عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 10-07-2006, 04:20 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الطليعة و القوى الخارجية :

عندما تنزوي الطليعة و تتقوقع على نفسها ، فإنها لا تبقى كذلك ، بل يدب بها أشكال جديدة من الأمراض .. فبعد أن خذلت الجماهير ، و اعتقدت أن الجماهير هي التي خذلتها ، تستنزف مع ذاتها قدرتها على اجترار خطابها المتجمد ، وتبدأ بالتشرذم فيما بينها .. وبالرغم من أن أعدادها من القلة بمكان لدرجة أنها في بعض الأحيان لا تقبل القسمة ، فإنها تنقسم مع ذلك بصمت كبير ، ولا أحد يلحظ انقسامها لا لأن أفرادها يتكتمون على ما هم فيه ، بل لأنه لم يبق من يتابع أخبارها ، لزوال دورها ..

تلحظ الدوائر الاستخباراتية العالمية تلك الظاهرة ، من خلال مجساتها الممتدة بأشكال مختلفة كجمعيات خيرية ، أو مراكز دراسات ، أو غيرها ، فتحاول استثمارها على أحسن وجه ، فلديها الآن أشخاصا يتمتعون بثقافة متطورة عن دهماء الشعب ، ولديهم بعض الأسرار التي لا تخلو من فائدة ، ولديهم شعور بالإحباط ، فلماذا لا تجرب إنعاش طموحاتهم التي فشلت في مجال ما ؟

إنها تنتقي الأشخاص الذين يحملون أحلاما برجوازية ، ولكن إمكاناتهم تمنعهم من السلوك البرجوازي ، أو تنتقي الأشخاص الذين فشلوا في ( التماهي ) مع ركب الحكم ، أو تنتقي الأشخاص الذين اقتربوا من الوصول لمصاف رجال الحكم وأحسوا في عينة من الوقت بأنهم أكثر جدارة ممن هم في الحكم ، ولا يعني أنهم يختلفون مع من هم في الحكم .

إن استعداد تلك العينات التي دب بها اليأس للخروج مما هي فيه ، سيجعلهم صيدا سهلا للقوى الخارجية ، التي تنظم لهم لقاءات محلية في بلادهم والالتقاء بعينات حالمة ولكنها ارتبطت مع الدوائر الخارجية ، وتوكلت بمهام محلية لتفكيك الطليعة أو الطلائع ، أو استثمار ( سكرابها ) ..

فتكون اللقاءات الساهرة ، التي تنعش حالة قبول اليائسين وتلذذهم بفكرة أن ينخرطوا في الأجواء الجديدة ، ويتم التعرف عليهم عن قرب ، ويتم إجراء مزيد من الاختبارات اللازمة لتوظيفهم بالمشروع القادم ..

وقد تساعد أجواء البلاد ، في التعجيل في (إنضاج ) وضعهم ما قبل الانخراط في العمل الخارجي ، وذلك يتم من خلال :

1 ـ كثرة الحديث عن أمثال هؤلاء من قبل الدولة و أبواقها ، مما يحسسهم بجو من التهديد المبطن الذي يحفزهم لطلب الخروج من البلاد .
2 ـ مصادفة أن يكون هناك أذى لأمثال هؤلاء من أجهزة الدولة ، فيقوم أحدهم من باب الاحتياط أن يفكر بالهجرة أو الخروج ، مستشعرا خطرا قد يكون وهميا أو حقيقيا ..
3 ـ وصول إشارات من الخارج ممن يشبه وضعهم وضع هؤلاء ، وقد تكون تلك الإشارات أتت بالتنسيق مع الدوائر الخارجية عن قصد ..

يتم مغادرة البلاد ، بشكل طبيعي أحيانا ، وشكل غير طبيعي ، برشوة أو تزوير وثائق ، والحالة الأخيرة تعجل من تصنيف هؤلاء ضمن اللاجئين السياسيين .

يتم في الخارج اللقاء بأصناف من أبناء بلد المهاجر ويكونوا ضمن الأصناف التالية :

1 ـ صنف يترحم على حكم ما قبل الحكم الذي خرج في عهده ، وقد يكون فقد أملاكا أو مركزا سلطويا أو أنه أصبح مطلوبا بحكم التغيير السياسي .

2 ـ صنف الهاربين من التجنيد أو المطلوبين لجنح مدنية أو غيرها ..

3 ـ صنف قد يكون معارضا ، كسمة دائمة ، مهما تغيرت أنواع الحكومات ، واستمرأ وضعه بالخارج ، وفلسف وجوده هناك على هامش تلك الحالة ..

هنا يبدأ تكييف وضع المهاجر الجديد مع كل هؤلاء ، فيما لو كانوا يأتمرون بأمر جهة واحدة .. فلا بد من تغيير شعاراته ، والتي قد يكون أحدها معارضته فيما مضى للدولة التي أصبح بضيافتها ..

إن الجهات الخارجية في وضع كهذا ، يصبح كوضع تجنيد (الحشاشين ) الذين ظهروا بالقرون الوسطى ، أو في أحسن الأحوال كفرق ( الإنكشاريين ) .. ولكن ليس لخدمة بلادهم ، بل لخدمة أعداء بلادهم .
__________________
ابن حوران