عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 02-08-2005, 02:54 AM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

أخى الكريم أبو حنيفة

لقد فهمت من كلامك أن فى موضوع أعانة الحكومة السعودية للأمريكان تفصيل
أى لابد من أن نستفسر
هل كانوا مستكرهين ؟
ولو كانوا مستكرهين فما هو هذا الأكراه .. هل خوفا على العرش أم خوفا على مصلحة المسلمين ؟
أم هل كانوا جاهلين بالحكم ؟
أم هل كانوا غير مستكرهين من الأصل ؟

قبل الخوض فى ذلك أحب أن أوضح لك امرا هام فى قصة حاطب رضى الله عنه لأن هناك كثيرا من الأخوان يستدل بها أستدلالا فى غير موضعه
كيف ؟
دعنى أوضح لك

أولا
أنظر إلى قول عمر رضى الله عنه
(( دعني أضرب عنق هذا المنافق، وفي رواية: فقد كفر، وفي رواية: بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوليس قد شهد بدراً ؟. قال عمر: بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك.))
فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه والصحابة أن مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن الإسلام، ولم يقل هذا الكلام إلا لما رأى أمراً ظاهره الكفر.
وقد أقررسول الله صلى الله عليه وسلم ما فهمه عمر، ولم ينكر عليه تكفيره إياه، وإنما ذكر عذر حاطب.

وكما أوضحت أنت أن حاطباً رضي الله عنه قال: وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار (كفر وردة ورضا بالكفر)، وإنما ذكر حقيقة فعله.

بعد تلك الواقعة أنزل الله سبحانه و تعالى قرآنا يتلى إلى يوم القيامة مظهرا فيه حكم الأعانة بقوله

(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ…الآيات)) الممتحنة:1
وهذا من أعظم الدلائل على أن من ناصر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتد عن دين الإسلام والعياذ بالله.

ثانيا
أختلف أهل العلم فى فعل حاطب رضى الله عنه
هل فعله كفر أو لا؟
فإن قيل هو كفر: فهذا دليل على أن إفادة الكفار بمثل هذا الأمر اليسير كفر، فهو تنبيه على أن ما فوقه من المناصرة بالنفس أو المال أو غير ذلك كفر من باب أولى
وإن قيل ليس بكفر: فإنما يكون هكذا لأنه في حقيقة فعله ليس مناصراً للكفار ولا مظاهراً لهم على المسلمين فقد روى بعض أهل المغازي كما في (الفتح 7/520) أن لفظ الكتاب: (أما بعد، يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام). وليس في هذا ما يفهم منه أنه مظاهرة ومناصرة لهم، بل هو قد عصى الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته لهم، وهي معصية كبيرة كفرتها عنه سوابقه.
فلا يستدل بهذه الصورة على مسألتنا هذه، ولا تقدح في هذا الأصل.

ثالثا
أن حاطباً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأولاً أن كتابه لن يضر المسلمين، وأن الله ناصر دينه ونبيه حتى وإن علم المشركون بمخرجه إليهم، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أن حاطباً قال معتذراً (قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره).
وقد أخرج البخاري رحمه الله قصة حاطب في كتاب (استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم) في (باب ما جاء في المتأولين).
وقد قال الحافظ في (الفتح 8/634): ”وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولاً ألاّ ضرر ").

وهنا- أخى الكريم - تجد أن الفرق شاسع حيث أن حكومة فهد و غيره من الحكومات قد أعانت و هى موقنة بأن ألآف المسلمين ستراق دمائهم و موقنة بنصر الصليب على المسلمين و إزالة دولة أسلامية كانت ممثلة فى بلاد الحرمين بسفارة رسمية بينما فعل حاطب رضى الله عنه (( وهو متأول .. لاحظ ذلك )) كان ميقن تمام اليقن أن الله ناصر رسوله حتى و إن أخبر قريش

************

هذا بالنسبة لقصة حاطب رضى الله عنه لمن أراد أن يستدل بها .. فقد ظهر لشخصكم الكريم بُعد الواقعين و أن المسألة لا تتحمل الأستشهاد بقصته رضى الله عنه

أما عن الجهل بالحكم فلو سمحت لى سنستبعد هذا الأحتمال لأنه لا يقره عقل أن هناك جهل بالحكم إلا إذا كان عندك ما لا أعلمه عن ملابسات المظاهرة و الموالاة لجند أمريكا الصليبية .

أما عن الأستكراه
فمن الواضح هنا أن من يدافع عن تلك الحكومات الخائنة يستند على أنهم أستكرهوا ففعلوا التقية متأولين و مستندين إلى قول الله تعالى
(( لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ))
آل عمران : 28
واسمح لى أن أسوق بتصرف رأى أهل العلم فى ذلك و الذى تكلم عنه أحد الكتاب العلماء وهى كالتالى

والشاهد هنا قوله تعالى {إلا أن تتقوا منهم تقاة} ، فيقولون : إن الحكام لم يأتوا بالأمريكان ، ولكن الأمريكان أتوا بغير إرادة الحكام ، وهم لا يقدرون على منع الأمريكان ولا حربهم ، فيتقونهم بأقوالهم وأفعالهم !!

و تفنيد ذلك
وإظهار عوار الأستناد إلى هذا الأستدلال الخاطئ الذى لا يتوافق مع ما فى نفوس تلك المرتزقة (الحكومات العميلة التى خلفها لنا الصليبيين من مائة عام تقريبا ) حيث يبدون لنا أنهم يخافون على مصلحة المسلمين و لكن حقيقة الأمر هى أنهم يخافون على عروشهم ( قبحها الله من عروش ) فأقول
في الآية التي بعدها بيان حال الحكام : قال تعالى (( قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) آل عمران : 29 ، فهو يعلم حقيقة ما يُخفي هؤلاء في صدورهم ..

دعنى أبين لك معنى كلمة التقية
الفرق بين التقية الشرعية وتقية الرافضة
التقية الشرعية
هي مجاراة من تخاف من الكفار باللسان ، لا بالقلب أو العمل

أما تقية الرافضة
فهي بالقول والعمل و أنت أدرى منى بذلك يا ابوحنيفة ومازلت تجابه و تقاوم و تدافع عن حياض الملة من هؤلاء و لك الأجر إن شاء الله

إن من نواقض التقية الشرعية : الإعانة على إيذاء مسلم ، والأكبر منه والأعظم عند الله : قتل المسلم إرضاء للكفار

جاء في الدر المنثور
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {إلا أن تتقوا منهم تقاة} "فالتقية باللسان ، من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان ، فإن ذلك لا يضره ، إنما التقية باللسان" ..

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس {إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال "{التقاة} التكلم باللسان والقلب مطمئن بالإيمان، ولا يبسط يده فيقتل ولا إلى إثم فإنه لا عذر له".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال "{التقية} باللسان وليس بالعمل". (انتهى) ..

وفي تفسير ابن أبي حاتم
عن عكرمة في قوله تعالى {إلا أن تتقوا منهم تقاة} : "ما لم يهرق دم مسلم وما لم يستحل ماله".
وقال الثوري : قال ابن عباس "ليست التقيا بالعمل ، إنما التقيا بالقول" (انتهى) ..

هذا وقد جاء في تفسير القرطبي
"قال معاذ بن جبل ومجاهد ‏:‏ "كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين ؛ فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم"‏ .. (انتهى)

و الله تعالى أعلم

************
أخى أبو حنيفة
أنا أقدر لك أنك أقررت بكل صراحة و أمانة نكرانك لأعانة أمريكا على المسلمين لأنها معصية كبيرة و لكن أختلافنا كان فقط فى
هل تلك الأعانة مكفرة أم لا
فامر التكفير بقى منوط بتفسير سبب الأعانة و المظاهرة

فإن كان مقصودا و متعمدا للحفاظ على العروش فلا خلاف بيننا أنه مكفر
و إن كان مستكره لمصلحة المسلمين فلا خلاف بيننا على أنه غير مكفر

هل لى أن أسئلك و تتفضل أنت بالأجابة
عندما جاء الأمريكان إلى بلادنا ..هل كانت الحكومة مستكرها ؟
إن كانت مستكرهة .. فهل للأمريكان عهد و ذمة ؟

إن كان لهم عهد و ذمة فأين الأستكراه إذن .. ؟
و إن كانوا مستكرهين فعلا فلما يقتلون العبيرى و المقرن و غيرهم من الأطهار الذين حملوا على عاتقهم قتال من أكرهونا لقتل أخواننا المسلمين ( هذا إن سلمنا أن أعانتهم تجوز شرعا بالعمل و ليس باللسان فقط )؟

أخشى أن أكون أطلت عليك و على أخوانى و لكن ألتمس لى العذر فالموضوع جد خطير .. الموضوع فيه مسألة عقيدة .. فسطاطين .. فسطاط كفر و نفاق و فسطاط أيمان ..

و الحمد لله رب العالمين