نبضات متوقفة
بين الوهم والحقيقة هناك خيط صغير
قد يكون من القوة بمكان ليحافظ على مسافة ثابتة بين الجانبين
ولكنه في الواقع أوهن من خيوط بيت العنكبوت
سرعان ما ينهار عند أول نسمة ( عاصفة ) تمر
لتظهر لنا حقيقة الوهم الكبير
وليبقى لنا من الوهم حقيقته
وتلك ليست إحدى صور التشاؤم
وبالتأكيد ليست صنفٌ من أصناف التفاؤل
ولكنها قد تكون جزءا من أجزاء ( التشاؤل )
ذلك المصطلح الذي يجمع بين المتناقضين
في زمن صار فيه ( الخلط ) ضرورة
وأصبحت فيه ( الضبابية ) مطلبا
وبين هذا وذاك .. ينبع في الأفق ضياء
ينير لنا تلك الدروب ( المعتمة )
فنتبين الدرب دون أن نراه
وتتسارع الخطى فيه لنصل إلى منتهاه
وقد نتعثر أثناء المسير فنقع
وقد يحالفنا الحظ فنصل إلى القمة ونرتفع
ومشيئة الله قبل ذلك وبعده
وبين الوقوع والارتفاع تكون المعاناة
معاناة مع النفس
ومعاناة مع الواقع
ومعاناة مع الشواهد
ومعاناة مع المحيطين بك
ومعاناة مع الحقيقة
كل ذلك يمر عليك وأنت تعتقد أنك تعيش اليقظة
وأن ما تقوم به هو الحقيقة المطلقة
ولكن سرعان ما تصاب بالحسرة والأسى
عندما تتأكد أنك كنت تعيش في أحلام ( الوهم )
أو لنقل في وهم ( الأحلام )
ولا أجد فرقا بين الاثنتين
فهما لا علاقة لهما بالحقيقة مطلقا
لأن الحقيقة غير ذلك
فقد صارت أرضها جدباء ممحلة
وجفت الينابيع منها
وماتت فيها الأشجار بعد أن هجرتها الطيور
حتى غدت صحراء قاحلة
لا تسمع فيها إلا عواء الذئاب الجائعة
أو صفير الرياح القادمة
أو فحيح الأفاعي السامة
فأنت فيها تعيش بين تموجات الرمال
لا تستطيع أن تستبين موضع قدمك فيها
ولا تعرف في ليلها البهيم اتجاهك
فتسير فيها هائما على غير دهى
فلا غاية هناك تنشدها لتصل إليها
ولا واقع يساعدك على أن تعيش فيها وتتعايش معها
وتجد أن لبيت الشاعر ( معنى ) حين قال :-
يا الله عسى ما تكره النفس خِيره = يا والي الدنيا عليك التدابير
فقط عندها ترفع يديك إلى السماء
وتقول
( حسبنا الله ونعم الوكيل )