عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 06-03-2001, 04:03 PM
البازي البازي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
المشاركات: 66
Post


الحلقة الثانية من مسالك أهل البدع في النظر والإستدلال على عقائدهم ....
المسلك الثاني :
رد بعض المبتدعـة للأحاديث التي جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم ، ويدعون أنها مخالفة للمـعـقــول وغير جارية على مقتضى الدليل فيجب ردها؛ كالمنكرين لعذاب القبر، والصراط ، والميـزان ، ورؤية الله -عز وجل- في الآخرة، وكذلك حديث الذباب إذا سقط في الإناء، وما شابه ذلك مما صحت فيه الأخبار وثبتت ثبوتاً لا يتطرق إليه شك أو نقد.
وتـلـك طريقة أهل التحسين والتقبيح العقلي- الذين يقولون:"الحسن ما حسنه الـعـقــل، والقـبيح ما قبحه العقل ، والشرع تابع لذلك " - كالمعتزلة ومن شاكلهم ، ومن يسمون في عصرنا الحالي بالعقلانيين.
ولهم مسلك معروف في النصوص المخالفة لمذاهبهم، أمـا بالـنسـبـة لـلـحـديـث فكما ذكرنا يردونه بكل جرأة ويتعللون لذلك إما بالقدح في رواته - وإن كانوا من الصحابة أو التابعين وممن اتفق الأئمة على عدالتهم - وإما بقولهم إن الحديث آحاد وهو يفيد الظن ولا يصلح الظـن فـي أمــور العقـائد؛ وتلك مقولة باطلة ومبتدعة وقد ألفت رسائل في الرد على ذلك الزعم (2)، أو يردون الحديث بأي علة واهية أخرى.
وأما بالنسبة للآيات القــرآنـيـة فلما لم يستطيعوا ردها عمدوا إلى تحريف مدلولاتها وسموا ذلك تأويلاً، فالخلاصة أنهم إذا خالـفـوا الحديث ردوه وإذا خالفهم القرآن حرفوه وأولوه على غير تأويله المعتبر.
وتكمن خطورة مذهب الـمعتزلة في أنه وإن زالت فرقته الآن - فلا يكاد يوجد من يصرح في عصرنا بأنه معتزلي المذهـب - إلا أن أسس مذهبهم وأفكارهم قد انتشرت بين آراء كثير من الأدباء والكتاب المعاصرين، وتراهم يصفون المعتزلة بأنهم أصحاب المدرسة العقلية المستنيرة التي أثرت الفكر الإسلامي، والـصــواب وصفـهـم بأصحاب العقول المظلمة، الذين أفسدوا اعتقاد المسلمين ردحاً من الزمن ، وجروا الويلات على الأمة الإسلامية. بل إن من أفكارهم المظلمة ما تسرب إلى اذهان بعض العلماء وأثر عليهـم؛ وذلك كأخذ بعض العلماء ببدعة رد أحاديث الآحاد في أمور الاعتقاد، وهذا منتشر بينهم في عصرنا الحالي وكأنه أمر مسلم.
المسلك الثالث :
فـهـم الآية أو الحديث بالهوى والتخرص. وعدم الرجوع للمعنى العربي للفهم الذي يفهم به عـــن الله ورسولـه؛ وذلك كمن قال في قوله تعالى: ((ولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ والإنسِ))[ الأعــراف 179] أي ألقـيـنا فيها؛ وكأنها من قول العرب (ذرته الريح )، وهذا خطأ لأن ذرأ مهموز وذرَّ غير مـهـمــوز(3). وكقول من قال : إن الإمام في قوله تعالى ((يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ)) جمع أم ، وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم ، وهــذا غـلـط أوجبه جهله بالتصريف فإن [ أم ] لا تجمع على [ إمام ] (4) بل جمـعـهــا [ أمهات ].
ومـثــل هذه الجهالات كثير، وهي كلها استدلالات لا يعبأ بها، وتسقط مكالمة أهلها، ولا يعد خلاف أمثالهم. وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إنما هذا القرآن كلام فضعوه مـواضـعـه ولا تتبعوا بـه أهواءكم " أي فضعوه على مواضع الكلام ولا تخرجوه عن ذلك فإنه خروج عن طريقة الـمستقيم إلى اتباع الهوى. وقيل للحسن : أرأيت الرجل يتعلم العربية ليقيم بها لسانه ويقيم بـهـا مـنطـقــه؟ قال : نعم فليتعلمها فإن الرجل يقرأ بالآية فيعياه توجيهها فيهلك. وعنه أيضاً قال : أهلكتكم العجمة تتأولون القرآن على غير تأويله.