عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 26-06-2007, 06:39 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

ثالثا: القوى المهاجمة والقوى المدافعة عن ديالى
لاحظ المراقبون لوقائع الحرب الطاحنة في ديالى حربا إعلامية موازية لمجريات العمليات الحربية تستهدف بعض الجماعات الجهادية على وجه التحديد، الأمر الذي أظهر الحرب بروايتين مختلفتين بحيث بدت الرواية الأمريكية أضعف من أن تصمد في مواجهة بيانات الجماعات الجهادية وهي تكذب وتفند ما ذهبت إليه البيانات الأمريكية. والأطرف من هذا أن الرواية الأمريكية أحرجت عملاءها وأصدقاءها لتأتي بيانات المجاهدين وتضع النقاط على الحروف. ولمعرفة تفاصيل ما وصفته الجماعات الجهادية بمحاولات زرع الفتنة بين المجاهدين لنتساءل ببساطة: من هي القوى الموجودة في المنطقة؟ ومن هي القوى المعادية؟ ولماذا استهدفت؟ لنبدأ بعجالة بتوصيف القوى المهاجمة، فبحسب بيان الجيش الأمريكي فإن "حوالي عشرة آلاف جندي عراقي وأميركي مجهزين بكامل المعدات بالإضافة إلى مروحيات وطائرات حربية وعربات سترايكر ودبابات برادلي تشارك في الهجوم الذي لا يزال في مراحله الأولى"، وتقول مصادر عراقية أن عددا مماثلا من القوات العراقية الحكومية تشارك في الهجوم بمساندة من بعض العشائر. وبالتدقيق في البيانات الصادرة فقد تحدث أحدها عن مشاركة لمن أسمتهم الدولة بأذناب الأمريكيين من"الصفويين والمنافقين والمرتدين". في إشارة تؤكد مشاركة قوى عراقية أخرى مثل قوات بدر ومجموعات الحزب الإسلامي الذين يعملون كمترجمين وأدلاء في الهجوم وبعض أفخاذ العشائر الحليفة.
أما القوى المدافعة عن المنطقة فينتمون إما إلى دولة العراق الإسلامية التي تسيطر بصورة شبه كاملة على ولاية ديالى وإما إلى جيش أنصار السنة عبر إحدى سراياها المتواجدة في المنطقة وبعض المجاميع السلفية الصغيرة. فهل ثمة جماعات أخرى في المنطقة لم تشترك في صد الهجوم الأمريكي؟ في الحقيقة ثمة لبس في المسألة لن تحله إلا البيانات الرسمية الصادرة عن الجماعات الجهادية.
فقد نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية في 20 / 6 / 2007 على موقعها الإلكتروني خبرا مفاده أن كتائب ثورة العشرين تشارك في قتال القاعدة في ديالى، وهو ما صرح به الجنرال الأمريكي بدناريك مضيفا أن قواته "تقدم فقط الدعم في النقل والعتاد". وبطبيعة الحال فإن المقصود من الخبر هو التأكيد على أن المشكلة مع من وصفهم بيان الجيش بـ "التكفيريين"، وبالتالي فإن كتائب العشرين يمكن توريطها بمثل هذا القتال على خلفية النزاع الذي وقع بينها ودولة العراق في منطقة أبي غريب إبان انشقاق الكتائب. غير أن بيان الكتائب كان حاسما وواضحا ويتمتع بمسؤولية عالية في التعامل مع الأحداث في تضمنه:
· تحديدا لموقف الكتائب من الأحداث الجارية باعتبارها " عدوان على أهلنا في محافظة ديالى".
· واعتبار ما نشرته الصحيفة وإحدى "الفضائيات المأجورة" مؤامرة للـ "إيقاع بين الفصائل الجهادية".
· وتأكيدا على أن الكتائب "ليس لنا تواجد في محافظة ديالى في الوقت الحاضر نهائيا".
· وتصريحا بوجود فئة "من أصحاب النفوس المريضة" معروفين للكتائب بحكم علاقات سابقة و "يخشون من إعلان تعاونهم مع المحتل وحكومته لتحقيق مشاريع مشبوهة".
· وتهديدا بفضح هذه الفئة إذا ما استمرت وتمادت باستغلال اسم الكتائب لتمرير عمالتها.
ومن المعروف، بحسب بيان النشأة، أن حماس العراق تتواجد في عدة قواطع ومحافظات حيث تتواجد دولة العراق الإسلامية، فهي كائنة في قاطع ديالى الأكبر بين قواطع عمليات الجماعة خاصة وهو يضم 15 كتيبة مقارنة بأربع كتائب بقاطع بغداد و14 كتيبة بقاطع الرمادي وستة كتائب بقاطع صلاح الدين وثلاثة كتائب في القاطع الشمالي، ومن الطبيعي أن يتساءل المراقب إزاء هذا التواجد الكثيف! فيما إذا كانت حماس العراق معنية بالهجوم الأمريكي على ديالى أم لا؟ وما هو حقيقة هذا التواجد وأهدافه؟ خاصة وأن اتهامات ليست بالقليلة وجهت إليها بالتنسيق مع القوات الأمريكية في عملياتها ضد دولة العراق الإسلامية سواء في الفلوجة أو في الأنبار أو في ديالى؟
ربما تكون الجماعة قد خشيت من زج اسمها في أتون الشبهات، ولعلها شعرت، كما الكتائب، بوجود أطراف تتغطى بها، فسارعت هي الأخرى إلى إصدار بيان مماثل استعملت فيه عبارات مشابهة لما ورد في بيان الكتائب، وقالت فيه: "على ما يبدو أنه آخر ما بجعبة الاحتلال وأذنابه – كلام عن مشاركة بعض فصائل الجهاد والمقاومة في عمليات مشتركة مع القوات المحتلة في محافظة ديالى ومن قبلها في محافظة الأنبار، ولكنه لم يجد له صدى إلا عند مرضى النفوس"، وأضاف البيان: "إننا في قاطع محافظة ديالى وكما هو الحال في كل قواطع عمليات كتائب الفتح الإسلامي ... نعلن الآتي: إن هذا الكلام يدل على فشل المحتلين وأذنابهم في تسويق مشروعهم السياسي وخطتهم الأمنية فعادوا إلى طريقتهم المثلى من الكيد والكذب والحيل الرخيصة باستغلال مواقف بعض الأشخاص الذين لا يمتون للمقاومة بصلة وتسويقها على أنها مواقف للمقاومة، ليجعلوها – بزعمهم - شريكاً لهم في أفعالهم الدنيئة لتمريرها على الناس ولكي يقنعوا شعبهم أن لهم أنصار بين فصائل المقاومة والجهاد وليوقعوا الخلاف والفرقة بين المجاهدين ولكن خسئوا وخابوا".
من المؤكد أن هذه اللغة تبعث على الاطمئنان عند المجاهدين وأنصارهم ولكنها لا توقف التساؤلات المطروحة، فإذا كانت كتائب العشرين معذورة في عدم تواجدها الراهن في المنطقة وهو ما جاهرت به دون أن يعيبها أو يمس من مكانتها لدى المجاهدين وأنصار الجهاد؛ فإن ما يعيب حماس العراق أنها متواجدة بكثافة، فلماذا لا تشارك في المعارك الدائرة؟ ولماذا تخلو بيانات الجيش الأمريكي من استهدافها؟ عدت مرة ثانية وثالثة إلى موقع الجماعة بحثا عن بيانات بهذا الخصوص فلم أوفق، وكذا فعلت فيما يتعلق بحالة الجيش الإسلامي الذي لم يعلن حتى هذه اللحظة عن أي موقف له مما يجري ولا عن أي تواجد له في ديالى، وفتشت بموقع شبكة البراق الجديدة عن بيانات له بخصوص الهجوم على ديالى فلم أجد شيء يذكر، وإذا كان صدر شيء من هذا القبيل ولم أدركه فهو بالتأكيد قصور مني، ودون ذلك فالإجابة عند أصحابها.
أما عشائر الأنبار وصلاح الدين فتبشر بعض الأنباء الواردة من المنطقتين أن العشائر انتصرت بالفعل للمجاهدين وعبرت عن دعمها لهم في اجتماع طارئ جرى يوم السبت وشارك فيه الشيخ أبو زياد الحسنالذي وعد بنصرة "أهلنا في ديالى، ودعا إلى تناسي الخلافات والتصدي لكل من ارتد عن الإجماع وخان أمته وأهله وشارك مع الأمريكان". واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة مهمتها التنسيق بين العشائر وفصائل المجاهدين لقطع طرق الإمدادات عن الأمريكيين وحكومة المالكي.
رابعا: وقائع الهجوم على ديالى
من واقع الحال في العراق فالهجوم الأمريكي هو هجوم شامل في عدة مناطق وليس في ديالى وحدها، فالحملة على بغداد والتي أسميت بـ "النسر المغوار" دخلت شهرها الثالث، ولكن في هذه المقالة يجري التركيز على ديالى باعتبارها معقل شديد البأس للسلفية الجهادية عامة ولدولة العراق الإسلامية خاصة، ومنها تنطلق معظم الهجمات على القوات الأمريكية والقوات العراقية الحكومية في بغداد وغيرها كما تعترف بذلك المصادر الأمريكية. وعلى هذا الأساس يتجه الهجوم الأمريكي كما يقول بيان القوات الأمريكية إلى "القضاء على تنظيم القاعدة" في المحافظة لتأمين بغداد والحزام المحيط بها ولمنع انتقالها إلى مكان آخر. فهل يمكن تبين حقيقة ما يجري في ديالى بناء على بيانات الطرفين؟
فيما يتعلق ببيانات الأمريكيين وتصريحات العسكريين منهم فهي مزدحمة بالتوجيه الإعلامي بحيث يصعب تبين دقتها خاصة وأن الكثير من خسائرها لا يعلن عنه إلا بما تفرضه بيانات الطرف الآخر من تعقيب عليها بالنفي أو الاعتراف بصحة مضمونها خاصة إن تمتعت بشهادة شهود العيان أو فضحتها أفلام مصورة يصعب دحضها أو تجاهلها. كما أن الطرف المدافع عن المنطقة يعلم أنه محاصر إعلاميا ولا يعول كثيرا على توجيه الرأي العام وبالتالي فما من جدوى في المبالغة في البيانات بقدر ما تبدو هذه الأخيرة متحدية في بعض محتوياتها للخصم بأن يثبت ما يدعيه بالصور كما جاء في أحد بيانات دولة العراق الإسلامية. بل أن دقة التحري الإعلامي عند مراسلي الدولة تبدو عملية شاقة وهي تمر بسلسلة من مراحل الاتصال والتواصل فيما بين المندوبين الإعلاميين المنتشرين في عدة قواطع ومسؤوليها العسكريين وسط مخاطر شديدة أسفرت عن استشهاد الكثير منهم وهم يؤدون عملهم الإعلامي حتى يوصلوا رسالة إعلامية تعكس مصداقيتهم وتمني النفس بنصرتهم.