أخي محمد
هل قصدك استفتاء أم إفتاء؟
الحديث كان عن فتوى..
وكان لمجرد المداعبة يا أخا العرب أم أنك لا تميز المزاح؟
ولا تدخل يا ابن حيدر حكامنا الكرام في الموضوع!
وفي الحقيقة لا أخفي عليك أن ردك أصابني ببعض الإحباط.
إذ بلغتك الجيدة وإجادتك للشعر العمودي توقعت أنك على اطلاع على تاريخ شعراء الغزل ولكن ردك لم يدل إلا على مزاج عصرنا هذا المنحرف بين مفرطين ومفرطين(شدد ثم خفف الراء من فضلك)
تحدثت معك بعقلية أبي حازم أو حاولت أن أقلدها فكلمتني كما قلت لك بعقلية عصرنا الذي هو بين اثنين:واحد لا يفهم الغزل ولا النكتة متنطع متعصب،وواحد لا يقيم للاعتبارات الشرعية وزناً.
أما أبو حازم الذي ذكرته قبل قليل فكان من عباد الحجاز،واشتهر أهل الحجاز في العصر الأموي كما تعلم بظرفهم وخفة ظلهم.
ومر وهو يطوف مع أصحاب له بالبيت بامرأة حسناء أسفرت عن وجهها ووقف الناس ينظرون إليها فقال لها: يا أمة الله استري وجهك قد شغلت الناس عن مناسكهم.فقالت له:ألا تعلم من أنا؟قال: لا!.
قالت: أنا ممن قال فيهن الشاعر:
أماطت غشاء الخز عن حر وجهها..وأرخت على المتنين برداً مهلهلا
من اللائي لم يحججن يبغين حجة..ولكن ليقتلن البريء المغفلا!
فاستدار أبو حازم إلى أصحابه وقال:تعالوا ندع الله أن لا يري هذا الوجه الحسن النار!
فجعل يدعو وأصحابه يؤمنون!
فبلغ الخبر واحداً من عباد العراق فقال:لله أنتم ما أظرفكم يا أهل الحجاز!والله لو كان واحداً منا أهل العراق لقال لها:اغربي عليك لعنة الله!
وكان أهل العراق آنذاك بخلاف أهل الحجاز متشددين متزمتين.
وفي شكواك مما جرى برمضان و "فتاويك" ما يذكر بهذه القصص فافهم ملاحظاتي يا أخي على ضوء ما سبق،واعلم أنني أختلف مع أخي عمرو الذي يذكرني رده برد العراقي آنذاك لو رد!
|