

إذن لم يكن هناك مجابهات أيديولوجية اقتصادية أو حتى سياسية في تلك الظاهرة على امتداد السنوات التي سبقت العقد التاسع من القرن العشرين. فالبنك الدولي وكذلك كبريات الدول المصنعة ثم كبريات المصارف العالمية، كانت تمول في جميع أنحاء العالم وتزعم وسم تمويلها بالتنمية، فكانت تمول الطرق والمستشفيات و الجامعات والمجمعات السكنية ..وكان كل هذا النشاط قد أسس له روزفلت بعد الحرب العالمية الثانية ومشروع (مارشال) المعروف ..

لقد أدت الفوائد الهائلة على القروض الى تخمة الدول الغنية والتي قادت الى كوارث ولا زالت، ولكن البرازيل والمكسيك اللتان أعربتا عن عدم قدرتهما على مواصلة تسديد القروض والتي كانت صرخاتهما بمثابة إنذار خطير كان له وقع الصاعقة على الدول والمصارف المقرضة، ثم ما لبث أن تبعت تلك الدولتين حوالي خمسين دولة لتؤسس لحالة من تأزيم الفوضى الاقتصادية العالمية.

شعارات المذهب (النقداني) الجديدة
ل (تكييف) اقتصاديات العالم الثالث


انسجاما مع صعود نجم الليبرالية الجديدة المحافظة جدا، كان (ميلتون فريدمان) قد أعطاها النبرة الفكرية (بنظرية النقدانية التي تحصر دور الدولة فقط في وضع الضوابط أمام توسع الكتلة النقدية)، وكان رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، قد أعطياها نبرة سياسية. حيث انحنت الدول الاشتراكية التي كانت تحتاج للقروض، كما كانت دول العالم الثالث قابلة للطاعة من الأساس في قبول قوائم المطالبة بالإصلاح والخصخصة وغيرها، حتى انهارت المجموعة الاشتراكية كاملة، وتم تسميم اقتصاديات العالم الثالث بالميكروب الليبرالي والذي جعلها مرهونة في إراداتها السياسية والاقتصادية للعقلية الإمبريالية تماما.


بروز مظاهر الرفض :

لقد أغرقت الشروح الفارغة و الأدبيات الكثيرة الخطاب الليبرالي، كما ازداد غرق الدول بمديونيتها ولم يلمس لا الشعب ولا الحكومات ولا النخب الاقتصادية أي أثر جلي لتلك الوصفات الغربية. فظهرت حركات معارضة مثل (الطريق المضيء Sentier Lumineux في (البيرو) أو الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط التي كانت تعبيرا معقدا لسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية معا.

ثم ظهر فكر ديني متعصب في أمريكا وأوروبا، للتهيؤ للوقوف في وجه الحركات الإسلامية الرافضة للشكل الجديد للاستعمار، وقد شجع هذا كله، سرعة اختفاء الفكر الشيوعي وانخراط الدول التي كانت تتبنى خطه باللعبة الليبرالية متوسلة قبولها، وقد رافق تلك التطورات تعديل أو ظهور أنماط من النشاط الفكري المساند لتلك التطورات، سواء بالخطاب الاجتماعي أو التاريخي أو الأنثربولوجي ..

يتبع
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس