عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 04-09-2002, 12:10 PM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي نظرات نقدية في كتاب بوشكين والقرآن

http://www.awu-dam.org/alesbouh%2080...isb822-008.htm
نظرات نقدية في كتاب بوشكين والقرآن ـــ عبد اللطيف محرز

تعود معرفتي بالأديب مالك صقور إلى عام (1960)م عندما كان تلميذاً في مدرسة قريته الابتدائية، وكنت معلماً لهذه المدرسة. وأنتقلُ إلى مدرسة أخرى وتدور الأيام.
-وفي عام 1970م وبينما كنت أتجول في الساحة الحمراء في موسكو؛ أفاجأ به وهو يندفع نحوي مبتهجاً مسلماً، وكان لقاء جميلاً. كان يتابع دراسته الأكاديمية في جامعة موسكو، وكنت في دورة تخصصية هناك. ولم يدر بخلد أحد منا بأننا بعد أن نعود من عاصمة أول دولة اشتراكية بتوجهاتها الإلحادية، سيقوم كل منا بنشر كتاب عن القرآن الكريم.
-لقد صدر كتابي (الإنسان في ظلال القرآن) عن اتحاد الكتاب العرب 1996م وصدر كتابه (بوشكين والقرآن) عن دار الحارث –دمشق 2001م. وهاهو كتابه أمامي. فماذا يمكنني أن أقول فيه بعد أن قرأته أكثر من مرة؟!! سأعمد إلى تلخيص مضمونه للقارئ أولاً، وأبدي حوله بعض الملاحظات النقدية ثانياً. ثم أقدم بعض المقترحات لتطويره في طبعاته القادمة ثالثاً.
أولاً: الكتاب يتالف من توطئة ومقدمة وسبعة فصول وخاتمة.
في التوطئة: يقول بأنه عندما كان طالباً في المرحلة الإعدادية قرأ في كتاب:
(الإمام علي- صوت العدالة الإنسانية) للأديب اللبناني جورج جرادق ما يلي: [وما يقال في المسيح ومحمد يقال في سقراط وغاليليو وفولتير وتولستوي وبوشكين وغوركي وروسو وبرناردشو وغاندي ومن إليهم من أعلام التاريخ الإنساني]. وراح يسأل أستاذته عن هذه الأسماء، وتمكن أن يعرف شيئاً ما عن كل منها، إلاّ عن ذلك الـ (بوشكين) فقد ظل سؤالاً غامضاً في ذهنه.
-ويذهب إلى موسكو طالباً وهناك يعرف بأن بوشكين هو أشهر شعراء روسيا على الإطلاق، وتقع في يديه مصادفة، نص رسالة من بوشكين إلى أحد أصدقائه وفيها يقول: [كنت مضطراً للهروب من مكة إلى المدينة، وقرآني تخاطفته الأيدي، والمؤمنون بانتظاره]. فيستغرب هذا ويرجع إلى سيرة بوشكين. فيعرف أنه كان شاعراً معادياً للقيصرية، نفي إلى الجنوب أولاً ثم نقل إلى قرية نائية في الشمال وهناك قرأ ترجمة القرآن فأعجب به وعاش في ظلاله، ومن هناك كتب رسالته المذكورة، مشبهاً نفسه بالرسول، وشعره الثوري بالقرآن، وأصدقاءه المعارضين للقيصر بالمؤمنين.
-وراح صديقنا مالك ينقب في المؤلفات الكاملة لبوشكين فإذا به يعثر على قصيدة طويلة من تسعة مقاطع بعنوان (محاكاة القرآن). وقصيدة أخرى بعنوان (النبي). فيقرر أن تكون رسالة تخرجه بعنوان (تأثير القرآن على بوشكين) ويعرض الأمر على الدكتور المختص فيوافق أن يكون مشرفه العلمي في هذا البحث المبتكر ولكنه اشترط تغيير العنوان فهو يرى أن هناك شيئاً ما عن العرب والإسلام والقرآن عند بوشكين ولكن لا تأثير. ويصبح العنوان( الموضوعة العربية في إبداع بوشكين. وينهي مالك موضوع تخرجه هذا بكل نجاح. وتنام الدراسة طويلاً في مكتبته ليخرجها علينا الآن –مشكوراً- في هذا الكتاب.
وفي المقدمة: يشير المؤلف إلى افتقار المكتبة العربية لأعمال بوشكين الإبداعية، ويقول عن بوشكين بأنه [شاعر الحرية، ألمعي الذكاء والموهبة، إنساني النزعة، تقدمي الفكر، واقعي الاتجاه، ثوري العقيدة، موسوعي المعرفة]. ويبرز اهتمام بوشكين بالقرآن وإعجابه بسيرة النبي العربي محمد (ص). ويعلن بأن هذه الدراسة المعروضة تندرج في باب الأدب المقارن، وبعد أن يوضح مدلول هذا الأدب المقارن ويلخص محتويات كل فصل من كتابه، يقول منوهاً بدراسته مايلي: [إن هذه الدراسة تعد واحدة من أولى المحاولات التي تناولت قصيدة بوشكين (محاكاة القرآن) بالتفصيل من خلال دراسة مقارنة تطبيقية، من باحث (عربي) على دراية بالأصل الذي تم الاقتباس عنه].
الفصل الأول: يعرض العلاقات التاريخية بين روسيا والعرب منذ الفتوحات الإسلامية وعصر الخلافة العربية. علاقات تجارية واكتشاف نقود عربية قديمة في المدن الروسية. كلمات عربية في اللغة الروسية- الحجاج الروس المسيحيون إلى فلسطين- مؤرخو الاستشراق الروسي- زيادة اهتمام روسيا بالمشرق العربي زمن بطرس الأول- اهتمامات ثقافية وسياسية- ترجمة القرآن إلى الروسية، مقالات وأبحاث عن العرب والإسلام –قسم اللغات الشرقية في الجامعات الروسية حيث احتلت اللغة العربية مركز الصدارة- الاهتمام بالمخطوطات العربية- ترجمة بعض الكتب العربية إلى الروسية- كتاب بالروسية عن سورية وفلسطين تحت الهيمنة التركية- ظهور أشعار روسية بروح شرقية وعربية.
الفصل الثاني: يستعرض الموضوعات العربية في إبداع بوشكين الذي قرأ كل ما يصل إلى روسيا عن العرب والإسلام، والذي حاول أن يتعلم اللغة العربية.
وعندما نفي إلى الجنوب عاش بين الشعوب الإسلامية في القفقاس وتأثر بالثقافة العربية الإسلامية، وظهر ذلك في العديد من قصائده. وقد زار بوشكين أرضروم في تركيا وهجا استانبول على لسان أحد الأتراك، ومن العجيب أن ما وصف به استانبول آنذاك ينطبق على وضع تركيا في هذه الأيام: [اسطنبول انحرفت عن طريق النبي- عكّرها الغرب المخادع- خانت السيف- صارت تشرب الخمرة في أوقات الصلاة].
وتبرز قصيدة (النبي) قصيدة هامة تعكس تأثر بوشكين بالقرآن وسيرة النبي محمد (ص): [عذبني عطش الروح، وأنا منبوذ في صحراء مقفرة- الملاك ذو الأجنحة الستة ظهر لي، وبأصابع خفيفة كما في حلم مسح على عيني فانفتحت مقلتاي إلى الأعلى، ولمس أذنيَّ أيضاً فأصغيت إلى اهتزاز السماء، وحركة أعماق البحار، ونمو أوراق الصفصاف. وبسيف شق صدري وانتزع قلبي المرتعش، ووضع في صدري المنشق جذوة نار ملتهبة. وجاءني صوت الرب: انهض أيها النبي والهب بفعلك قلوب الناس].
الفصل الثالث: يترجم المؤلف في هذا الفصل قصيدة بوشكين (محاكاة القرآن) بمقاطعها التسعة، ويقابل مقاطع القصيدة بالآيات القرآنية المقتبسة حرفياً أو فكرة أو روحاً، ويصور الحالة الثورية التي كان يعيشها الشاعر حين كتابتها. وسألخص للقارئ بعضاً من مقاطعها كما يلي:
1ً-[أقسم بالشفع والوتر، أقسم بنجمة الصبح، أقسم بصلاة العصر] ويأتي جواب القسم [كلا أنا ما تركتك، فعلى من أنزلت رحمتي وحمايتي يوم المطاردة الصعبة] ويؤكد على جواب القسم [أما وهبتك لساناً فصيحاً، وعقلاً راجحاً. فكن رجلاً شجاعاً، اتبع الحقيقة، أحبب اليتامى، وبشّر بالأفكار الثمينة].
2ً-[يا نساء النبي الطاهرات. مرعب لكُنّ حتى ظل الخطيئة، عشنَ بتواضع. وأنتم يا ضيوف محمد، لا تزعجوا النبي، ولا تعكروا دنياه، كلوا من مائدته، وانصرفوا محترمين، ولا تسيئوا إلى زوجاته].
3ً-[عبس النبي وامتعض لسماعه اقتراب الأعمى –بشّر بآيات القرآن بهدوء ولا تُكره الكافرين- لماذا يتكبر الإنسان؟ ألم يعلم بأن الله يميته وإن يشاء يبعثه، وأن السماء تحفظ أيامه الحلوة والمرة، أما أعطاه من كل الثمرات؟. –وينفخ الملاك في البوق مرتين، فيهرب الأخ من أخيه، والابن من أمه، ويخضع الجميع لله، ويسقط الكافرون ممسوخين من الرعب معفرة وجوههم باللهب والتراب].
4ً-[معك أيها القوي القديم، جبار يمتلئ بجنون العظمة، ولكنك أيها الرب أذللت كبرياءه. يقول: أهب الحياة، وأعاقب بالموت، أنا مثلك أيها الرب. لكنك تبدل الخطيئة بالثناء بكلماتك الساخطة: أنا آتي بالشمس من الشرق فأت بها من الغرب].
5ً-[السماء قباب، تمسكها أيها الخالق، أشعلت الشمس للدنيا كلها، عمَّ نورك السماء والأرض، كشجرة مباركة تمتلئ بالزيت، تشع في مصباح –هو الرحيم على محمد، أنزل القرآن المقدس، بترتيله نقلنا إلى النور].
6ً-[رأيتكم في المنام حالقي الرؤوس والسيوف مدمّاة. استجيبوا للدعوة الحارة يا أبناء الصحراء؛ لكم المجد لأنكم انتصرتم. اقتسموا غنائم الحرب واهزؤوا من ضعاف النفوس لأنهم لم يلبوا نداء الواجب، ولم يصدقوا الرؤيا العظيمة، يقتلهم الندم، يصرخون: خذونا معكم، ولكن قولوا لهم: لن نأخذكم. –الذين استشهدوا في المعركة سعداء، هم الآن في جنة الخلد].
7ً-[بالصلاة الروحية أبعد أيها النبي الأفكار الحزينة والرؤى المخادعة. صلِّ حتى الصباح واقرأ بخشوع الكتاب السماويّ].
8ً-[لا تعط هباتك بيد شحيحة لأن السماء ملأى بالجود والكرم. يا ناثر الخير أعمالك ستعود إليك. إن سخّرتها في خدمة المال وكسبه، أو أعطيت فقيراً صدقة قليلة؛ تقبض بكفك على اللؤم، وعطاياك حفنة غبار يغسلها المطر الغزير على الحجر فتتلاشى].
9ً-[هرع عابر السبيل المنهك إلى نخلة الصحراء، واستلقى ونام قرب حمارته الأمينة. ومرت عليه أعوام كثيرة، واستيقظ على صوت غير مرئي: كم من الزمن استغرقت في نومك؟ غفوت من الصباح إلى الصباح. لا، يا عابر السبيل، نمت طويلاً، نمت شاباً واستيقظت شيخاً، واهترأت عظام حمارتك. سيطر الحزن على الشيخ وأجهش بالبكاء، ساعتئذ حصلت المعجزة في الصحراء، وانبعث الجديد من القديم، واخضوضرت النخلة
الرد مع إقتباس