عرض مشاركة مفردة
  #60  
قديم 20-05-2006, 02:57 PM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

الأدب الصهيوني في خدمة القتل والإرهاب

بقلم: سمير سعيد



(القتل- الإرهاب- الإبادة- العنصرية).. هذه المصطلحات التي تستهدف العرب تشكِّل أبجديات الأدب الصهيوني الذي تربَّى عليه الكبار والصغار الصهاينة بصورةٍ حوَّلتهم إلى جماعات إرهابية للإبادة والقتل، ووصلت ببعض الجنود الصهاينة في انتفاضة الأقصى أن يطبَعوا على قمصانهم عبارة (ولدنا لنَقتل) "born to kill" والمقصود هنا قتل الفلسطينيين والعرب.



يعتبر الأدب الصهيوني العبري من أهم روافد تشكيل العقلية الصهيونية في فلسطين منذ نشأة الصهيونية وحتى الآن.



والظاهرة الأدبية الصهيونية ظاهرة مصطنعة لعدم وجود أدب يهودي بالمعنى العلمي لهذه الكلمة؛ نظرًا لأنه لا يغوص في العمق وإنما يسير باتجاه السطح لغايةٍ إعلاميةٍ تخدم أهدافًا سياسيةً في العصر الحاضر، ويتميز هذا الأدب بصفة عامة بأنه أدبٌ دعائيٌّ فجٌّ ومباشرٌ لخدمة الأهداف السياسية للحركة الصهيونية؛ لذا فهو يفتقر إلى الشروط الفنية التي يجب توافرُها في الأعمال الأدبية، وهو أدبٌ عنصريٌّ يفتقر إلى الشرط الإنساني والإبداع الفني في الأدب.



وعلى هذه الخلفية يُعتبر الأدب الصهيوني نموذجًا واضحًا للأدب الموجَّه، وبالتالي فهو ليس أدبًا حرًّا بقدرِ ما هو أدبٌ له قوالب معينة تضعها السلطة في الدولة الصهيونية لا يخرج عنها الأدباء العبريون لخدمة الأهداف الصهيونية واليهودية.



ولما كان الأدب الصهيوني أدبًا موجَّهًا فإنه بالتالي يعكس سياسةً وفكرًا وفلسفةً تتبناها الصهيونية جميعها وتعززها؛ لتلعب دورَها المرسوم والمخطَّط لها، وتشكِّل فكرة التفوق أحد المكونات الأساسية للفكر الصهيوني، والتفوق الذي يتحدث عنه الصهاينة تفوقٌ شاملٌ، بالإضافة إلى أنه أبديٌّ، أي أنه ليس مرهونًا بفترةٍ زمنيةٍ معينةٍ تمتد منذ صراع اليهود مع فرعون ودخول "يوشع بن نون" أريحا ووقوف اليهود ضد الرومان وحتى الحروب الحديثة بكل ما يرتبط بذلك من أساطير وخرافات قديمة وغطرسة وتزوير متعمَّد لتاريخ المنطقة؛ لأن ربط هذا التفوق بمرحلة تاريخية معينة يؤدي إلى حرمان الحركة الصهيونية من استثمار هذا المفهوم أيديولوجيًّا.



وقد انتبهت الحركة الصهيونية منذ نشأتها إلى أهمية توظيف الأدب العبري لخدمة الفكرة الصهيونية لتحقيق جملة الأهداف السياسية للحركة، وبعد نجاح الصهيونية في إقامة الدولة عام 1948م، أصبح هذا الأدب وسيلةً تحت قبضة السلطة الحاكمة؛ لذلك حدث هناك تدخلٌ فظٌّ في حريةِ التعبيرِ الأدبيِّ إذ جنح إلى مخالفة جوهر أهداف السلطة الصهيونية، وهو أمرٌ يمثِّل الجانبَ الضيِّق من عملية شاملة تستهدف تجنيدَ الأدباء الصهاينة من أجل العودة إلى مفاهيم السياسة الصهيونية ومرتكزات الفكر الصهيوني.



وبناءً على ما سبق أصبح الأدب الصهيوني العبري في الكيان يواكب أهدافَ السلطة، وهو أداةٌ في يدها لتحريك الجماهير اليهودية، وهو أدبٌ يحمل سمات الصنعة والأدباء العبريين.. "أبواق السلطة الحاكمة والصهيونية هدفها إقناع القارئ العبري بأنه ليس أمام العربي إلا الرضوخ لما تُمليه عليه الصهيونية، وأن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة".



ومهمة هذا الأدب- وما زالت- تبرير السياسة الاستيطانية للصهيونية، وخلق الجيل الصهيوني المشوَّه فكريًّا بزرع الأفكار السامة والهدامة في عقله، على أساس أن هذه الأرض لليهود فقط، ومَن عليها من سكان من غير اليهود غرباء وبقايا مستعمر قديم، بل تطرقت الصهيونية الأدبية للشخصية العربية مُبرزةً إياها في أدنى مراحل الانحطاط البشري الجسماني والسلوكي، وكأن العرب من بقايا الحلقات المفقودة في كائنات علم التطور، فالعربي جاهل، سارق, جبان، سيِّئ، يشبه الخنزير في تناوله للطعام، دمويٌّ، متوحش وقاتل، وغريب الملامح، شعره أخضر وأشعث، يحب القتل والنساء، و.. إلخ، ورجلٌ هذه صفاتُه ينبغي أن ينتهي بالقتل ويبقَى اليهودي المتحضِّر والمسالم!!



منابع الإرهاب

يُجمع الباحثون على أن الكتب التي تشكِّل المصادرَ الأساسيةَ للأدب الصهيوني هي كتب العقيدة اليهودية، وفي مقدمتها العهد القديم (التوراة، الأنبياء، والمكتوبات) وكتب الشرَّاح والمفسِّرين من الحاخامات كالتلمود (المشنا والجمارا) والمدراش والهلاخا والهاجادا، بما تتضمنه من أصول للمعتقد اليهودي، والأحكام والنصوص التاريخية والأخلاقية، وقوانين اليهود السياسية والمدنية والدينية، وهذه كلها تمثل المصدر الأول من مصادر الأدب الصهيوني.

وهذه الكتب والمراجع شكَّلت دائمًا الإطارَ العامَّ الثابتَ لليهودية كمعتقد، وهناك باحثون آخرون يرون أن المصدر الثاني للأدب الصهيوني- من حيث الأهمية- هو مؤلفات مؤسسي الصهيونية الأوائل، ومن هذه المؤلفات على سبيل الحصر: كتاب "روما والقدس" لموسى هس (1812م- 1875م) وكتاب "التحرر الذاتي" لبنسكر رئيس جمعية محبي صهيون (1821م- 1891م) وكتاب "الدولة اليهودية" لهرتزل (1860م- 1904م).. يضاف إلى ذلك كتابات ثلاثة مفكرين آخرين كانوا علاماتٍ بارزةً في التاريخ الصهيوني، وهم آحاد هاعام (1856م- 1927م) وهو صاحب فلسفة الصهيونية الثقافية، وأهرون دافيد جوردون (1856م- 1922م) وهو صاحب فلسفة دين العمل، وفلاديمير جابوتنسكي صاحب فلسفة القوة (1880م- 1940م).



التوراة والإبادة

ويعتبر العهد القديم أهم منبع في المصادر السابقة لما لها من قداسة في نفوس جميع اليهود وبالتالي فإن ربط الأدب بالقصص التوراتية يعطي قداسةً ومصداقيةً للأدب الصهيوني يجعله بمنزلة التوراة.

والعهد القديم في مجمله يعد نصًا أدبيًّا يحتوي على الكثير من القصص والروايات ولذلك فهو مصدر غني للأدباء والشعراء.

وتجدر الإشارة إلى أن العهد القديم يمتلئ بقصص القتل والإبادة للشعوب من غير اليهود وذلك بأمر ومباركة من الرب وبالتالي فالقتل هنا أمر طبيعي وشرعي!!!!!

تقول التوراة: "أمامك هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبك، فلا تستبق منها نسمة ما" (سفر التثنية)، وهي تستعرض مختلف أساليب الدمار والعنف كضرب أهل المدن بالسيف الذي هبط مع التوراة من السماء، والقضاء المبرم على كل من فيها، وإحراق أمتعتها. وهذه الأنماط تندرج تحت ما يعرف الآن بالإبادة الجماعة والعقاب الجماعي. كذلك تلزم التوراة المحاربين اليهود بأساليب تخرج عن كل الشرائع المعروفة وقت الحرب. فتنادي بأن "تحطم أطفالهم أمام عيونهم، وتنهب بيوتهم، وتفضح نساؤهم، لا يرحمون ثمرة بطن ولا تشفق عيونهم على الأولاد" (سفر أشعيا). وتكاد ممارسات جنود الاحتلال الصهيوني في فلسطين تكون تطبيقًا حرفيًّا لهذه الوصايا، لا سيما وقت الانتفاضة الأولى 1987م - 1993م، وانتفاضة الأقصى 2000م- 2005م. قد حولت الصهيونية العهد القديم إلى فولكلور للشعب اليهودي. وهو كتاب تفيض صفحاته بوصف حروب كثيرة، خاضتها جماعة "إسرائيل" مع الكنعانيين وغيرهم، فأبادتهم أو طردتهم من الأرض. وذلك يجري بإرادة إلهية. إذ الإله يبارك يد هذه الجماعة التي تقوم بالقتل والنهب.



نماذج أدبية

يصور "يزهار سميلنسكي" في روايته (خربة خزعة) العرب بأنهم أقذار، متسللون، قراهم مقملة، مقفرة، خائفة...ويتهمهم "أفنير كرميلي" بالحقد والكراهية والنزوع إلى النهب والسلب وبالشهوة الحيوانية إلى النساء، حين يرجع سبب تطوع كثير من الشبان العرب للقتال ضد اليهود، قبل حرب عام 1948م، إلى (رغبتهم في اغتصاب إحدى النساء اليهوديات الجميلات الموجودات في الكيبوتسات اليهودية). وترى "جيئولا كوهين"- عضوة كنيست سابقة- أنهم شعب متخلف معادٍ للحضارة ومهدم لمعالمها، فتعرض في إحدى قصصها محاولاتهم تدمير منجزات أجدادها الحضارية فتقول:

- (العرب متخلفون ورعاع.. العرب إرهابيون قتلة، يخطفون الأطفال، يغتصبون النساء، يتربصون بنا من كل جانب. يريدون إبادتنا.. لقد جاءوا غزاة لأرضنا- أرض آبائنا وأجدادنا- يريدون الاستيلاء على منازلنا الجميلة وحدائقنا الخضراء، يريدون سلب حقوقنا التاريخية..).

لم يكتف الأدب الصهيوني بنسب تلك الطباع والخصال السلوكية القذرة إلى العربي وحسب، بل عمد إلى تشويه الملامح الخَلْقية له فالحارس المصري في قصة (الجواسيس الشباب في عملية سيناء) لمؤلفها "حازي لابين" بشع، بشارب أسود كثيف وعينين قاسيتين وأسنان تشبه أسنان ذئب مفترس... ويشير البروفيسور كوهين إلى أنهم سخروا من ثيابه أيضًا فهي قذرة، قبيحة على نحو تنسجم فيه مع ما ذهبوا إليه من قبح وجه العربي وجسمه، لزيادة تنفير القراء الصغار منه.

ولعل المبالغة في الاستهتار بالعربي وتحقيره تأتي ضمن سياق محاولة تبرير عملية الاجتثاث للعرب، ورفض إيجاد مجال للحوار بين الطرفين، وقد تصور "عجنون" العربي على أنه عقبة ومصدر إزعاج حتى بالنسبة للحاخام الذي يعظ الناس. والعربي لص وقاسٍ حتى بالنسبة للقمح الذي يطحنه، فرغم حصوله (العربي) على أجرة مرتفعة فإنه لن ينتج عن هذا الطحن سوى قليل من الدقيق، ويترك للقارئ أن يستنتج أن العربي لص، و"عجنون" يحمل نظرة معادية للعرب، إذ إنه يعتبرهم حجرعثرة في طريق الاستيطان اليهودي، ورغم تعصبه وتدني مستواه الأدبي فإنه يمنح جائزة نوبل في الآداب سنة1966م.



لصوص الليل

أما "آرثر كوستلر" في روايته (لصوص في الليل) فهو يقدم لنا سكان قرية عربية كاملة على أنهم أميون وبهاليل. وإمعانًا في تصوير تخلف المقاتل العربي وتشويه صورته يقول أوريس: "إن القاوقجي قلب كل بلاليع دمشق وبيروت وبغداد ليجند حثالة الإنسانية من لصوص وقتلة وقطاع طرق وتجار مخدرات ورقيق أبيض" كما صور الضباط العرب وهم يقاتلون بالسيوف فيطلق اليهود عليهم النار ليتساقطوا كسيقان الحنطة عند الحصاد!

ولا نجد في القصص والروايات الصهيونية عربيًّا يعمل طبيبًا أو مهندسًا أو أستاذًا جامعيًّا أو أديبًّا، ولا نجد كذلك في الأعمال الأدبية رجل قانون عربي أو عالم آثار، وحتى لو وجدنا مثل هذه الشخصيات فهي دون نظائرها من الأجانب أو اليهود. وقد بلغ السخف ببعض الكتاب اليهود إلى درجة تصوير الفلسطينيين على أنهم تحالفوا مع اليهود ضد العرب الغزاة. والعربي شاهد زور، أصبحت شهادة الزور جزءًا من شخصيته، وهو قاتل بحيث أصبحت الجريمة طبيعةً له، وهو متزلف وغادر، متخلف ومسترخٍ، ومعظم الرجال العرب إما لوطيون أو عاجزون جنسيًّا والنساء العربيات سلعة تباع وتشترى. والعربي يجيد الجريمة ومهاجمة اليهود واختطاف اليهوديات وإنشاء المباغي التي يديرها الروس. والعربي مهزوم دائمًا في أي صراع مع اليهود، لا يصوره الأدباء إلا مهزومًا من قبل الأبطال المراهقين عن طريق تصوير آثار الدمار والخراب والدخان.



16/04/2006