عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 02-03-2006, 12:16 AM
noor35 noor35 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 30
إفتراضي تفجير المرقد : ماهي الاهداف الستراتيجية الامريكية - الايرانية؟

تفجير المرقد : ماهي الاهداف الستراتيجية الامريكية - الايرانية؟
صلاح المختار
سيسجل التاريخ ان الغباء والبغاء الايرانيين ، في ان واحد ، كانا وراء استخدام امريكا واسرائيل لايران في تنفيذ مخطط دفع المنطقة والعالم الاسلامي ليقع في فرن الحروب الطائفية – الاثنية ، خدمة للمخطط الصهيو- امريكي ، وهي تعتقد ، أي ايران ، بانها تنفذ مخططها هي . ان الذي يتابع ما جرى في العراق ، منذ الغزو الامريكي بشكل عام وتفجير مرقد الامام علي الهادي عليه السلام بشكل خاص ، سيرى ايران تلعب الدور الاخطر في تنفيذ المخطط الصهيو- امريكي في العراق وفي المنطقة ، مباشرا او بواسطة عملاءها المتخفين غالبا تحت عمائم سود تلقي برقع الطائفية فوق العمالة لتخفيه ، والقائم على تفتيتها طائفيا واثنيا ، طبقا لما كتبه الاسرائيلي عوديد ينون في مقالته الشهيرة ( ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينات ) . ان الغباء الايراني يتجسد في انها لا تعرف ، او تعرف لكنها تعتقد بانها قادرة على المناورة مع امريكا ، بان مصيرها كدولة موحدة مرتبط بمصير العراق كدولة واحدة ، ومن ثم ، فان عملها على تقسيم العراق ليس سوى طريق مفتوح لانتحارها المحتوم بسم التقسيم العرقي - الطائفي . اما بغاءها فهو واضح تماما في قبولها تنفيذ الجزء الاخطر في مخطط امريكا وهوغزو العراق وتفتيته ونهبه واعادته الى ما قبل عصر الصناعة ، مع انها تتاجر بادعاء انها دولة اسلامية !

ان قيام عملاء ايران ، وباوامر منها ، بتفجير مرقد الامام الهادي ، كما اثبتت اعترافات عميلها ابراهيم اشيقر رئيس وزراء حكومة الدمى في بغداد ، واكدت كل الوقائع والشهادات التي نشرت حتى الان ، ليس محض خطوة على طريق محاولة تقسيم العراق ، بل هو الخطوة الاكثر درامية ومأساوية ، في حالة نجاحها لاسامح الله ، لان محورها هو قيام العراقي بسفح دم العراقي ، خدمة لاهداف الاحتلال وتمهيدا لخطوات اخطر من تقسيم العراق . علينا الان ان نزيل الغطاء عن الاهداف البعيدة للمخطط الامريكي ، وللمخطط الايراني ، ونحدد طبيعتهما واهدافهما البعيدة كي نرى بانوراما التأمر باوضح صوره ، ومن ثم نقف جميعا سوية ضد هذا المخطط الجهنمي الذي لم تألفه ثقافة الشرق من حيث اشكال التامر الذكي والمموه جدا .

زرع بذور تقسيم العراق

ان اول هدف لعملية تفجير المرقد الشريف هو زرع بذور، اضافية واشد خطورة من البذور التي سبق زرعها ، للاعداد لتقسيم العراق لاحقا وليس الان ، فكل ما حدث منذ الغزو من جرائم قتل ومهاجمة للجوامع والحسينيات ، والتي قام بها عملاء المخابرات الامريكية والايرانية والاسرائيلية ، لم تنجح في زرع بذور الفتنة الطائفية ، وان خلقت بعض اشكال التحسس الطائفي في اوساط محددة ، وذلك لان الشعب العراقي بكافة مكوناته اقوى تماسكا واشد وعيا من ان يقع في الفخ المنصوب لتدميره . وهذه الحقيقة تفرض اعداد مناخ التقسيم تدريجيا وليس بضربة واحدة ، من خلال خلخلة وحدة العراقيين تدريجيا واستهلاك تماسكهم وصبرهم . لذلك فان اللجوء الى تفجير المرقد كان عملية مدروسة بدقة استهدفت تحريك ما لم يتحرك بفعل الجرائم السابقة ، لان المرقد وما يمثله لكل مسلم ، وليس لطائفة معينة فقط ، خط احمر لا يمكن تجاوزه ابدا .

من هنا فان الجريمة كانت صاعقا كبيرا جدا ، اريد به انهاء صبر العراقيين وضبطهم لانفسهم ، من خلال دفع كافة مكونات الشعب للجوء الى خيار الانتحار الذاتي باسم الرد على انتهاك المقدسات . فتفجير المرقد اذن كان هدفه الاساس دفع اوساط عميلة تعمل بغطاء شيعي لمهاجمة السنة والجوامع وقتلهم على الهوية ، بعد ان تقنع هذه الاوساط بان من فجر المرقد هم السنة ، وبذلك تظهر دعوات سنية للثار والانتقام ، فتقوم جماعات عميلة او طائفية بالرد بمهاجمة الحسينيات ، وهكذا تبدأ قيامة الحرب الاهلية المحدودة .

والحرب الاهلية المخطط لها محدودة لان هدفها ليس تقسيم العراق الان بل التمهيد لذلك، بزرع بذور تقسيم اضافية وتراكمية وجعل التعايش مستحيلا بالتراكم الكمي لانتهاكات الرابطة الوطنية . واستنادا لهذا الهدف فان امريكا ، وبعد ان فشلت خيارات القوة المفرطة في تصفية المقاومة او شقها او شق البعث وتوريط سذج منه في علاقات مشبوهة باسم مبادرات تفاوضية غير مرخص بها من قبل القيادة ، اعدت العدة الكاملة لتنفيذ الجزء الاول من الخطة وهو القيام بحملة أبادة فاشية جديدة ، بواسطة عملاء ايران ، لتصفية عراقيين من اهل السنة ، خصوصا في بغداد، ثم ايقاف الحملة بعد ان تؤدي وظيفتها .

ماذا فعلت امريكا ، وماذا فعلت ايران اعدادا لهذه الجريمة ؟ يمكن بسهولة رصد ما فعلته امريكا بتحليل المغزى الحقيقي لتصريحات زلماي خليل زادة ، الملك الامريكي في بغداد ، فهو حينما اطلق تصريحه الاستفزازي ،الذي حذر فيه من تسليم وزارتي الداخلية والدفاع الى عناصر طائفية ، كان يبعث برسالة الى ايران تقول ان عهد هيمنتك على العراق قد انتهى ، ومن ثم ارادت امريكا من ايران ان تقوم برد فعل استباقي لمنع فقدان اعظم مكسب ستراتيجي حصلت عليه في تاريخها ، ربما منذ ظهور الاسلام ، وهو التمتع بنفوذ طاغ في العراق بمساعدة امريكا ووفقا لخطتها ولم تتمتع بمثله حتى في عهد البرامكة في ظل الدولة العباسية ، فاعتقدت ان بامكانها استخدام العراق كرافعة حاسمة لتحقيق حلمها الامبراطوري الفارسي .

من درس خطط الشوفينية الفارسية المعروفة وتعامل معها كرافض لها ليس صعبا عليه اكتشاف ان ايران ، بما حصلت عليه في العراق ، كانت تخطط اولا لترسيخه وادامته ثم الانطلاق منه لتوسيع نفوذها في الوطن العربي، واعادة تشكيل الخارطة الطائفية بجعل التشيع الصفوي اغلبية في العالم الاسلامي ، ليس حبا بالاسلام ، لان النظام الايراني الان وفي ظل الشاه يعمل من مجد فارس في واقع الحال ، تحقيقا لاهم هدف ايراني منذ تدمير العرب المسلمين للامبراطورية الفارسية وهو اعادة اقامة امبراطورية فارسية ولكن متسترة باسم الاسلام الصفوي وليس القومية الفارسية . ان الوثيقة الايرانية المسماة الخطة الخمسينية ، والقائمة على تحويل العالم الاسلامي طائفيا خلال مراحل عشرية متعاقبة تستغرق خمسين عاما ، تؤكد هذا الكلام .

لقد مارست ايران البغاء مع امريكا واسرائيل ، فهي رغم الحرب الكلامية الحادة معهما خدمتهما بصورة رسمية وكاملة ، وتمثل ذلك في فضيحة ايرانجيت وفي المشاركة في غزو العراق وقبله افغانستان ، كل ذلك من اجل تحقيق هذا الحلم الامبراطوري مغامرة بسمعتها التي كونتها عقب اسقاط الشاه وهي انها دولة اسلامية . لذلك فان ما حصلت عليه في العراق عقب غزوه كان تحقيقيا لحلم فارسي قديم فشل تحقيقه في مراحل مختلفة ، خصوصا بعد اسقاط الشاه . وكان الدور العراقي في احباط الحلم الفارسي هذا هو الاهم حيث ان شعار خميني الشوفيني الفارسي الذي اطلق عليه اسم ( تصدير الثورة الاسلامية ) قد دفن في العراق ، وتلك من المفارقات التي تجعل المطمح الشوفيني الايراني يقترن بحقد متجذر ومتطرف على العراق وعلى البعث بصفته الدرع الذي يحمي عروبة العراق والمنطقة كلها .

بدون اخذ الخلفية التي ذكرناها بنظر الاعتبار لن نستطيع تقدير رد الفعل الايراني الحقيقي على تصريح خليل زادة الاستفزازي . لهذا فان اللغم والطعم الذي القاه زادة لايران كان ذكيا جدا ومدروسا جدا ، قامت ايران على اثره بامر عملاءها في العراق ، خصوصا صولاغ وزير الداخلية ، بالعمل فورا لاحباط النية الامريكية بتقليص نفوذها في العراق وأقامة توازن دقيق تصبح فيه ايران خادمة للمخطط الامريكي في العراق وفي المنطقة وليس منافسا لامريكا، كما اخذت تفعل منذ فقدت امريكا الامل في الاستقرار في العراق ، بعد تعاظم المقاومة الوطنية العراقية . واتخذ المخطط الايراني الشكل التالي : تفجير مرقد الامام الهادي لاجل اعادة تحشيد شيعة العراق ، بعد وضعهم امام تحديات خطيرة تقلص خياراتهم الحرة ، لضمان دعم القسم الاكبر منهم للنفوذ الايراني في العراق ، بعد شحن كتلة مهمة بالخوف والحقد الطائفي الذي يضعف الشعور الوطني .

وبالاستناد لهذا الدعم ، الذي قدرت ايران انها ستحصل عليه عقب التفجير، كان مفروضا ان تخلق ايران مشاكل لامريكا في العراق تجبرها ليس فقط على ابقاء النفوذ الايراني بل وعلى التوقف عن تهديد المشروع النووي الايراني . ونفذت هذه الخطة بخطوتين متلازمتين ، الخطوة الاولة اثارة اعمق ما في دواخل قسم من شيعة العراق من غضب وحقد نمي وزرع في السنوات الثلاث الماضية باسم (المظلومية الشيعية) الكاذبة ، وما اقترن به من تنمية مشاعر كاذبة ايضا بان (الشيعة قد استعادوا حقوقهم ) بفضل ( تحرير ) امريكا للعراق ! لذلك صور التفجير بانه محاولة مزدوجة الاهداف ، فهي عمل قصد به اهانة مقدسات الشيعة على نحو لا يمكن احتماله ، من جهة ، كما انه صور على انه محاولة لسلب الشيعة مكاسبهم بالقوة وبواسطة عملية غدر امريكية بهم من جهة ثانية .

ولم يكن هذا الاعداد مجرد افكار تحريضية تضليلية ، بل ان التحرك الايراني اعتمد ايضا خطوة ثانية وهي القيام بتصفيات طائفية للسنة تفريغا لتوترات ومشاعر كاذبة نماها الاعلام الايراني والامريكي ، على اساس ان السنة يجب القضاء عليهم كليا عبر سياسات تطهير طائفي شاملة وليس جزئية كما جرى منذ الاحتلال . وقد اتهم السنة فورا بتدمير المرقد وطالب السيستاني على غير عادته بالخروج في مظاهرات احتجاجية ، وكان واضحا انها كانت دعوة للقتل الجماعي ، وتأكد هذا الامر باقتران اتهام السنة بالتفجير والدعوة للتظاهر ، بعد اعداد للتنظيمات المسلحة لهجمات طائفية ، وتكليف وزارة الداخلية بتجريد السنة من السلاح ومنع الامريكيين السنة من حيازته ، بعكس السماح للتنظيمات الصفوية بذلك وجعله امرا رسميا بحكم كونها القوة الاساسية في الشرطة والجيش العميل والحرس الوطني .

وهكذا تصورت ايران انها باشعال حرب طائفية ستحقق عدة اهداف في مقدمتها تراجع امريكا عن دعوتها لعدم تسليم الداخلية والدفاع لعناصر تابعة لايران ، وتوقف امريكا عن تهديد ايران في الموضوع النووي ، واخيرا ازالة العقبة الرئيسية في بغداد وهي التكوين الطائفي غير الملائم لفرض ايران سيطرتها على العاصمة .

يتبع ص1