عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 21-03-2007, 11:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي حكومات مخملية و شعوب محروقة

حكومات مخملية و شعوب محروقة

الأصل في عينة المواد، مطابقة العينة للمادة المأخوذة منها، هكذا كنا نرى الفلاحين، يحتفظون بجيوبهم بعينات من قمحهم ليعرضونها على المشترين، ونادرا ما كانت العينة تخالف واقع المادة ..

عندما يبعث رجل دولة برقية تهنئة، أو يلقي كلمة أمام الحضور، فإنه يبدأ حديثه : باسم الحكومة الفلانية وباسم الشعب الفلاني أقرر تهنئتكم أو تهديدكم أو الخ، على فرض أنه يمثل هو وحكومته الشعب الذي يتكلم باسمه ..

لقد اعترض أحد المسلمين على الخليفة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، بأن ثوبه أكثر طولا من أثواب المسلمين، وقد استعان الخليفة بابنه ليبين لهم أن إطالة ثوبه كانت على حساب حصة ابنه .. ولم يتردد في كشف ذلك للمسلمين حتى لا ينظروا لأميرهم نظرة مختلطة بها شكوك في عدم تطابق القول مع السلوك..

ننظر اليوم الى حكوماتنا العربية، وحتى برلماناتها، فيكون أمام أنظارنا وجوه منعمة عليها مسحات مخملية تغطي وجوهها، وترتدي ملابس أحضرت أقمشتها من (شبر بوش/ لندن) .. وتجد في مآرب السيارات قرب مقرات تواجدها، أفخر أنواع السيارات وأحدثها.. في حين يغص فضاء تلك المقرات بالإدعاء بالانحياز الى طبقات الشعب الفقيرة ..


و لو ذهبت الى مديرية أشغال لدولة عربية ما، في أطراف البلاد مثلا، لوجدت فيها العديد من السيارات التي تحمل لوحات حكومية، ويتواجد فيها العديد من الموظفين، لو جمعت ما يستهلكون سنويا، ووضعت حسبة بسيطة لكانت كلفة ما يقومون به تعادل 300% من الكلفة التي سينفذها مقاولون (حتى مع قبض الرشاوى) لو أحيلت عليهم الأعمال التي تقوم بها تلك المديريات ..

لم يعد هناك أدنى شك بأن الحكومات العربية، هي عينات غير صادقة عن مجتمعاتها، وقد يقول قائل: إن هذا الأمر ينتشر في كل مناطق العالم، وقد يكون هذا القول به من الحقيقة ما به .. لكننا لن نرى هذا البون الشاسع بين من يحكم بفتح الياء و ضمها ..

فعندما تكون عظمة الدولة بإنتاجها و موازناتها و عدد براءات الاختراع بين مواطنيها و تحقيق العدالة بها، فإن عظمة الهيبة للمسئولين تتلاءم مع عظمة الدولة، ولكن عندما ترى دولا هي تحت الاحتلال أو ما يشبهه، توصي قبل طرد المحتل من أرضها على سيارات لمواكب السيادة، ولفات من السجاد الأحمر التي سيسير عليها هؤلاء الحكام المحكومين من قبل غيرهم، في حين ترى المواطنين في تلك الدولة أو غيرها تحترق أحيائهم أو يغرقون في ماء البحر أو تمضي عليهم شهور الشتاء وهم يعانون من برده القارص لقلة الوقود.. فإن مظاهر الفخفخة للدولة من قصور وسيارات وأصناف عطور وأنواع صبغ الشعر لن يكون طعم لها أبدا .. بل ترسخ دوافع التساؤل و التعجب من جديد ..

هل أصبحت أوطاننا ضيعا يتحكم بها أفراد، ويعطون وكالات عامة بأجزاء منها لآخرين داخل البلاد لنحت شرعية حكمهم و مبررات بقائهم، بعدما أعطوا وكالات لآخرين خارج البلاد لنهب ما بها من خيرات واستباحة سماءها وبحرها و أرضها، لتأمين الغطاء الدولي اللازم هذه الأيام لكف شر أعداء مستترين؟ أم أن هؤلاء الحكام تيقنوا من أن شعوبهم على درجة من (الهبل) بحيث لا ترى مخالفاتهم؟
__________________
ابن حوران