عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-11-2006, 02:35 PM
مواطن مصري مواطن مصري غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
الإقامة: مصر
المشاركات: 166
إفتراضي هل تتغير ثوابت حماس بترك هنية رئاسة الحكومة؟!



أعلن رئيس الحكومة الفلسطينيَّة إسماعيل هنية يوم السبت 11 من نوفمبر 2006م عن استعداده التخلي عن رئاسة الحكومة إذا كان ذلك هو الطريق الوحيد لرفع الحصار الصهيوني الدولي المفروض على الحكومة الفلسطينية ماليًَّا وسياسيًّا، والذي كان قد فُرض من قوى الاستكبار العالمي لإجبار حركة المقاومة الإسلامية حماس- التي تقود الحكومة الفلسطينية- على الاعتراف بالكيان الصهيوني وبالاتفاقات الموقَّعة معه، وعلى التخلِّي أيضًا عن سلاح المقاومة، وهي الشروط التي تفرضها اللجنة الرباعيَّة الدوليَّة؛ استجابةً للطلب الصهيوني، ويشارك 3 من أعضاء الرباعية في تطبيق العقوبات وهم: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة؛ بما يجعل روسيا الدولةَ الوحيدةَ من أعضاء اللجنة الرباعية التي لا تشارك في تطبيق العقوبات.



وترفض حركة حماس هذه الشروط وتَعتبرها تنازلاً مجانيًّا للصهاينة عن الحقوق الفلسطينية، وتُقدم بدلاً منها مقترحًا بهدنة 10 سنوات، وهو المقترح الذي رفضه الصهاينة الذين بدأوا في التحرك لأجل إسقاط حكومة حماس، مستعينين ببعض العناصر في الداخل الفلسطيني بالتوازي مع العقوبات والاعتداءات العسكرية المتواصلة.



في ظل هذه الظروف يأتي موقف رئيس الحكومة إسماعيل هنية، فهل يعني هذا الموقف تنازلاً من جانب حركة المقاومة الإسلامية حماس باتجاه الكيان الصهيوني؟! أو أنه مجرد تغيير فقط في الوجوه دون تغيير السياسات التي ترمي إلى الحفاظ على المبادئ الفلسطينية؟! إن الوقائع تشير إلى أن التفسير الثاني هو الأقرب للصواب، فتحرُّك هنية لا يعني تنازلاً من جانب حماس وإنما فقط يعني تغيُّرًا في الوجوه، كيف ذلك؟!



اتساق بين المبدأ والتطبيق


الممارسات التي تقوم بها حركةُ المقاومة الإسلامية حماس على مختلف المستويات الميدانية والسياسية والشعبية توضح أن الهدف الرئيسي للحركة هو تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني، وقد اتضح ذلك عندما فازت الحركة بالعديد من المقاعد في الانتخابات المحلية التي أُجريت العام الماضي؛ حيث أكدت الحركة أنها سوف تتعامل مع سلطات الاحتلال الصهيوني في البلدات التي تتطلَّب ظروفها ذلك- والتي تتركَّز غالبًا في الضفة الغربية- من أجل تسيير المصالح اليومية للشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن التعامل لن يكون على أساس أنه اعتراف بالكيان الصهيوني ولكنه من أجل خدمة المواطن الفلسطيني، وهو الهدف الذي تأسست الحركة لأجله ودخلت الانتخابات المحلية لأجله أيضًا.



وبالتالي فإن تصريحات رئيس الحكومة إسماعيل هنية يجب أن توضع في ذلك السياق الخاص بالتزام حركة حماس تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني؛ حيث إن هنية نفى أن يكون موقفه تنازلاً من الحكومة الفلسطينية، وقال إنه "إذا كان الخيار ما بين بقاء إسماعيل هنية في رئاسة الوزراء وفكّ الحصار فليفكّ الحصار ويغادر هنية" وهو التصريح الذي يوضح الهدف الرئيسي من وراء الموقف الذي أعلن هنية عن استعداده لاتخاذه، هو فكّ الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، والذي أوصل الحالة المعيشية الفلسطينية إلى مستويات متدنية، من بين مؤشراتها التوقعات بانكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة لا تقل عن 15% العام الحالي، وسط شلل شبه كامل للقطاع العام، وبالتالي فإن تحرك هنية يأتي في إطار السياسة العامة لحركة المقاومة الإسلامية حماس بالعمل على تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني دون المساس بالثوابت فيها.



الدعوة لاستئناف "الاستشهادية".. تنازل..؟!


وفي المسيرة السياسية والجهادية لحركة المقاومة الإسلامية حماس ما يدعم ذلك الطرح السابق؛ حيث سبق أن تعرضت حركة حماس إلى ضربات قوية أدَّت إلى استشهاد قياداتها، ومن بين أقوى تلك الضربات استشهاد الزعيم الروحي للحركة الشيخ الشهيد أحمد ياسين في عملية قصف صهيونية دموية يوم 25 مارس من العام 2004م عقب أدائه صلاة الفجر وما تلاه بأيام قليلة من استشهاد القيادي البارز في الحركة عبد العزيز الرنتيسي في عملية مشابهة يوم 17 أبريل، ورغم ذلك فإن حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تغيِّر من أسلوبها، وتواصلت عمليات المقاومة المختلفة بكل الوسائل والتي انتهت بخروج الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة في سبتمبر من العام 2005م.



وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من الأمثلة من الفترة الراهنة التي توضح أن الحركة لا يمكن أن تتخلَّى عن مبادئها، على الرغم من كل أوجه الحصار التي فرضها المجتمع الدولي وسط تخاذل عربي غير مسبوق، فبعد مجزرة بيت حانون دعا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل كلَّ الفصائل الفلسطينية إلى تصعيد المقاومة ضد الكيان؛ باعتبار أن ذلك هو التعبير العملي عن الغضب الفلسطيني من المجزرة بعيدًا عن التصريحات، كما أن القيادي البارز في الحركة الدكتور نزار ريان دعا كتائب الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) وغيره من حركات المقاومة المختلفة إلى استئناف العمليات الاستشهادية في الكيان الصهيوني، وخاصةً في مدن حيفا وأشدود وغيرهما، وهذه الدعوات عندما تصدر من قيادات كبيرة في الحركة فإنها تعني أن الحركة لا تزال تتمسك بخيار المقاومة بصورة غير قابلة للمساومة؛ بهدف تحقيق أهداف وطموحات الشعب الفلسطيني.



توافق على "وفاق" بلا اعتراف


في الداخل الفلسطيني أيضًا غَلَّبَتْ حركة المقاومة الإسلامية حماس اعتبارات مصلحة الشعب الفلسطيني وذلك في تعاملها مع الأزمات الداخلية التي نجمت عن قيام بعض العناصر في حركة فتح بالسعي إلى تحريك الوضع الفلسطيني الداخلي؛ من أجل ضرب التجربة السياسية لحركة حماس وإسقاطها من على رأس الحكومة؛ حيث رفضت حركة حماس التعامل مع الاضطرابات التي نجمت عن الإضرابات العمالية التي عطَّلت الحياة الدراسية بالصورة التي يجب أن يتم التعامل بها معها، وفضَّل رئيس الحكومة إسماعيل هنية أن يتبع أسلوب العقلانية عندما اعترف للمُضربين بحقوقهم في الشعور بالضيق لعدم تلقِّي الرواتب، لكنه دعاهم إلى الالتزام بالمصالح الفلسطينية العليا من أجل الحفاظ على صورة الشعب الفلسطيني المناضل أمام العالم وعدم تشويه صورة المقاومة بصور الاقتتال الداخلي، وهو الهدف الرئيسي الذي يريده الاحتلال الصهيوني.




وحتى عندما وصلت الاضطرابات إلى ذروتها التزمت عناصر القوى الأمنية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية بعدم إطلاق النار إلا بعد أن بدأت في التعرض للنيران من جانب المسلحين التابعين لحركة فتح، الأمر الذي أدى إلى ردٍّ من أعضاء القوة التنفيذية، وهو الأمر الذي أكده الشهود.



ولما وصل الأمر إلى حدود قصوى بدأ التحرك نحو تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وبدأت عناصر حركة فتح تحسب أن حركة حماس في طريقها إلى التنازل وبالتالي خسارة المصداقية لدى المواطن الفلسطيني، إلا أن الأمور لم تَسِرْ وفق الهوى الفتحاوي؟!



ففي المفاوضات حول تشكيل حكومة الوحدة أصرَّت حركة فتح ورئاسة السلطة على أن تعترف حماس بالكيان الصهيوني، إلا أن الحركة أعلنت أنها لن توافق على المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية إلا على أساس "وثيقة الوفاق الوطني"- التي تعتمد على أساسها مفاوضات تشكيل الحكومة- التي لا تتضمَّن أي بند يدعو إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني، وشدَّد أكثر من قيادي في حماس على أن الحركة لن تنضمَّ إلى حكومة تعترف بالكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي تم بالفعل بالتوافق على حكومة وحدة وطنية لا تعترف بالكيان الصهيوني وترفض التخلي عن سلاح المقاومة، وهي الشروط التي وضعها الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية والتي تمسَّكت بها حماس في مقابل الشروط التي فرضتها اللجنة الرباعية الدولية على العالم كله.



والتالي فإن خروج هنية من الحكومة- حال حدوثه- وتولِّي شخصية أخرى لا يعني أكثر من مجرد تغيير في الصورة التي سوف تظهر إلى العالم باسم الحكومة الفلسطينية التي تقودها أو تشارك فيها حركة حماس دون تغيير في الخطاب السياسي للحركة بالتشديد على المقاومة وبرفض الاعتراف بالكيان الصهيوني، فهنية قال إن كان خروجه من الحكومة سيرفع الحصار فإنه سيترك موقعَه ولم يقُل إن كان الاعتراف بالكيان الصهيوني سيرفع الحصار فإنه سيعترف.. ذلك لأن الكثيرين من قبله اعترفوا ولم ينالوا ثمن الاعتراف حتى الآن!!
__________________