عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 03-09-2006, 10:23 AM
*سهيل*اليماني* *سهيل*اليماني* غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,467
إفتراضي

( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )

ان المتامل في اعجاز هذه الاية الكريمة ليجد اسمى معاني العدل والمساواة .. الرحمة والمصداقية ...
فكانت سياسات الشريعة الاسلامية .. واضحة الاهداف والمقاصد لافرادها بينة في معانيها
دالة على سبل تحققها وطريقة تحصيلها ..

فجائت مشجعة ومؤيدة لطبيعة النفس البشرية والتي تدافع عن وجودها وكيانها .. مالها وشرفها .. وعقيدتها المتمثلة في حياتها الروحية ودوافع انتاجها ومحفز قيامها .. وسر سعادتها ..

قال تعالى .. (من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا)

وجاء في الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل دون ما له فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ) .. وفي رواية اخرى ( ومن مات دون اهله فهو شهيد ) ..

فبان الطريق لجميع افراد المجتمع .. واتضح الخير والشر والحق والباطل وسبيل النجاة والفلاح وغيره من السبل المختلفة ..
فبادر بالخير السابقون فكانوا له خير برهان ودليل .. فنالوا به الاحسان وجنة الرضوان .. فابيضت وجوههم وقرة اعينهم واعتلوا في منازلهم ودرجاتهم ...

ولم تتعارض مقاصدها المختلفة مع سبل تحقيقها وطريقة الحصول عليها والوصول لها .. في الوقت نفسه لم تقيد حرياتهم الشخصية في اختيار الكيفية المناسبة والمتمثلين بها للوصول الى قصدهم المنشود وتحقيق هدفهم المأمول ...

فيجيب صلى الله عليه وسلم لما ساله السائل في اليوم الاول من ايام التشريق .. ( إني حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : لا حرج .. فقال : إني رميت بعد ما أمسيت ؟ قال : لا حرج ) ... فما سئل عن شيء يومئذ إلا قال : لا حرج ، ولم يأمر بشيء من الكفارة ) ..

مع اعتبار ان تلك المرونة في بعض مجالات الشريعة المختلفة .. يجب ان تتقيد في حدود جميلة .. فلا مجال للتوسع بها اصلا ..

قال صلى الله عليه وسلم .. (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى ) ..
وقال .. ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )

ليتضح لنا هنا .. أن العبادة لا تصح إلا إذا بنيت على أمرين أساسين وهما ...
.. الإخلاص لله عز وجل ..
فلقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أن الله قال .. ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) ..
.. والمتابعة له عليه الصلاة والسلام .. (صلوا كما رايتموني أصلي ) ..

لقد كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قرن ورواد فكر ومنهج ثابت .. وابطال صبح ورهبان ليل .. فكادت ان تصافحهم الملائكة .. رحماء بينهم .. عدول وثقات .. يخافون الله في انفسهم .. فاتهموها بالظلم والتقصير والنفاق .. فذكروا الله في انفسهم كثيرا .. واتبعوا رضوانه وامتثلوا اوامره .. ( يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله بالقسط و لايجرمنكم شنئان قوم علي الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي ) ..

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم لليهودي بالاحقية على المسلم في قضية اختصم إليه بها فكان قائما بالقسط مستعين بالله عليه ..

ان افراد المجتمع المسلم .. مخيرين غير مجبورين .. ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر ) ..
يتمتعون بالحرية الكاملة في تحديد مصيرهم واختيار طريقهم .. مالم يتعارض مع مصالح غيرهم .. او ضروريات حياتهم ..

حرية حقيقية فاعلة بناءة وهادفة .. مختلفة عن تلك الحريات الزائفة في بعض المجتمعات المتصدعة ..
والتي تصب غالبيتها في مجال الرذيلة .. او في مجال التجارات القابضة دائما والحره في احتكاراتها ومؤامراتها ضد غيرها .. او مجالات السياحة والتكيف مع البيئة سواء بما يتوافق مع طبيعتها او ماينافيها ..

فيصورون في الاولى .. اشد قيود الذل والدمار لارادتهم واختيارهم في سفه عقولهم واعدامها وجلب الامراض لابدانهم .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ماانتشر الزناء في قوم إلا جاءتهم الأمراض التي لاتكون في أسلافهم ) ..
وفي الثانية .. تجدهم يقيدون متعتهم في هذه الحياة الطيبة .. فتراهم كالذي يتخبطه الشيطان من المس .. ( فكاءين من قرية اءهلكنها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد )..

وفي الثالثة .. لايدري مااهدافه في ظل وجود حرياته المزيفة .. وماحدوده واعماله المختلفة .. (يتوارى من القوم من سوء مابشر به ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء مايحكمون ) ..

فتارة تتآمر حرياتهم في محاولة سب الرسول صلى الله عليه وسلم ورسم صوره فما استطاعوا الى ذلك سبيلا .. رغم مساندة اعوانهم .. فلقد كان المشركون عندما يسبون النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا يصبر عليهم ويقول لاصحابه ( الا تعجبون مني ومن قريش كيف يصرف الله عني سبهم يسبون مذمما وأنا محمد ) ..

وتارة يقيدون افكارهم ويعترفون من دون فكر ولا كيان .. بتخوفهم الشديد والرعب من المسلمين المرهبون لهم .. بوصفهم ارهابيين .. ليصدق قول الله فيهم .. ( ترهبون عدو الله وعدوكم ) ..

بينما تتاح لنا حرية اكبر في اختيار مانقوم به من اعمال متفاضلة .. فقال صلى الله عليه وسلم : (من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد) ... فلم تقيد هنا في عمل معين لنيلك الشهادة ب مادمت في سبيل الله ..

و لما جاء اعرابي الي الرسول صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما فرض علي فاخبره الرسول صلي الله عليه وسلم بما فرض عليه فقال هل علي شئ غيرهن قال لا الا ان تطوع فقال الاعرابي لا ازيد علي هذا شيئا فقال الرسول صلي الله عليه وسلم افلح ان صدق دخل الجنة ان صدق ) ..


وفي مجال التعاملات السياسية المختلفة الموكولة الى القائد والمسئول عن ذلك المجتمع والكيان الاسلامي .. نجد الاحترام والمجاراة والتفاخر والجد والمصداقية في التعامل ..

حيث بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسائل إلى كِسرى ملك الفرس وإلى قيصر ملك الروم ، وكلاهما لم يُسْلِم ، لكنَّ قَيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثَبَتَ ملكُه ، واستمر في الأجيال اللاحقة ، وأما كِسرى فمزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله ، فقتله الله بعد قليل ، ومزَّق مُلكَه كلَّ مُمَزَّق ، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ .
وقد ذكر المؤرخون كيف كانت ملوك النصارى يعظِّمون ذلك الكتاب الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الامام الحافظ ابن حجر : ذكر السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع .

ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا "

الملك النصراني العادل النجاشي ملك الحبشة ، لما قرأ عليه الصحابي جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ صدراً من سورة مريم بكى النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا ـ واللهِ ـ والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ..

ولقد نقل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه في القرآن الكريم من ثناء الله جل وعلا على أولئك النصارى الذي صدقوا في دينهم وفي أمانتهم ، وهو قول الله في القرآن الكريم : ( وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )

الإمام أحمد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال : " وما زال في النصارى من الملوك والقسيسين والرهبان والعامة من له مزية على غيره في المعرفة والدين ، فيعرف بعض الحق ، وينقاد لكثير منه ، ويعرف من قَدْرِ الإسلام وأهله مايجهله غيره ، فيعاملهم معاملة تكون نافعةً له في الدنيا والآخرة " .

انك لو تفكرت قليلا في حمق وتبعية قادات النصارى المعاصرين .. لليهود الحاقدين .. لتتعجب من سفههم وانطلاء الخداع عليهم ... اذ اوهموهم ان رضى الرب في خدمة اليهود ..

( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) ..
__________________
]