الموضوع: الإنتهازيـة
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 07-04-2007, 03:32 PM
Orkida Orkida غير متصل
رنـا
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 4,254
إفتراضي مكيافيللي صاحب مبدأ الانتهازية

ما بعد مكيافيلي


يُعتبر مكيافيلي بلا شك مؤسس مدرسة التنظير السياسي الواقعي حينما فصل بين السياسة والأخلاق مخالفاً بذلك أرسطو القائل في كتاب "السياسة": "لما كانت الدولة، كل دولة، نوعاً من المشاركة، وكانت كل مشاركة تتم للوصول إلى النفع والخير - إذ أن المفروض من كل عمل أن ينتهي إلى خير - فإن من الواضح أن بالنظر لكونه الخير هدف جميع المشاركات فإن الخير الأسمى، في أرفع رتبه، هو هدف تلك المشاركة السامية، التي تضم كل ما عداها، أو بكلمة أصح، الدولة أو المشاركة السياسية." ويلخص أرسطو الشروط التي يجب أن تتوفر في من يملك السيادة المطلقة:
•الإخلاص لنظام الدولة
•الكفاءة لأداء مهام وظائفهم
•الفضيلة والعدالة، في المعنى الذي يتفق مع نظام الدولة
وعن أفضل السبل للمحافظة على الدولة يشدد أرسطو على أن الواجب هو تعليم المواطنين على روحية الدولة إذ بدونها لا يكون لهذه القوانين المفروضة لحماية الدولة والمجتمع أي قيمة (وهي ما يُعتبر صورة مبكرة لأفكار جان جاك روسو في العقد الاجتماعي).
أما مكيافيلي فيختلف مع أرسطو في أن كيف أن البشر والحاكم لا يُهدفون إلى النفع والخير، فيقول في الباب السابع عشر من الأمير: "من الواجب أن يخشاك الناس وأن يحبوك، ولما كان من العسير الجمع بين الأمرين فالأفضل أن يخشوك على أن يحبوك، هذا إذا ما توجب عليك الاختيار بينهما، وقد يقال عن الناس بصورة عامة، أنهم ناكرون للجميل، متقلبون، مراؤون ميالون إلى تجنب الأخطار وشديدو الطمع. وهم إلى جانبك طالما أنك تفيدهم، فيبذلون لك دماءهم وحياتهم وأطفالهم وكل ما يملكون كما سبق لي أن قلت، طالما أن الحاجة بعيدة نائية، ولكنها عندما تدنو يثورون، ومصير الأمير الذي يركن إلى وعودوهم دون اتخاذ أي استعداد هو الدمار والخراب. إذ أن الصداقة التي تقوم على أساس الشراء، لا على أساس نبل الروح وعظمتها هي صداقة زائفة تُشترى بالمال ولا تكون أمينة موثوقة، وهي عرضة لأن لا تجدها في خدمتك في أول مناسبة. ولا يتردد الناس في الإساءة إلى ذلك الذي يجعل من نفسه محبوباً بقدر ترددهم الإساءة إلى من يخافونه، إذ أن الحب يرتبط بسلسلة من الإلتزام التي قد تتحطم، بالنظر إلى أنانية الناس، عندما يخدم تحطيمها مصالحهم، بينما يرتكز الخوف على الخشية من العقاب وهي خشية قلما تُمنى بالفشل."
وفي دراسة لأرنستو لاندي عن مكيافيلي نراه يقول: "كان مكيافيلي واقعياً بمعنى أنه شدد دوماً على ما اعتبره حقائق عن الطبيعة الإنسانية والمجتمعات السياسية مهما ابتعدت هذه الحقائق عن الخلق. وأن ميوله الجمهورية لم تكن محاكاة لذلك المجتمع السياسي المركانتلي الذي كان يراه في فينيسيا، على النقيضذلك كانت ميوله تنبع من رعبة في إحياء نمط جمهوري استهواه عند قراءته كتب التاريخ لا سيما تاريخ روما القديم. وكان مكيافيليمفكراً سياسياً مبكراً، وقد قام اعتقاده على أن قواعد السلوك الإنساني يمكن استنباطها من الاختبار، آملاً استخدام هذه العبر لأغراض نبيلة مثل خلق جمهورية في إيطاليا المعاصرة تحاكي روما القديمة في مجدها." إلا أن مكيافيلي على ما أراد إعادة خلق هذا النظام في إيطاليا فقد تراءا له استحالة ذلك لا سيما في عصره.
اعتبر مكيافيلي أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة والعمل توسيع نفوذها، وهذا لا يتم بوجود وازع ديني أو أخلاقي، حيث الغاية تُبرر الوسيلة. ولهذا فقد أُعجب مكيافيلي بالحكام الذين توسع سلطانهم غير آبهين بأي رادعٍ كان، ولذا قال دوفرجيه عندما قارن بينا أرسطو ومكيافيلي: "لقد أوجد أرسطو الركن الأول ف علم السياسة وهو اعتماد منهج الاستقراء والملاحظة، وأوجد مكيافيلي الركن الثاني، وهو المنهج الموضوعي المُجرد من الاهتمامات الأخلاقية." ولكن شدد مكيافيلي مع هذا أن الدولة القوية تقوم على وازعٍ أخلاقي، وإن استخدم الحاكم الوسائل المنافية للأخلاق للوصول لأهدافه. حيث أكد مكيافيلي أن ولاء المواطن مُرتبط بمقدار خدمته للمجتمع.
ومع هذا فلا يزال مكيافيلي معتقداً بسوء نوايا البشر، وأنهم غالباً ما يركنون إلى الراحة والدعة والتملك بأقل قدر من الخسائر، سواء كانوا مواطنين وحكام، ولذا أوجدت الدولة والحكومات والقوانين، وهي للحد من نفوذهم. ولذا يقول فرانسيس بيكون: "لقد تناول مكيافيلي الناس كما هم، لا كما يجب أن يكونوا."





يتبع ..
__________________

لا تُجادل الأحمـق..فقد يُخطـئ الناس في التفريـق بينكمـا
الرد مع إقتباس