عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 28-12-2003, 02:00 PM
النقيب النقيب غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 1,176
إفتراضي

وقد رصدت الاستخبارات الأمريكية اتصالا خارجيا يعتقد أن صدام اجراه مع شخص ما من مكان ما في المنطقة ومن داخل سيارة متحركة وهو أمر أكد للأمريكيين وجود صدام في هذا المكان .. وان الذي جزم بأن هذا هو صوت صدام كان طارق عزيز والذي أخبر أيضا أن الطرف الآخر في الاتصال هو زوجته التي كانت تناديه باسم 'أبو عدنان' وأن الاتصال استمر حوالي 10 دقائق.
لم يكن هناك متسع من الوقت لدي صدام فقد كان هو الآخر علي مقربة من المكان ويبدو أنه شعر بالخطر من المكان الذي كان يختبئ فيه قبل وصوله، لذلك مضي إلي مخبئه ظنا منه أن حارسه يعد المكان.. ولم تكن لديه فكرة ان هذا الشخص قد ألقي القبض عليه من القوات الأمريكية، وإلا لاتجه إلي مكان آخر.
دخل صدام إلي المنزل ومعه اثنان من حراسه، وحاول الشخص المقبوض عليه والذي يكن حبا كبيرا للرئيس صدام أن يضلل الأمريكيين بعيدا عن الحفرة، إلا أن القوات الأمريكية كانت قد توصلت إلي كل المعلومات من قبل حول الحفرة التي تؤدي للغرفة.
في هذه اللحظة تأكد قائد العملية الأمريكية انهم فعلا في طريقهم للقبض علي صدام، كان ذلك في أكتوبر وبدا القائد الأمريكي امام احتمالين:
الأول أن يكون صدام محصنا بحراسة قوية وأن يدخل الجنود في معركة قوية وواسعة وهو أمر قد تترتب عليه خسائر فادحة في صفوف قواتهم.
الثاني أن يكون صدام وحيدا مع حارسيه كما أكد ذلك الشخص الذي ألقي القبض عليه.
كان الأهم من وجهة نظرهم هو القبض علي صدام وعدم تمكينه من الهروب حتي لو أدي الأمر إلي قتله.
كانت الفكرة جهنمية، طرحها واحد من قادة الفريق الأمريكي لماذا لانلقي القبض عليه بواسطة هذا الشخص، انتبه قائد العملية للأمر وتساءل بلهفة.. كيف؟!
كان صدام قد كلف هذا الشخص باحضار كميات من الطعام حسب اعترافات الحارس للقوات الأمريكية له ولاثنين من مرافقيه، هنا كانت الفكرة، قامت القوات الأمريكية بشراء الطعام المطلوب وتم حقنه بمواد مخدرة تؤدي إلي النوم العميق.
بعد وقت قصير قام هذا الشخص الذي كان يسير وفقا للرغبات الأمريكية بحمل الأطعمة التي كلف بشرائها، دخل المنزل، اعطي الاطعمة لواحد من مرافقي صدام الشخصيين وهم بالانصراف العاجل مدعيا وجود أمر طارئ له في المنزل وانه سيعود ليلا.
بعد نحو ساعتين من تناول الاطعمة، كانت المخابرات الأمريكية قد بدأت في استحضار أجهزة حديثة تأكد من خلالها الأمريكيون أن الاطعمة تم تناولها بالفعل.. وعلي الفور قامت القوات الأمريكية بمهاجمة المنزل حيث وجدوا الجميع في حالة نوم عميق، فقد كانت الأطعمة مخدرة بنسبة عالية.
كان هناك مصور بكاميرا للفيديو وأخري للتصوير يقوم بالتقاط المشاهد خطوة بخطوة.
ثم حمل الثلاثة 'صدام ومرافقاه' وهم في حالة نوم عميق، الآن تأكد قائد الفرقة الرابعة أن من ألقي القبض عليه هو صدام حسين بالفعل .. جري التكتم علي الأمر وأبلغ بريمر وسانشيز، الكل في حالة ذهول.
وعلي الفور جري ابلاغ رامسفيلد، الذي ابلغ الرئيس بوش بدوره وتم الاتفاق علي أن يقوم بريمر وبعض القادة العسكريين باصطحاب صدام إلي واشنطن وعدم الاعلان نهائيا عن عملية القبض بل إن بوش طلب منهم اطلاق التصريحات التي تؤكد صعوبة العثور علي صدام حسين، من هنا كانت تصريحات بريمر وسانشيز وقادة آخرين كانوا يرددون دوما أن البحث عن صدام كالبحث عن إبرة وسط كومة من القش.
يومها أبدي المراقبون دهشتهم من معني وفحوي هذه التصريحات إلا أن كافة التحليلات قادت إلي رؤية واحدة تقول إن القوات الأمريكية غير قادرة علي الإيقاع بالرئيس العراقي، وإن اليأس اصابها من ندرة المعلومات وإن الرجل تاه وسط الزحام وأصبح العثور عليه هو بالفعل كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش!!
الآن وصلت الطائرة التي تقل بريمر ومعه صدام حسين إلي واشنطن.. تم اصطحاب صدام حسين في سرية بالغة إلي مكان ما داخل العاصمة الأمريكية.
كان بوش يريد أن يري صدام ذليلا راكعا قبل الاعلان عن خبر اعتقاله، وهذا هو السر الحقيقي في اصطحاب صدام إلي الولايات المتحدة.
كان رامسفيلد هو الذي طلب من رجاله في العراق أن يأتوا بصدام حسين إلي واشنطن بأقصي سرعة.
ومنذ القبض علي صدام الذي رحل في سرية إلي زنزانة معزولة بالقرب من مطار بغداد قبل السفر إلي واشنطن وهو يحصل علي جرعات مكثفة من الحقن المخدرة التي تذهب بالعقل في بعض الأحيان تجعل من يتعاطاها يدخل في نوم عميق لفترات طويلة.
كانت هذه الحقن المخدرة تحتوي علي خلطة من الهيروين والكوكايين بالاضافة إلي مواد كيماوية أخري والمدهش أن هذه المادة المخدرة ليست من انتاج المخابرات الأمريكية وانما هي انتاج إسرائيلي صرف، وأن المخابرات الإسرائيلية درجت علي استخدامها مع القادة الفلسطينيين الذين يتم القاء القبض عليهم واستجوابهم.
كانت الجرعات المكثفة رهيبة ومؤثرة للغاية، فبعد أن يسلم المتعاطي نفسه للنوم العميق عندما يصحو يشعر أنه مسلوب الارادة وغير قادر علي تذكر الأحداث، كما أنها تشيع التفاؤل لدي الشخص فيتحدث وكأنه مع أصدقائه ومعارفه أما الشخص الذي يعتاد علي هذا الحقن التي تسمي 'سيراكس' فهو علي استعداد لأن يفعل أي شيء مقابل الحصول علي جرعة منها، وأن الأمريكيين بدءوا في استخدام هذا النوع من الحقن منذ اللحظة الأولي لاعتقال صدام.
ثمة سؤال يطرح نفسه عليك الآن عزيزي القارئ: وما الذي دفع الادارة الأمريكية أن تتأخر في اعلان نبأ القبض كل هذا الوقت؟.
كانت الرؤية في البداية أن يدعو الرئيس بوش إلي مؤتمر صحفي عالمي في البيت الأبيض وبجواره بريمر يعلن فيه عن خبر اعتقال صدام.
وفي هذا المؤتمر كانت هناك مفاجأة من النوع الثقيل تذكرنا بمفاجآت 'رامبو' الهوليودية، فخلال المؤتمر وفي ذروته كان بوش سيقدم للعالم مفاجأة من النوع الثقيل 'صدام حسين داخل قفص حديدي'.
وكان الذين سيقومون بأداء هذا المشهد هم جنود الوحدة الرابعة مشاة بالإضافة إلي قائد العملية الذين نفذوا الخطة ونجحوا في إلقاء القبض علي صدام حسين.
وكان بوش ينوي أن يقدمهم فردا فردا إلي الرأي العام خلال مؤتمره الصحفي، وأن يكون صدام داخل القفص الحديدي مخدرا إلي حد سلب ارادته تماما.
كان هذا هو التخطيط الأولي الذي طرحه رامسفيلد علي الرئيس جورج بوش، وكان بوش في البداية يبدو مقتنعا بهذا السيناريو السينمائي المثير وذلك حتي تظهر أمريكا امام العالم وكأنها اليد الأقوي التي انهت اسطورة صدام داخل قفص حديدي.
بعد وصول بريمر إلي العاصمة الأمريكية مصطحبا صدام عقد الرئيس بوش اجتماعا مع مستشاريه ومساعديه في حضور بريمر وقيادات الأمن القومي والقيادات العسكرية في العراق وشارك في هذا الاجتماع رامسفيلد ورايس وباول.
كانت كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي متحمسة لفكرة دونالد رامسفيلد وزير الدفاع في اظهار القوة الأمريكية وظهور صدام في حديقة البيت الأبيض امام وسائل الاعلام داخل القفص الحديدي.
طلبت كونداليزا رايس أن يجري إعداد مسرح ويتم تغطيته بأغطية من كل جانب علي شكل ستائر، وأنه وبعد عشر دقائق من استرسال بوش في خطابه أمام المؤتمر الصحفي وبجواره بريمر والقائد العسكري سانشيز، يعلن الرئيس الأمريكي لحظة الانتصار الحاسمة باعتقال صدام، وفي هذه اللحظة تحديدا يتم الكشف عن صدام مكبلا داخل القفص الحديدي.
كان كولن باول وزير الخارجية يبدو غير مقتنع بحديث رامسفيلد وكونداليزا رايس، ابدي اعتراضه الشديد علي سيناريو القفص الحديدي واعتبر أن تنفيذ ذلك السيناريو لن يكون موجها ضد صدام وانما رسالة موجهة لكل الشعوب العربية وقال بلهجة غلبت عليها الحدة إن هذا المشهد الذليل لن يقبله العراقيون انفسهم بل حتي اعداء صدام سيرفضونه، وأن ذلك سيؤدي إلي حدوث اضطرابات أمنية بالغة قد تصل إلي حد الثورة في داخل العديد من البلدان العربية.
وتحدث بول بريمر قائد الادارة المدنية الأمريكية في العراق وأيد وجهة نظر كولين باول، وطلب ضرورة مراعاة الحالة النفسية للعراقيين الذين حتي وان اتفقوا علي عدم حبهم لصدام إلا انهم سيرفضون اذلاله إلي هذا الحد.
أما رامسفيلد ورايس فقد كانت وجهة نظرهما أن هذا الإذلال سيؤثر علي معنويات المقاومة العراقية وينال منها وأن ذلك من شأنه أن يدفع كل هذه العناصر إلي القاء السلاح بعد ذلك، وأن هذا هو الذي سيعجل باستقرار الأوضاع علي الساحة العراقية.
هنا تدخل بول بريمر وقال العكس هو الصحيح فمثل هذا الاسلوب سيزيد من حدة المقاومة العراقية وعملياتها الانتحارية ضد الأمريكيين، وأن الجنود الأمريكيين اذا كانوا مستهدفين بنسبة 50 % من افراد الشعب العراقي فإنهم سيكونون مستهدفين بعد هذا الاعلان بنسبة تفوق 90 % .
وقد أيد أحد قادة القوات الأمريكية في العراق ما طرحه بول بريمر وقال إن الأوضاع معقدة للغاية في العراق وإنه إذا كان صدام مسئولا عن جزء من المقاومة إلا أنه لا يمثل الفصيل الرئيسي في هذه المقاومة المتشعبة، وإن صدام لم يعد ذلك الرجل القوي الذي تخشاه القوات الأمريكية في العراق، كما أن انصاره مشتتون وليسوا عناصر قوية.
ورأي باول أن ذلك الطرح يعبر عن وجهة نظر سليمة وأن المهم الآن هو كيفية الاستفادة من هذا الشخص يقصد صدام ليجيب عن كل الأسئلة الأمريكية الحائرة.
واقترح باول في هذا الاطار أن يتم تأجيل الاعلان نهائيا عن اعتقال صدام، بل وأن يتصرف بول بريمر وكل المعنيين علي أنهم مازالوا يبحثون عن صدام حتي تنتهي المخابرات الأمريكية بالتعاون مع الأمن القومي تماما من التحقيقات مع صدام، علي ان تبقي هذه التحقيقات سرية ودون اعلان.