عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 23-09-2005, 08:51 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

رنيــــــــن الهاتـــــــف


بعد ساعتين هبطتُ إلى الأسفل .. نظرْتُ إلى النافذة ..
كان المطر يسقط بغزارة ..
صنعتُ كوباً من الشاي الساخن ..
جلستُ بقربِ النافذة المُغلقَة في الطابق السفلي .. وحدي ..
انظر إلى المطر بذهنٍ شارد وأمامي كوب الشاي ..
وفي حِجْري صحنٌ صغيرٌ به قطعةٌ من كعكة جوز الهند ..
لقد اقترب موعد الآذان .. آذان الفجر ..

رَنَّ جرس الهاتف في الحجرة الثانية فما كان منّي إلا أن انتفضْتُ في مكاني .. تواصل رنينه ..
نظرتُ إلى الساعة .. إنها الرابعة والربع فجراً ..
قمتُ بارتجاف وأضأت النور بأصابع مُرتعشة ..
أين أخت زوجي ؟ لا بد أنها نائمة .. امتنعتُ عن الإجابة على الهاتف ..
أصرّ على الرنين .. فأهملته ..
بقي نصف ساعة على الأذان ..
صعدتُ السّلّم حتى وصلتُ إلى منتصفه .. وفجأة ..

طُرِقَ البابُ الخارجي للمنزل !!! أخذ قلبي ينبض بسرعة..
وأنفاسي تتسارع .. استدرْتُ على عقبيّ ..
ظهرتْ علاماتُ الخوف على وجهي .. عُدتُ أدراجي بهدوء أتلمس من الطارق !!
في هذا الوقت !! اقتربتُ من عين الباب الصغيرة ..
وإذا به أحد أقاربه !!!!!
دققتُ النظر فرأيتُه يسترقُ النظر إلى المنازل الأخرى المجاورة لئلا يراه أحدهم وهو يريد الدخول إليّ !!!!

قلتُ له بحزم من خلف الباب المُوصَد :
- نعم !! ماذا تريد ؟! ومَنْ تريد ؟!!
قال بلهفة وبصوتٍ يختلفُ عن الصوتِ الذي عهدتُه له :
- افتحي الباب .. بسرعة .. هيا افتحي الباب ..!!!
تراجعتُ خطوةً إلى الوراء !!
واشتدّتْ نبرةُ صوتي :
- ماذا تريد ؟ زوجي غير موجود الآن !! عُدْ في وقتٍ لاحق حين يعود !!
حاول أن يحافظ على هدوئه قائلاً:
- أعرف ذلك ! لذا أنا موجودٌ الآن ! أعلم أنه قد رحل منذ ساعتين ..
ولكن لِمْ تجيبي على الهاتف !! هيا افتحي الباب ..
لم يَعُدْ هناك مُتّسَعٌ من الوقت !!!!!!

صُدمْتُ ! صُعقْتُ !!! خِفْتُ أن أسيء الظن ولكن .. لا ..
لسان حاله ينطق عنه ذاك الوغد الخائن !!!!
شعرتُ بالكراهية العميقة نحوه ..
ونحو زوجي الذي جعلني عُرْضة لكل ما يصيبني !!
أوقعتُ كوب الشاي فتحطّم ! صرخت بأعلى صوتي وأنا أشعر بالغثيان :
- قلتُ لك زوجي غير موجود .. أغرب عن هذا المكان ..
اذهب الآن وفوراً .. لن أفتح لك الباب .. هيا اذهب .. اذهب ..
سمعتُه يوجّه الشتائم من فرط الخيبة !!!
ويحدّق بالباب ويحرّك مقبضه بكل قوته وكأنما سيكسره !!

صرخْتُ وأخذتُ أجري وأنا أقطع الممر الطويل !
كالمُصابة بالجنون !
توجهتُ نحو السلالم لا ألتفتُ خلفي خشية أن يكسر الباب فيدخل ..
طرقتُ حجرة أخت الزوج بعنف استيقظتْ مفجوعة مأخوذة !!
رأتني أغلق بابها بالمفتاح مرتين ..
أضع كل ما استطعْتُ حمله خلف الباب !!
ارتميتُ بين ذراعيها أنتحب ..
نهضتْ فتلقتني وأجلستني على السرير بجانبها وهي تقول مذعورة :
- ما بك ؟! ماذا حدث ؟! هل أنتِ بخير؟ هل أنتِ على ما يُرام ؟!

رفعتُ وجهي المبلل بالدموع وتمتمتُ قائلة :
- لا شيء .. لا شيء .. لا شيء !!
لن يصدقوني !! سيعبثون بعواطفي !!
فاضتْ عينايَ بالمزيد من الدمع ..
والمزيد من الحرقة .. فدعوتُ عليهم في ثنايا الليل ..
بألا يُسامَحَ هذا الزوج على ما أرادني إليه من شرور ..
وألا يُسامَحَ من يساعده في إيذائي ..
فكم ألمحتُ له ما أعاني من مضايقات أقاربه كلما التقيتُ بهم ..
فاتهمني بسوء النيّة !!!
وأنني أنا التي أغريهم بي عندما أتخفّى عنهم ..
يا إلهي ما أشدّ ظلمه لي !!!!! هذه هي النتيجة !!!!!
لم أعد آمن على نفسي منهم ! لم أعد أثق به أو بهم !

يا رب أنت ولييّ وناصري فانصرني عليهم بما ظلموني وبالغوا في إيلامي !!
ثم رفعتُ من سجودي .. وسلّمتُ .. واحتضنتُ يدي أحاول تهدئة نفسي .. بنفسي !!!
فكُلُّ عصبٍ في جسدي كان يدعوني لترك المكان !!!
مرّ النهار الجديد بسرعة ... تلتْه الأيام الباقية ..
وكلما جنَّ ليلٌ أو طُرِقَ البابُ شعرتُ بدنوّ أجلي ..
وخوفي على نفسي .. وعاد الخوفُ من الزوج يرافقني ..
سيعود .. سيعود .. وستعود معه كل الآلام وسيحطم كل الآمال !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس