عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 22-06-2005, 07:03 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

دع القلق وتوكل على الله

عبدالعزيز بن محمد الزير

أتعجب كثيراً لحال بعض الناس في هذا المجتمع الطيب القائم على مبادئ الشريعة الإسلامية، لما ينتابهم بصفة مستمرة ومزمنة من حالة نفسية سيئة وشرود ذهني وفكري منشؤها القلق المرضي لخوفهم الدائم من حصول مكروه غير محدد المعالم والأطر، اضافة إلى عدم قناعتهم بما لديهم من صحة أو رزق أو جاه أو منصب، نتيجة لقلة أو ضعف الوازع الديني لديهم، بحيث أصبحت المادة هي الهدف الرئيسي لهم، فهم على السواء دائمو القلق في حالة الغنى والفقر، ففي حالة الغنى نجدهم لا يقنعون بما لديهم من خير بل على العكس من ذلك فهم يطلبون المزيد والمزيد بما يستهوي نفوسهم، ووقوف البعض منهم حجر عثرة في طريق من يريد التقدم والتميز في هذه الحياة, أما في حالة الفقر فقلقهم ناتج لمزيد إلحاحهم في الطلب والسعي والتعجل لتحقيق رغباتهم التي لا يجدون سبيلاً لتحقيقها لعدم وجود المقومات والمعطيات الأساسية لهذا الإلحاح، اضافة إلى تذمرهم وشكواهم بصفة مستمرة.
مؤدياً ذلك كله بهاتين الفئتين إلى اضطراب مزمن وعدم توازن وثبات في التصرفات الشخصية لينعكس ذلك سلباً على الأسرة والاطفال والزوجة ولمن حوله في المجتمع، وهي كما يفيد بعض الأطباء النفسيين المرحلة الأولية لجميع الأمراض النفسية العصبية والعقلية وعامل مساعد لحدوث كثير من الأمراض الجسمية مثل:-
انهاك أعصاب المعدة وتحول العصارات الهاضمة فيها الى عصارات سامة، وتلف الأسنان نتيجة اختلال ميزان الكالسيوم في الجسم، واختلال في عمل الغدة الدرقية بزيادة افرازاتها لتزداد معها ضربات القلب التي تحث أعضاء الجسم على العمل بكل طاقاتها لينقلب الجسم ناراً حامية تشتعل حتى يتم علاجها، كما يصير هذا النوع من القلق الشخص القوي مريضاً ضعيفاً يسهل التغلب عليه متجاوزين بذلك حدود الشعور بالقلق الطبيعي الذي يحدث في ظروف طبيعية ومناسبات عديدة يتمثل معظمها في قلق الشخص عندما يصاب بمرض ما وخوفه من استفحاله وطول زمن المرض، أو شعوره بالقلق عند مرض أحد والديه وحثه ذلك على إيجاد أفضل الطرق لعلاجهما، أو شعوره بالقلق حول نتيجة امتحان تقدم إليه، أو عند تقدمه لمقابلة شخصية على أمل الحصول على وظيفة أو القبول في كلية من الكليات، أو ربما عند عمل خطأ ما وقلقه من النتائج المترقبة لهذا التصرف، ونحو ذلك من الظروف التي تؤدي إلى الشعور بشيء من القلق الوقتي الذي يمكن اعتباره طبيعياً من كافة الأوجه، وفي حدود عدم الزيادة عن الحد الطبيعي الذي يفقد فيه الشخص التوازن والثبات.

لذلك يلاحظ الفرق الكبير والواضح بين شخصية من ينتابه قلق طبيعي مستمدا قوته في السيطرة عليه من توكله على الله سبحانه وتعالى حق التوكل، وبين من ينتابه القلق المرضي الناتج عن سخطه على حظه وخوفه من وقوع شيء غير معلوم أو محدد، وأخذه الأمور دائماً بمنظار أسود قاتم لا يستطيع من خلاله رؤية الأشياء كما هي، ناسياً أو متناسياً تلك التوجيهات السامية التي جاءت بها آيات القرآن الكريم، وأحاديث المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم للوقاية من القلق والخوف على الحياة والرزق، والتي قال فيها رب العزة والجلال موضحاً تكفله سبحانه وتعالى برزق جميع خلقه ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) هود: 6
مع السعي والعمل فيما يرضي الله والتسبب في ذلك لقوله تعالى: ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) الملك: 15
وقوله: ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين )القصص: 77
كما بين سبحانه وتعالى أن الموت والحياة بيده وأنه لا راد لقضائه إلا هو بقوله: ( ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ) المنافقون: 911
وقوله تعالى: ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) آل عمران: 185
وقوله جل وعلا: ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ) لقمان: 34
أيضاً قوله سبحانه وتعالى ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) النحل: 61 .

أما بالنسبة للأحاديث النبوية الشريفة الحاثة على العمل والكسب الحلال مع التوكل على الله والرضا بقضائه وقدره التي تعين على طرد القلق عديدة نذكر منها: انه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسم قال: ( ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ) متفق عليه
وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ) رواه مسلم.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
الرد مع إقتباس