عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 28-12-2003, 01:59 PM
النقيب النقيب غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 1,176
إفتراضي

كانت البداية الأولي عندما تم اعتقال ثلاثة من مساعدي صدام الرئيسيين وهم من الحرس الشخصي له، وكانوا علي قدر كبير من الأهمية، لأنهم كانوا معنيين بتحركات صدام وكذلك المخابيء السرية التي كان يزورها قبل سقوط بغداد، وكان ذلك أمرا مهما للأمريكيين لأنهم كانوا يعتقدون أن هذه المخابيء توجد تحت القصور الرئاسية، بذلوا الكثير من الجهد من أجل كشف أسرار هذه المخابيء إلا أنهم فشلوا.
وكانت الفرقة الرابعة والجنود الأمريكيون يقومون بتفتيش هذه القصور الرئاسية مرتين في اليوم الواحد احتمالا لوصول صدام إليها في أية لحظة، وكانت القصور المستهدفة حوالي 20 قصرا، أكثرها أهمية تلك القريبة من نهر دجلة.
وأمام هذه المعضلة بدأ سيمون دارايز أحد أبرز قيادات ال'سي. آي. إيه' في العراق في وضع خطة جديدة لاعتقال صدام.
كان دارايز يري أن صدام لن يتعمد المرور في المخابيء السرية لهذه القصور لأنه يعلم جيدا أن القوات الأمريكية تفرض حصارا من السياج الأمني القوي علي هذه القصور، وأن أفراد حرسه الشخصيين الذين تم القبض عليهم أدلوا بمعلومات تفصيلية عن المخابيء السرية في هذه القصور أثناء العمليات العسكرية الأمريكية علي العراق وأنه يعلم أن الأمريكيين عرفوا جيدا هذه المعلومات، وأن صدام لن يكون من الغباء بحيث يستخدم هذه المخابيء مرة أخري، خاصة أن صدام معروف بالذكاء وإجادة التمويه والتغطية علي تحركاته، كما أنه يعرف جيدا طبيعة الأراضي العراقية.
وقد كتب سيمون دارايز هذا التقرير في أغسطس الماضي وأكد في تقريره أن الأماكن التي من المحتمل أن يتواجد فيها صدام لن تخرج عن أحد مكانين:
إما في منزل أسرة بعيدة عن بغداد وأنه يثق في هذه الأسرة كثيرا وهي قادرة علي حمايته.
وإما أنه في منطقة مهجورة وغير مأهولة بالسكان وأن صدام أعد لنفسه مخبأ في هذه المنطقة وأن هذا المخبأ سيكون بالقرب من عشيرته وبلدته تكريت.
وكان دارايز يري أن صدام حسين لايمكن أن يكون قد غادر العراق فهذا احتمال بعيد من خلال معرفة شخصية صدام التي تأبي الهروب.
ورأي دارايز بضرورة التركيز علي الحرس الشخصي ومرافقي صدام الذين يعرفون تحركاته في الفترة القادمة، وكانت الخطة تقول إن البحث عن الكبار واعتقالهم بزعم أن هؤلاء هم الذين سيؤدون إلي اعتقال صدام حسين هي فكرة خاطئة وغير صحيحة.
وكانت فكرة دارايز تري ضرورة تنحية القوائم والخطط التي اعدها الأمريكيون للوصول إلي مكان صدام خاصة بعد الفشل الذي منيت به هذه الخطط في الفترة الماضية.
وكانت الخطة الجديدة التي وضعها دارايز تقول : إن 'الصيد الثمين' الذي يمكن أن يقود إلي مكان صدام هم قادة الحرس الشخصي والذين لم يتركوه حتي بعد سقوط بغداد.





















كانت المؤشرات الأولية التي بدأت تتجمع في اغسطس الماضي تقول إن هناك اشخاصا أكدوا انهم رأوا صدام في جنوب بغداد مرة ورأوه في تكريت مرة وفي عدة مناطق أخري.
وهكذا راح الفريق الجديد للمخابرات الأمريكية في العراق بقيادة 'سوارزكيفان' يجمع خيوطا من المعلومات حول الأشخاص الذين يروون تفاصيل تحركات صدام وكذلك كيفية مشاهدته والأشخاص الذين كانوا يحرسونه.
كانت المخابرات الأمريكية قد جمعت اكثر من 100 صورة ل100 شخص من الحراس السابقين لصدام، والمرافقين لتحركاته وأقربائه، وكانت هذه الصور يتم عرضها علي الأشخاص الذين يدلون بمعرفتهم لصدام وقربهم منه. وكان السؤال المطروح عليهم هو كيف رأوا صدام؟ وكان السؤال الأكثر الحاحا هو عن الأشخاص الذين يقومون بحراسته ومرافقته وأوصاف هؤلاء الاشخاص والأماكن التي يترددون عليها.
لم تكن المخابرات الأمريكية وحدها التي تواصل عملية البحث عن الرئيس العراقي، كان يعاونها أيضا فريق من الاستخبارات الإسرائيلية مكون من عشرة افراد بمن فيهم رئيس قسم العمليات والاستطلاع بجهاز الموساد.
وهكذا وبعد تحقيقات مكثفة وعرض صور الحراس علي المقبوض عليهم، تأكد لدي المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أن صدام لم يبق إلا علي اثنين فقط لحراسته، وأنه استبعد كل الآخرين وقد تطابقت الاوصاف التي ادلي بها هؤلاء عن الحراس مع رؤية بعض الأشخاص للرئيس في تكريت وآخرين عن رؤيتهم له في الرملة وكذلك في كركوك وتحدث المقبوض عليهم عن أن هذين الحارسين كانا من أكثر الذين يثق فيهم الرئيس صدام.
تركزت التحقيقات بعد ذلك في معرفة كافة التفاصيل عن تحركات هذين الشخصين والسعي من أجل القبض عليهما وأسرهما.
وتجمعت المعلومات التي ساعد فيها أفراد من المخابرات العراقية، واستطاع الفريق الأمريكي الإسرائيلي القبض علي واحد من المقربين للرئيس صدام واسمه 'عصامي عبود' في أواخر اغسطس الماضي وجرب معه الأمريكيون والإسرائيليون كافة أساليب التعذيب والقهر النفسي لمعرفة مكان صدام إلا انهم فشلوا في البداية، وتحت ضغوط نفسية وبدنية عنيفة استمرت 18 يوما متصلة اعترف عصامي عبود بأحد المخابئ المهمة لصدام في جنوب بغداد.
وشكل اكتشاف هذا المخبأ نقطة محورية وجوهرية في مسار الخطة الأمريكية التي التزمت بالسرية المطلقة، وقد وجد هذا المخبأ في منطقة مهجورة وأن المخبأ كان يشبه المخبأ الأخير الذي عثر فيه علي الرئيس صدام.
كان المخبأ داخل غرفة ومنها إلي حجرة عميقة، وكانت الحفرة التي تؤدي إلي الحجرة العميقة تبدو وكأنها ضيقة مثل الحفرة التي وجد فيها صدام.
وبناء علي معاينة هذا المكان الذي حرص رجال المخابرات الأمريكية أن يحيطوه بالسرية الكاملة وكذلك دخوله والخروج منه بحذر شديد دون المساس بالمقتنيات التي كانت تبدو في غاية البساطة بداخله أدرك الفريق الأمريكي الإسرائيلي أن يدهم قد اقتربت من صدام.
وأحس رجال الاستخبارات الأمريكية أن صدام يتعامل بذكاء شديد خلال زيارته لهذه المخابئ المهجورة حيث إنه كان يضع علامات دقيقة للتأكد عما إذا كان أحد قد دخل إلي هذه المخابئ أم لا، وكان في اعتقاده وهواجسه الأمنية أن الأمريكيين سينصبون له كمينا في أحد هذه المخابئ.
وقد أكد 'عصامي عبود' خلال التحقيقات أنه ليس لديه علم إلا بثلاثة مخابئ أخري في الرملة وكركوك وجنوب بغداد وبالتالي لم يكن عصامي يعرف شيئا عن مخبأ 'الدور' في تكريت الذي عثر فيه علي صدام حسين فيما بعد.
بدأ الفريق الأمريكي الإسرائيلي يجري متابعة دقيقة ومكثفة للمخابئ الثلاثة التي أشار إليها عصامي عبود، إلا أن المتابعات أكدت أن صدام لم يتردد عليها نهائيا مما جعل القوات الأمريكية التي كانت تراقب هذه المواقع يتأكد لديها أن هذه المخابئ مهجورة، وأن المعلومات التي أدلي بها عصامي ليست دقيقة.
كانت هناك في المقابل وجهة نظر أخري تشير إلي أن هناك عددا آخر من هذه المخابئ وفي مناطق متفرقة من العراق، وأن صدام يستخدمها بالفعل لأنه لم يعد لديه أمل في استخدام مخابئ القصور الرئاسية أو المخابئ الأخري الشهيرة التي تتحمل ضربات القنابل الأكثر شراسة.
كان الجنرال 'آروس بيكومان' أحد أبرز رجال فريق الاستخبارات الاسرائيلية هو أول من أشار إلي ضرورة البحث عن هذه المخابئ داخل تكريت والمناطق المهجورة حولها وخاصة لدي أقربائه، لأن هذه المخابئ من المؤكد أنه سوف يتم حمايتها بأشخاص يثق فيهم صدام كثيرا ويتحرك وسطهم بنوع من الأمان.
وكان التقرير الذي اعده 'آروس' مثار بحث دقيق من الاستخبارات الأمريكية وقيادة الفرقة العسكرية الرابعة التي كانت مكلفة بعملية القبض علي الرئيس صدام وكانت هذه الفرقة قد زودت بعناصر من الكوماندوز الأمريكيين يدعمهم أربعة من الطيارين الكوماندوز الإسرائيليين الذين كانوا سيكلفون باستخدام طائرات أمريكية لضرب السيارات التي ستهرب من موقع القتال في حال ادارة معركة طويلة اثناء عملية القبض علي الرئيس صدام، وذلك بذات الطريقة التي يقومون بها لضرب القيادات الفلسطينية وكوادر المقاومة في الاراضي الفلسطينية خلال تنقلهم بالسيارات.
وقد رأي 'آروس' في تقريره أن المكان الذي سيختبئ فيه صدام لن يثير أي شكوك وأن الحراسة الأمنية ستكون بعيدة عنه، وأن هذه الحراسة ستكون من أقربائه والمحيطين به.
وبناء علي هذا التقرير تم التوجه إلي اعتقال أقارب صدام وأصهاره والحراس الذين كانوا قريبين منه والذين هم من أصول تكريتية.
كان واضحا أن الخطة الأمريكية الجديدة ستقود حتما إلي نتيجة هامة، ولذلك ظلت قاصرة فقط علي بول بريمر والجنرال ريكاردو سانشيز وقائد الفرقة الرابعة والفريق الذي سيقوم بعملية التنفيذ.
كان الأمر يمضي بسرية مطلقة، وبدأت القوات الأمريكية في تنفيذ خطة اعتقال أقارب صدام والحرس المنتمي إلي تكريت بسرية بالغة، وكانت تمارس مع المقبوض عليهم كل وسائل الضغوط النفسية من أجل الاعتراف بمكان صدام، وكان عدد الذين سقطوا من آثار التعذيب وابدوا استعدادهم للتعاون مع القوات الأمريكية خمسة أشخاص في هذا الوقت، ثلاثة منهم من أقارب صدام وواحد من الحرس وآخر من أصهاره.
كان أحد هؤلاء المقبوض عليهم يمت بصلة قرابة مباشرة إلي صدام، كان أحد أخوال صدام قد مرض مرضا شديدا، وعلم صدام بهذا المرض فقام في وقت متأخر من مساء أحد هذه الأيام بزيارتين إلي خاله، وكان صدام يتحرك بثقة بالغة، حتي انه في آخر زيارة أخذ معه ابن قريبه إلي أحد مخابئه واعطاه خمسة آلاف دولار لاستكمال علاج والده.
وكانت الفاجعة أن جري القبض علي هذا الابن في اليوم التالي والذي يبلغ عمره حوالي 35 عاما.
مارست القوات الأمريكية ضغوطا شديدة علي هذا الشاب وعرضته لتعذيب نفسي وبدني رهيب حتي يعترف علي المخبأ الذي يتواجد فيه صدام .. وفي اليوم التالي كان الشاب يعترف، حيث أخذهم إلي أحد المواقع المعينة وأشار إلي منزل من طابقين وأكد لهم انه ظل خارج هذا المنزل عندما قام بتوصيل الرئيس صدام وتسلم منه مبلغ الخمسة آلاف دولار.
وقد داهمت القوات الأمريكية هذا المنزل وقامت بتفتيشه تفتيشا دقيقا استمر لثلاثة أيام في أكتوبر الماضي، وانتهي الأمر إلي اكتشاف مخبأ مهم في هذا المنزل، وكان المخبأ يشير إلي وجود حفرة تؤدي إلي اتساع نحو حجرة يمكن ان ينام فيها شخص ومن أعلي كانت الحفرة مغطاة بالحشائش.
وقد عثر رجال الفرقة الرابعة علي آثار حديثة للأكل وآثار أخري تدل علي أن صدام يعتاد الاقامة في هذا المنزل، وكان ذلك كفيلا بأن يؤكد للأمريكيين والإسرائيليين أن الصيد الثمين اقترب.
في سرية تامة تم نصب عدة أكمنة من أجل الالتفاف حوله والقبض عليه، وقد استمرت هذه المراقبة لمدة أسبوع دون أن تسفر عن شيء.
كان لدي رجال الاستخبارات الأمريكية شك بأن صدام ربما أخذ علما بالهجوم الأمريكي علي هذا المخبأ، خاصة أن صدام لديه رجاله وهو إذا عرف أن الأمريكيين هاجموا موقعا فهو لا يزوره أبدا مرة أخري.
وفي اليوم الثامن من مراقبة المنزل كانت المفاجأة، اقترب أحد حراس صدام وكان من أقربائه من المنزل، كان هذا الشخص يبدو أنه مكلف من صدام لاستطلاع المنزل والتأكد من أمنه، دخل هذا الشخص إلي المنزل بعد أن تأكد من عدم وجود أحد خلفه، ثم اختفي عن الأنظار.
في هذه اللحظة كان هناك رأيان يتصارعان لدي أوساط الفرقة الرابعة، رأي يقول بالقبض علي هذا الشخص وإجباره علي الاعتراف بمكان صدام الذي يختبئ فيه .. ورأي آخر كان يري أن يترك هذا الشخص ويتابع للوصول إلي المكان الذي يختبئ فيه صدام في الوقت الحالي.
وبسرعة البرق تم ترجيح وجهة النظر الأولي فتم القبض علي هذا الشخص، وأمام التعذيب الرهيب والتهديد بالقتل بطرق شنيعة انهار هذا الحارس بسرعة كبيرة واعترف بأن صدام سيأتي إلي مخبئه في هذا المكان بعد وقت قصير للغاية.
نقطة أخري ساعدت علي تحديد المنطقة التي يتردد عليها صدام حسين، فقد استخدمت الفرقة الرابعة أحدث أجهزة التقاط الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأن هذه الأجهزة تم نشرها في مساحة تقدر بأربعة كيلو مترات حول المنطقة التي يمكن أن يتواجد فيها صدام، وأن نوعيات هذه الأجهزة الحديثة تم استخدامها في وقت سابق بأفغانستان وحققت نجاحات كبري أثرت علي شبكة الاتصالات لتنظيم القاعدة حتي ان قيادات القاعدة تخلت تماما عن الاتصالات بالمحمول أو التليفون الثابت.