عرض مشاركة مفردة
  #35  
قديم 30-09-2005, 07:55 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

حمــــــــرة الغـضـــــــب


دخلتُ حجرتي .. أغلقتُ الباب بهدوء ..
بدأت بترتيب خزانتي .. وفيما أنا أفعل ..
إذْ بالزوج يفتح الباب بكل قوّته ويبحث عني بعينين قاتلتين وصدرٍ متأجج !!
وما إن عثر عليّ حتى شعرتُ بأن وجهه يتفجّر حمرةً من شدة الغضب !!
ما الذي حدث يا ترى ؟!!!
سألني وهو يقبض يديه بكل قوته كعادته عند الغضب :
- هل أتى أحدٌ ما إلى المنزل في حين غيابي ؟!!
قلتُ بهدوء وقد عرفتُ المغزى من سؤاله :
- نعم .. جاء قريبك فلان بعد ذهابكم بوقتٍ قصير .. لماذا ؟!

زفر بقوةٍ وهو ما يزال واقفاً :
- وهل فتحتِ الباب له وأدخلتِه وأكرمته ؟
عقدتْ المفاجأة لساني عن الكلام !
فظللْتُ صامتةً أحدّق فيه .. فكرّر سؤاله ثانية ً:
- هل فتحت الباب أم لا ؟ تكلمي !
حاولتُ الحفاظ على ثبات صوتي فأجبتُه بإجهاد :
- كلا بالطبع !! كيف يجرؤ على الدخول إلينا في غيابك ؟!!
لقد اعتذرتُ له عن إدخاله ..
وعللتُ له ذلك بعدم وجودك .. وأنه بإمكانه المجيء عند عودتك .. ولكن لماذا الــ ....

طار صوابه عندما أيقن منعي من إدخال قريبه !
فقال بصوتٍ عالٍ وأسلوب جارح :
- لماذا لم تفتحي الباب له وتجالسيه وتشربي المرطبات معه وتحادثيه ؟!
إن المنزل منزلي وليس منزلك !!!
هل فَقَدَ صوابه ؟ ألهذا الحدّ يريد مني أن أفعل ؟
ظننتُه سيبتهج !! سيفرح !!!
نظرتُ إليه طويلاً بحزنٍ عميقٍ وصدمةٍ بالغة !
عصفتْ بي رغبةٌ في تحطيم كل شيء !!
هل يجهل حقاً عواقب ذلك؟ أم أنه يتجاهلها ؟!!
ألا يميّز الحق من الباطل؟
ألا يفرق بين الأمور الجادة والهازلة ؟!!!

قلتُ بأسف :
- هل أنت جادٌ حقاً فيما تقول؟ لا لا .. بالتأكيد أنت تمزح ..
ثم استجمعتُ شتات ذهني لأطرح عليه إجابة شافية على سؤاله :
- لستُ أنا من تفعل ذلك !!!
لن يدخل رجلٌ غريب إلى هذا المنزل في عدم وجودك !!
مهما كانت قرابته لك !!
لن يدخل !! ثم عبّرتْ دموعي تعبيراً أصدق عن جام غضبي وأنا أهتف :
- إدخال الرجال الأجانب عند النساء في عدم وجود المحارم .. حرام .. !!
وأنا لن أقبل بذلك أبداً حتى وإنْ غضبْتَ لن أقبل أبداً أبداً ...
هل تسمعني ؟!!

استشاط غاضبا ًوقال هائجا:
بل ستفعلين!! لست أنت التي ستقلبين حياتنا رأساً على عقب وتفسدين بيننا!!
الجميع يشكو من أفكارك المعقدة ونيتك السيئة!!
ولكني أنا من سيقلب حياتك وسترين!!
وقفت بسرعة وأنا أمسح دموعي الحزنى :
لا أعدك بذلك مطلقاً! مهما كلفني ذلك من استهانة وتعذيب وتنكيل!
وسأقولها أمامك وأمام الجميع .. وإن أردتم قتلي ففعلوا ..
ولكني لن أسمح والله لرجل غريب بالدخول في غيبتك !!

اجتاحته رعدةٌ مفاجئة .. فأراد كسر شوكتي وإرغامي على ما يريد :
- لكِ ذلك !! ولكني أقسم بالنبيّ الكريم أن أضعك بين خيارين مؤلمين لك وسترضخين لأمري !!
شعرتُ بحرارة الغرفة في هذه اللحظة على الرغم من فتح النوافذ فيها والستائر !
ترقبتُ بوجلٍ طرحه للخيارات ! ماذا عساه أن يقول ؟!!!
عقد ذراعيه واتكأ على الجدار قائلاً :
- إما أن تفتحي الباب في عدم وجودي لكل أقاربي مَنْ عرفتي منهم ومَنْ لم تعرفي ..
وتجالسيهم وتسامريهم وتكرميهم .. ولا تردّي أحداً منهم .......
ثم .. سكت ..
فشعرتُ بغصَّةٍ مؤلمة في حلقي وأنا انتظر قراره في الخيار الآخر !

فأكمل حديثه وهو ينظر إلى السقف باستخفاف ونفاد صبر :
- أو أمنع عنكِ زيارة أهلك .. فأمنع دخولهم إلى هذا المنزل إلى الأبد !!
فأي الخيارين تفضّلين ؟!
سادت لحظة صمتٍ مؤرقة .. مُعذّبة !! هرب صوتي منّي ..
لقد سألني ويجب أن أجيب عليه !
ابتسمتُ ابتسامةً مجردةً من الحياة ..
وقلتُ بحزنٍ قبل أن أفقد جرأتي :
- حسناً .. لا عودة في قراري ولا تراجع !!!
ومع صعوبة الخيارين إلا أنني أرفض الخيار الأول وأقبل بعمل الثاني !!
وليسامحني الله !!

ضاقتْ عيناه وكأنه لم يصدق ما سمع :
- أتعنين بذلك عدم إدخال أقاربي في منزلي عند غيابي ؟!
مقابل عدم السماح لأهلك بالدخول إليك وزيارتك ؟!
عانيتُ كثيراً في اختيار كلماتي ..
ثم قلتُ وأنا أتنهّد وأتظاهر بالهدوء والبساطة :
- ماذا أفعل ؟! سأطيع أمرك في الاختيار !
ويجب عليّ من اليوم فصاعداً أن أتعلم معايشة هذا الواقع الجديد !!!

هبّ في وجهي قائلاً :
- تباً لكِ أيتها الوهابية !! كلكم مُعقّدون ..
ويبقى رأيي الذي يُطبّق على الجميع .. هل تسمعين ؟!
لزمتُ الصمت ..
فأغمضتُ عينيّ وأنا أراه يشمخ بأنفه ورأسه عالياً ثم يتابع :
- انتهى الأمر ! .. بعد يومين سنلبّي دعوة العشاء عند قريبي الذي هاتفني قبل قليل ..
والويل لكِ إن عارضتي أمري لكِ بالذهاب !! أتسمعين ؟!
أومأتُ برأسي وقلتُ في محاولةٍ لتهدئته :
- أرجوك اهدأ .. لا تغضب ! سأذهب أينما تريد ! اهدأ !!

أدار ظهره بسرعة وبدأ بفتح الباب فسألته وأنا أتبعه :
- إلى أين ؟ لا يجدر بك الذهاب وأنتَ في هذه الحال ! إلى أين ؟!
قال بنبرةٍ حادة:
- إلى الجحيم !!!!
عندما أصبحتُ وحدي استندتُ بظهري على الباب مُندهشة متسائلة !!
ما الخطأ الذي قلته ؟!
هل أخطأتُ حقاً ؟! اللهم ما فعلتُ ذلك إلا طمعاً في رضاك عني !
فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ..
داهمني إحباطٌ مُفاجئ بتذكر الذهاب إلى منزل ذلك الوغد !!
استلقيتُ على فراشي وقتاً طويلاً أحدّق في سقف الحجرة .. مازلتُ في دوّامة !!
اللهم فرّج علي همومي وأحزاني !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس