عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 21-08-2007, 05:14 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الرغبة الجماهيرية أم الإرادة الجماهيرية

تكون الأحلام باستمرار بلا قيمة فعلية إن لم تتحول لإجراء وتأخذ طريقها للتنفيذ وِفق تصور جماعي يتضمن إرادة فعالة تتلاءم مع حجم الحلم .. فلو سألنا ملايين الشباب عما إذا كانوا يحلمون بإيجاد عمل ومنزل وتكوين أسرة، لما وجدنا بينهم من يعارض تلك الأحلام، بل سيتنهد ليؤكد موافقته من أعماقه، كذلك هم الفقراء الذين يشاهدون برامج سياحية على التلفزيون، سيطير كل منهم محلقا في أحلامه ليحط في جزيرة جميلة شاهدها بالتلفزيون أو يركب سيارة فخمة أو يرتدي ملابس كالتي تعرضها محلات الملابس أو يرتديها ممثلون وإذاعيون .. بل يحلم كل مشتهي من العزاب أن تكون له زوجة كتلك التي تطل بابتسامتها المشرقة على المشاهدين ..

حسنا، لكن هل كل الأحلام بلا قيمة، ولا يمكن تحقيقها؟ أم أن الحلم مرحلة هامة وأساسية لعمل عظيم؟ .. فالإمبراطوريات والمشاريع النهضوية والاختراعات والمصانع والشوارع، كلها بدأت بحلم، في وقت الصحوة وليس في المنام. صحيح أن كثيرا من الأحلام لم ولن يتحقق، ولكن ليس هناك مشروع ضخم لم يبدأ بحلم..

في عام 1992 قام مجموعة من الباحثين الأردنيين بدراسة استطلاعية*1 حول موضوع الوحدة العربية من وجهة نظر المثقفين العرب، وبشكل ميداني، ومن يعيد الاطلاع على تلك الدراسة بعد مرور خمسة عشر عاما، سيجد الكثير مما نشير إليه حول موضوع الحلم وإمكانية تحقيقه!

صحيح أن العينة التي شملتها الدراسة الميدانية لم تكن عينة ممثلة تمثيلا حقيقيا للمجتمع العربي، فقد كان 60% منها من الأردنيين والفلسطينيين حيث بلغ عددهم 608 أشخاص .. وعلى وجه التحديد كانت العينة تمثل (الأردن 399 ، فلسطين 209، سوريا 130، العراق80، مصر70، عُمان 50، اليمن 39، لبنان10، المغرب10 )
ومن ناحية التوزيع المهني (أستاذ جامعة198، طالب دراسات عليا100، طبيب 105، مهندس104، كاتب 15، أعمال خاصة385، أخرى غير محددة90)
ومن حيث الأعمار(أقل من 24(37)، من 25ـ34(299)، من 35ـ44(301)، 45ـ54(210)، 55ـ64(100)، أكبر من65سنة(50).

وكانت الإجابات على الأسئلة كالآتي:

السؤال الأول: هل ترغب بتحقيق الوحدة بين الدول العربية (نعم98ـ لا 2)
السؤال الثاني: هل تعتقد أن الوحدة العربية ستتحقق فعلا؟(نعم68 ـ لا 32)
السؤال الثالث: هل تعتقد أن الوحدة ستتحقق من خلال القوة؟48 أم الشورى والديمقراطية 52%.
السؤال الرابع :هل تعتقد أن مجالس التعاون العربية تشكل بديلا عن الوحدة العربية؟ نعم 5% ولا 95%
السؤال الخامس : هل تعتقد أن الجامعة العربية تشكل بديلا عن الوحدة العربية؟
نعم 8% و لا 92%
السؤال السادس: هل تعتقد بإمكانية قيام الوحدة العربية في ظل النظام العالمي الجديد؟ نعم 3% لا 95% لا أعلم 2%
السؤال السابع: هل تعتقد أن أسباب عدم تحقيق الوحدة العربية يعود لِ:
*تضارب المصالح السياسية العربية32%
*فروق ناتجة عن وجود عرب أغنياء وآخرين فقراء 10%
*وجود النفط 20%
*النزعة الإقليمية التي تكرست في العقود الأخيرة 10%
*كل ما ذكر 28%
السؤال الثامن: هل تعتقد أن الأصولية الدينية تشكل عائقا أمام الوحدة العربية؟
نعم : 16.5% .. لا : 83.5%
السؤال التاسع: هل تعتقد أن الأحزاب القومية العربية التي نشطت على الساحة العربية في السنوات الماضية كانت من عوامل تقارب العرب أم تباعدهم؟
تباعدهم : 85.1% .. تقاربهم 14.9%
السؤال العاشر: هل تعتقد أن الأحزاب الوطنية (المحددة في مجال عملها داخل القطر الواحد) قادرة على صياغة فكر وحدوي قابل لتحقيق الوحدة العربية؟
نعم: 69% .. لا: 31% [ الإجابة على هذا السؤال تأثرت بأعداد الأردنيين والفلسطينيين].
السؤال الحادي عشر: هل تعتقد أن الدولة القطرية قادرة على مجابهة المخاطر التي تهدد كيانها (إن وجدت هذه المخاطر؟) نعم:6% .. لا 94%
السؤال الثاني عشر: إذا كانت مصادر الخطر التالية تشكل تهديدا للدولة القطرية فما درجة الخطر باعتقادك؟ طلب من الشخص أن يضع أعلى درجة 10 نقاط
*اجتياح عسكري إسرائيلي أو قلاقل تثيرها إسرائيل 7.8 نقطة
*اجتياح عسكري غربي أو قلاقل يثيرها الغرب 7.9 نقطة
*الاستيلاء على موارد المياه والطاقة 7.9 نقطة
*حصار اقتصادي يشمل على السلاح والغذاء 6.4 نقطة
*انفجار اجتماعي (صراع طبقي) 7.0 نقطة
*المديونية الخارجية 7.1 نقطة
* التكتلات السياسية والاقتصادية والعالمية 6.9 نقطة

لن نطيل الشرح على تلك المقتطفات من الدراسة الميدانية، تاركين المجال للقارئ أن يتأمل ما جاء فيها مستفيدا من الخمس عشرة سنة التي تفصلنا عن تاريخ تلك الدراسة وما حدث خلالها من أحداث، ابتداء من الحصار على العراق ومؤتمرات السلام والتسوية وأوسلو والانتفاضة ومقتل رابين وانتصار المقاومة في لبنان واحتلال أفغانستان والعراق والعدوان على لبنان .. وغيرها من الأحداث الجسام وتطور القوانين .. ولو أجريت تلك الدراسة اليوم وفي أقطار عربية أخرى، فهل ستتغير النتيجة كثيرا؟ أم تبقى الأحلام منتعشة تبحث عن إرادة قوية لترجمة تفصيلاتها؟

هوامش
ـــ
*1ـ دراسة قام بها فريق ترأسه الدكتور عبد الرزاق بني هاني مدير مركز الدراسات الأردنية في جامعة اليرموك، تم تمويلها من مركز الدراسات الأردنية، وساعده فيها مجموعة من الباحثين منهم محمد جهاد الشريدة ومحمد الروابدة وعزت حجاب و محمد الهزايمة .. تم نشرها في مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية/بيروت/ العدد164/ شهر10/1992
__________________
ابن حوران