عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 26-05-2004, 05:29 AM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي التلاعبات والمؤامرات التي أضرت بسوق الأسهم السعودية

تقلبات أسعار الأسهم بين إحتكار القلة والهيكلة


الدكتور / محمد محمود أحمد شمس
رئيس مركز إستشارات الجدوى الإقتصادية والإدارية


إنه من المؤكد أن الأيام القليلة الماضية التى تدهورت فيها أسعار الأسهم السعودية لم تشهد تطورات غير عادية على الساحات الإقتصادية أو المالية أو حتى السياسية أو العسكرية سواء على المستوى المحلى أو الإقليمى أو حتى العالمى مما يدعو إلى ذلك الإندفاع الكبير من المساهمين السعوديين خوفا وهرعا لبيع أسهمهم الأمر الذى أدى إلى هذا الإنخفاض الحاد فى مؤشر أسعار الأسهم. فلم يشهد الإقتصاد السعودى إنخفاض حاد فى بعض المؤشرات إقتصادية أو مالية الهامة مثل إرتفاع كبير فى أسعار الفائدة أو إنخفاض عميق فى حجم الناتج الوطنى أو تدهور مؤلم فى سعر الريال السعودى مقابل الدولار أو إفلاس بعض الشركات المساهمة السعودية أو غيرها من المؤشرات التى تصيب مؤشر سوق الأسهم بالإنهيار. و الأمر الأشد عجبا لهذا التدهور فى أسعار الأسهم السعودية هو أن إيرادات الميزانية السعودية تزداد حجما اليوم بعد اليوم نتيجة إرتفاع أسعار البترول العالمية الأمر الذى يجب أن يكون عاملا مشجعا لإرتفاع أسعار الأسهم وليس إنخفاضها. من ناحية أخرى فإن سيطرة الحكومة السعودية التامة على عمليات الإرهاب تتسع كل يوم الأمر الذى يجب يزيد من ثقة المساهمين بالسوق و يرفع أسعار الأسهم و لا يخفضها. من ناحية أخرى فإنه من المؤكد أيضا أن الأيام القليلة التى قفزت فيها أسعار الأسهم إلى أعلى و التى سبقت تدهور أسعار الأسهم لم تشهد أيضا التطورات العميقة لنفس العوامل المشار إليها السياسية و الإقتصادية وغيرها من العوامل ما يقود إلى هذا الإرتفاع الغير معقول فى مؤشر أسعار الأسهم بمعدلات تفوق الخيال.

فإذا كان الأمر كذلك ولا توجد عوامل مؤثرة و قوية لخفض أسعار الأسهم أو رفعها بهذه المعدلات الغريبة فإنه يمكن القول بمنتهى البساطة التى لا تحتاج إلى عمق ذهنى كبير أو ذكاء حاد للإستنتاج بأن سوق الأسهم السعودى ما هو إلى مرتع خصب متنامى للمضاربات أو للمؤامرات إذا صح القول بين كبار المساهمين للتلاعب بأسعار الأسهم بيعا وشراءا بالجملة وفى وقت واحد. هذا و يساعد كبار المساهمين فى نجاح أساليبهم الإحتكارية فى التأثير على أسعار الأسهم إنخفاض عدد الشركات المساهمة بسوق الأسهم من ناحية و صغر حجم الكمية المتداولة من الأسهم مقارنة بإجمالى عدد الأسهم المطروحة والذى يسمى بعمق السوق. ونتيجة لهذه الأسباب الهيكلية التنظيمية و الإدارية فقد نشأ بسوق الأسهم السعودى فئة إحتكارية قليلة قوية ماليا وقوية إداريا و قوية فنيا من كبار المساهمين يعملون ليس فقط بخفاء ولكن أيضا فى وضح النهار و بتعاون وثيق بينهم لفرض هيمنتهم على أسعار الأسهم. فعلى ضوء هذه الحقائق المرة فإن هذه الهزات الدرامية لأسعار الأسهم سوف تستمر إلى أجل غير مسمى مالم تتخذ الإجراءات الإقتصادية المناسبة و الوقائية لحل هذه المشكلة و حماية مدخرات صغار المساهمين من نزيف الخسائر المالية المستمرة و من آلام الصدمات النفسية المدمرة.

فلاشك فإنه من الصعب قبول الحقيقة المرة و التى لا محال لتجنبها و التى تؤكد بأن الحل الجذرى لهذه المشكلة المؤلمة لا يمكن تحقيقة فى المدى القصير لأسباب متعددة الجوانب الإقتصادية و الإدارية و التشريعية. لكن الحل فى المدى الطويل ومن الممكن أن يكون فى المدى المتوسط لكسر إحتكار كبار المساهمين و تقليص سيطرتهم الممتدة الأذرع و المتنامية بقوة على سوق الأسهم هو العمل على إتساع حجم السوق بمعدلات يصعب السيطرة عليها. وهذا يمكن تحقيقه بدخول المزيد من الشركات المساهمة بجانب زيادة عدد الأسهم المتداولة حاليا بالشركات المساهمة من خلال تقليص نصيب المؤسسات الحكومية من الأسهم المملوكة لهم فى الشركات المساهمة إضافة إلى ضرورة العمل على تفعيل سياسة التخصيص للشركات الحكومية. إنه من المهم إدراكه إقتصاديا هو أن خلق بيئة تنافسية قوية بسوق الأسهم أمر ضرورى للغاية لأنه سيؤدى لا محالة إلى تحجيم سيطرة القلة المتحكمة بالسوق من خلال زيادة عدد الأسهم و عدد المساهمين من ذوى الفئات المختلفة. فمن خلال هذه السياسة الإقتصادية فإن سيطرة كبار المساهمين الذين يمثلون القلة القليلة ستذوب أمام هذا الحشد الكبير من الأسهم و المساهمين بسوق الأسهم السعودى.

الجدير بالذكر أن هناك مجالات واسعة لتخصيص المزيد من الشركات والمؤسسات الحكومية وطرح أسهمها بسوق الأسهم السعودى خاصة فى ظل هذه الهيكلة الإقتصادية والإدارية التى يشهدها الإقتصاد السعودى حاليا. وعلى سبيل المثال فقط وليس الحصر فإن منتدى الغاز السعودى الذى أقيم بالمنطقة الشرقية خلال الأسبوع الماضى أظهر إستعدادا كبيرا من جهة القطاع الخاص و من قبل مستثمرين أجانب للإستثمار فى مشاريع الغاز و البتروكيماويات. هذا بالإضافة إلى أن إمتلاك شركة أرامكو السعودية للعشرات من الشركات البترولية و العديد من مشاريع الغاز يجب أن يكون أيضا عاملا مساعدا لتمهيد الطريق لقيام بيئة إستثمارية خصبة تقوم على سياسة المساهمة. وهذا يجب أن يتم من خلال القيام بدراسات إقتصادية وفنية على مستوى على بالمجلس الأعلى للبترول والمعادن و المجلس الإقتصادى الأعلى لدراسة الجدوى الإقتصادية لتخصيص بعض من هذه الشركات ومن ثم طرح أسهمها فى سوق الأسهم السعودى. فلاشك فإن دخول مشاريع شركة أرامكو السعودية كشركات مساهمة بأعداد ضخمة من الأسهم سيكون له الأثر الفاعل لتنشيط سوق الأسهم و الحد من السيطرة الإحتكارية الحالية. فمن منا لا يرغب الإستثمار فى أسهم بترولية أو أسهم بشركات غاز مساهمة حيث الطلب المرتفع والربح المضمون.

إن الوقت الذى يمر كالسهم الخارق فى هذا الزمن العارى من الأمانة و الإخلاص ليس فى مصلحة سوق الأسهم و لا فى مصلحة صغار المساهمين و لا يساعدهم على التغلب على هذه المسرحيات الدرامية التى يقوم بها كبار المساهمين. من ناحية أخرى فإنه من الصعب منع كبار المساهمين من شراء أو بيع كميات ضخمة من الأسهم لأن ذلك سيحد من التداول وقد يقود إلى إنهيار عام لأسعار الأسهم. لذلك فإن الحل الناجح للتصدى لهذه المنظومة الإحتكارية الحالية هو إتباع سياسة إقتصادية مدروسة من أجل هيكلة تنظيمية و إدارية تزيد من حجم سوق الأسهم و ترفع من القيمة السوقية بمعدلات يصعب السيطرة عليها بواسطة مجموعة قليلة من المساهمين.
__________________