عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 05-07-2004, 11:53 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post الفاضل مساهم

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
الحَمْدُ لِلَّهِ َربِّ العَالمِين وَلاَ عُدوَان إلاَّ على الظَّالمِين وصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ سَيِّدِ المُرْسَلِين وإمَام المُتَّقِين وَ عَلَى آلِهِ الأَطْهَارَ الطَّيبِينَ،
وَ رَ ضِيَ اللَّهُ عَنْ صَحابَتِهِ أَجْمَعِنَ والأَوْلِيَاءِ و الصَّالِحِين َ و مَنْ تَبِِعَهُم بِإِحْسَانٍ إلى يَوْم الدِّين .

***-***
إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة مساهم
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً أشكرك أخي صلاح الدين على موضوعك القيم والمعبر فعلاً .. وأسأل الله أن يرفع الضراء عن أمتنا الإسلامية الأمة الواحدة التي أعزها الله بالإسلام وإن ابتغت العزة بغيره أذلها الله .. أسأل الله أن يعاملنا بعفوه وإحسانه وأن لا يحرمنا خير ما عنده بسبب ما عندنا ..
لكن أخي صلاح الدين لدي سؤال ..
هل ترى أن اختلاف المذاهب والملل هي سبب تفرقنا .؟
أم .. ماذا ؟
لماذا افترق المسلمون ؟

أولا - مرحبا بك أخي الفاضل مساهم ،
و جزاك الله خيرا على تلبية النداء ، ولا أملك إلا أن أؤمن على دعاكم الصالح بكشف الضر عن أمتنا الحبيبة التي تداعى عليها الأمم كما يتداعى الأكلة على القصعة !!!

ثانيا - أما عن سؤالكم أيها الأخ الكريم ، فلا آتي بجديد عندما أؤكد لك أنه من أخطر الأسئلة التي تطرح نفسها على كل مهتم صادق و وفي بقضايا أمته ،
حيث أن أسباب التفرقة يعود عودا جدليا إلى السؤال الأخطر و الذي كان مدار فكر ما اصطلح على تسميته برجال عصر النهضة ، هذا العصر الذي لم يعمر طويلا و كان من رواده رجال أمثال جمال الدين الأفغاني و محمد عبده والكواكبي و قاسم أمين و علي عبد الرازق و قاسم أمين
و خيرالدين التونسي و غيرهم كثير ...
كان السؤال آنذاك و لازال مطروحا : لماذا تأخرت و تقهقرت الأمة و تقدم العدو ؟؟؟
و الحديث هنا يطول و يطول أخي الحبيب مساهم ، و لكن في ما يتعلق بسؤالكم المحدد حول أسباب تفرق المسلمون و هل أن إختلاف المذاهب و الملل هي سبب هذا التفرق ؟ ...
أستطيع أن أقول لكم وجهة رأيي الخاصة و بتركيز شديد :أن وجود العديد من المذاهب و الملل بمعنى الفرق لم يكن في وقت قوة الأمة عنصر تفرق و ضعف ، بل لعل العكس هو الصحيح .
فالإختلاف بين هذه المذاهب هو نتيجة لثراء الفكر و حرية الإجتهاد إزاء التحديات الكبرى التي عاشتها الأمة طيلة تاريخها .
الإختلاف في الإجتهاد يا أخي مساهم هو إن شئت سنة إلاهية و لن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا ، يقول تعالى { و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } و العديد العديد من الآيات التي تقيم الدليل على أن الإختلاف مشيئة إلاهية في خلقه .
إذن ، فالأختلاف في حد ذاته شيء طبيعي أو إن شئت قلت هو سنة إلاهية جارية إلى قيام الساعة ، و هذا الإختلاف إذا ما فُهم و مورس في إطار صحيح ،فإنه يكون عنصر قوة و وحدة للأمة يا أخي .
أما إذا لم يُفهم و لم نسلم به كسنة إلاهية عادلة ، نكون قد ظلمنا أنفسنا بتحدينا للمشيئة الإلاهية . و ساعتها سيسعى كل صاحب مذهب و فرقة إلى إدخال كل من يختلف معه في دوائر العداوة
و البغضاء و التخوين و التشهير و التكفير و التبديع و هلم جرا ..
و ساعتها نكون قد سقطنا في عدم فهم حقيقة الإختلاف ، و عوض أن نجعل منه عنصر قوة ...نجعله قنابل موقوتة و خناجر مسمومة و رماح مشرعة لكل من يخالفنا الرأي ...و ساعتها يذهب ريحنا و نفشل على حد التعبير القرآني الكريم .
..و ساعتها نكون قد أسأنا إستعمال الإختلاف و حملناه مسؤولية تفرقنا و تشتتنا و العياذ بالله .
فإختلاف المذاهب إذا ما فهم كما فهمه أسلافنا و علمائنا و ضربوا في ذلك أروع الأمثلة للإنسانية قاطبة و ذلك بإحترام الواحد منهم للرأي الإجتهادي المخالف ...و الإنصات له و محاورته بالتي هي أحسن ...
و عدم التعصب له ...
و يعذر كل واحد منهم الآخر .
أنظر رحمك الله الآن و الأمة تعيش عصرا لا تحسد عليه من التشرذم
و التخلف ، انظر كيف يقتتل الناس لأختلاف المذاهب و الفرق و الآراء
و الإجتهادات .
فالكل يدعي إمتلاكه للحقيقة و الكل يرمي الآخر بالجهل و التقصير
و عدم الفهم ...هذا هو المنطق الفرعوني الذي أشار إليه الحق تبارك
و تعالى في الذكر الحكيم على لسان فرعون << و ما أريكم إلا ما أرى >> .
أما المنطق المحمدي الصحيح الذي يجب أن نتأسى به فهو قوله تعالى لحبيبه صلى الله عليه و على آله و سلم << و قل ربي زدني علما >>
و قوله تعالى له << و فوق كل ذي علم عليم >>
و قوله تبارك و تعالى له عليه الصلاة و السلام << أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين>>
و قوله عز من قائل :<< ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء >>
و غيرها من الآيات التي لا أستحضرها الآن .

أما لماذا افترق المسلمون ؟؟؟
فإن كنت تقصد بإفتراق المسلمين ضعفهم و تناحرهم و ذهاب ريحهم ،فلعل الإجابة موجودة في حديث خير البشر عليه الصلاة و السلام حين أعلمنا بأنه يأتي يوم على الأمة تفعل فيها بقية الأمم ما تفعله فينا الآن بالضبط ، و لا من قلة عددية و مادية فينا ...و لكن لما أصابنا من وهن .
سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله عليه الصلاة و السلام :
<< و ما الوهن يا رسول الله ؟ >>
فأجابهم بأبي هو و أمي : حب الدنيا و كراهية الموت .


و الحديث يطول يا أخي مساهم و لكن ليس هناك من تعقيب على كلام رسول الله الذي لا ينطق على الهوى - حب الدنيا و كراهية الموت -

صدق رسول الله الصادق الوعد الأمين .

و شكرا جزيلا لمروركم العاطر ،
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .