عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 03-05-2005, 06:20 PM
تيمور111 تيمور111 غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 822
إفتراضي

الــرد عـلـى الفتــــــــوى



تحريـــــم الطبــــول بصحيـــح المنــــقــــول
رد محتسب على فتوى العبيكان في إبـــاحة الطبـــول



قال مقيده "محتسب" : {رَبِّ اشْرحْ لي صَدْرِي * وَيسِّرْ لي أمْرِي * واحْلُلْ عُقْدةً مِنْ لِسَانِي * يفْقَهُوا قَوْلي} ، فأقول ـ وبالله تعالى التوفيق والسداد ـ :

أولاً ـ إن من يمعن النظر في هذه الفتوى من أهل التخصص في علم الحديث يجزم بأن الشيخ العبيكان لا حظ له فيه على الإطلاق ، وما هو فيه إلا كحاطب ليل لا يفرق بين الصحيح والضعيف ، والمتصل والمنقطع ، وإنما غايته حشد أكبر قدر ممكن من الأدلة والنصوص التي تشهد لفتواه الغير قائمة على النظر والاستدلال ، مع سلوكه ـ للأسف ـ مسلك التدليس تارة ، والتلبيس تارات كما سيأتي تقرير ذلك في موضعه.

يدل على ما زعمته آنفًا أنه لم يورد في الفتوى غير حديثين اثنين فقط لهما علاقة مباشرة بإباحة الطبل ، وهما ضعيفان لا يحتج بهما ، ولكنه دلس في نقل تحسين الألباني لهما، أما بقية الأحاديث المرفوعة ، فهي نصوص عامة لا علاقة لها بمضمون الفتوى؛ لذلك لن أتعرض لها في ردي هذا طلبا للاختصار .

كما أنه أورد سبعة آثار موقوفة ، وجميعها ضعيفة ضعفًا بينًا كما سيأتي توضيحه في موضعه ـ إن شاء اللَّه ـ .

ثانيًا ـ لقد استدل العبيكان ببعض النصوص على إباحة "الطبل" ، ثم ذيل ذلك بقوله في (الفقرة 12) : "وبما أن النصوص المتقدمة دلت على إباحة الدف والطبل" . اهـ .

قال مقيده "محتسب" : على العبيكان أن يثبت العرش أولاً ، ثم ينقش كيف يشاء ، أما بيع الوهم للآخرين بإيراد روايات ضعيفة ، فإنها لا تغني عن الحق شيئًا ، فكل ما أورده من نصوص في "الطبل" ضعيفة لا حجة فيها ، ولو صح منها شيء لكنا أول من يطبل لك .

ولتقرير ذلك يلزمنا تحقيق النصوص ـ المرفوعة والموقوفة ـ التي أوردها العبيكان في ثنايا الفتوى والتي قد يفهم منها إباحة "الطبل" .


1 ـ حديث تزويج هبار ابنته والضرب بالكَبَر في عرسها (الفقرة 5)


رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 529) 22/201 ، وابن منده في "المعرفة" 2/218 ، كلاهما من طريق محمد بن عبيد اللَّه ، عن عبد اللَّه بن هبّار ، عن أبيه ، عن جده قال : زوج هبار ابنته ، فضرب في عرسها بالكبر والغربال ، فسمع ذلك رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : "ما هذا ؟" قالوا : زف هبار ابنته ، فضرب في عرسها بالكبر والغربال ، فقال رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أشيدوا النكاح ، أشيدوا النكاح ، هذا نكاح لا سفاح" .

قلتُ : وهذا الحديث إسناده ضعيف جدًا ؛ فيه علتان :

الأولى ـ "محمد بن عبيد اللَّه"، وهو "العَرْزَمي"، متروك الحديث، كما قال الإمام أحمد ، وابن الجنيد، والأزدي ، والحافظ ابن حجر ، بل قال الحاكم : "متروك الحديث بلا خلاف". انظر : "المجروحين" لابن حبان 2/246، و"تهذيب الكمال" (رقم5434).

العلة الأخرى ـ "عبد اللَّه بن هبار" ، مجهول .

والحديث ضعفه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 6/527 ، وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/290 ، وعزاه للطبراني ، وقال : "وفيه محمد بن عبيد اللَّه العرزمي ، وهو ضعيف" . اهـ ، كما ضعفه الألباني في "الصحيحة" 3/447 .

والعجيب أن العبيكان زعم عقب إيراده لهذا الحديث في (الفقرة 5) تحسين الألباني له ، فقال : "حسنه الألباني في "صحيح الجامع"، و"السلسلة الصحيحة" (1463)" . اهـ .

وهذا تدليس فاحش، وبهرجة للباطل ، وأنا أنقل ما ذكره شيخنا الألباني ـ رحمه اللَّه ـ بحروفه ليعلم كيف يتلاعب هذا الرجل بالنصوص وأقوال أهل العلم ، وتوظيف كل ما تطاله يده من أجل الترويج لباطله وبضاعته الخاسرة ، وأنه غير مأمون فيما ينقله ، فقد أورد شيخنا الألباني ـ رحمه اللَّه ـ النص المرفوع : "أشيدوا النكاح ، أشيدوا النكاح ، هذا النكاح لا السفاح" في "السلسلة الصحيحة" تحت (رقم 1463) 3/447 ، وعزاه لابن منده ، وذكر إسناده ثم قال ـ رحمه اللَّه ـ : "قلتُ ـ والقائل هو شيخنا الألباني ـ : وهذا إسناد ضعيف مجهول، عبد اللَّه بن هبار، وابنه يحيى لم أجد من ترجمهما، وأبومعشر واسمه نجيح ضعيف ، ومن طريقه رواه الطبراني أيضًا في ترجمة "هبار" من "الإصابة" ، وفي الطريق الأولى محمد بن عبيد اللَّه ، وهو العرزمي ، وهو متروك" ، ثم قال : "وجملة القول أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف ؛ لاضطرابه وجهالة بعض رواته ، وضعف آخرين منهم . نعم له شاهد من حديث السائب بن يزيد قال : لقي رسول اللَّه جوار يتغنين يقلن فحيونا نحييكم ... فقال رجل : يا رسول اللَّه أترخص للناس في هذا ؟ فقال : "نعم إنه نكاح لا سفاح ، أشيدو النكاح" . ثم قال الشيخ الألباني : "فالحديث به حسن ، لا سيما وهو بمعنى حديث ابن الزبير مرفوعًا : "أعلنوا النكاح" ". اهـ .

قال مقيده "محتسب" : فكما تراه جليًا أن الشيخ ضعف قصة هبار مع الطبل دون اللفظ المرفوع ؛ لأن له شواهد أخرى. فتأمل كيف دلس هذا الشيخ عندما زعم أن قصة هبار التي رواها الطبراني وفيها ذكر الطبل حسنها الألباني؟!! والله المستعان.


2 ـ نفس الحديث السابق من طريق أخرى ليس فيها ذكر الكبر (الفقرة 6)


قال العبيكان في (الفقرة 6) : "وأخرج الطبراني في "الكبير" عن هبّار بن الأسود والسائب بن يزيد الكندي ، ورمز السيوطي لحسنه : "أشيدوا النكاح ، وأعلنوه" ، وسببه أن هبّار بن الأسود زوج ابنته وكان عنده كَبَر وغرابيل ، فسمع رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ طبلاً ، فقال : "ما هذا ؟!" فقيل : زوج هبّار ، فذكره" . اهـ .

قال مقيده "محتسب" : كذا سطرت يد العبيكان ، وهذا والله جهل مطبق لو أتى به أحد طلاب المدارس لأعطيناه صفرًا ، فصاحبنا العبيكان لا يعرف النقل من مصادر الحديث الأصلية ، وإنما يعمد إلى كتب الجوامع كـ"الجامع الصغير" للسيوطي ، وشرحه "فيض القدير" للمناوي ، ثم ينسخ ما في كتبهم ويلصقه في الفتاوى ، ويوزعه على الناس! وهذا لا يليق بصغار طلبة العلم ، فضلا عن شيخ تصدى للفتوى !!!.

المقصود أن ما ذكره العبيكان آنفًا ، نقله بحروفه من "فيض القدير" 1/527 مع إحسان الظن به ، وإلا فقد احتطبه من وسيط ثالث نقله من "الفيض"، ويؤكد لك ذلك عدم عزوه للحديث بالجزء والصفحة في "المعجم" كما فعل ذلك في الحديث الذي قبله ، وبقية الأحاديث والآثار . فتأمل!! .

وفي الجملة لقد رتب السيوطي في "جامعه" ألفاظ الأحاديث المرفوعة على ترتيب حروف الهجاء ، ثم رمز لكل حديث لمن أخرجه في أصوله من طريق الصحابي ، فأحيانًا تتفق الألفاظ وتختلف أصول الروايات ، وهذا ما حدث في الحديث الذي بين أيدينا ، وخلط فيه صاحبنا العبيكان بسبب نقله ما لا يفهمه .

فقوله : "وأخرج الطبراني في "الكبير" عن هبّار بن الأسود والسائب بن يزيد الكندي" معناه أن الطبراني روى في "معجمه الكبير" اللفظ المرفوع : "أشيدوا النكاح ، وأعلنوه" عن صحابيين مختلفين :

الحديث الأول ـ حديث هبّار بن الأسود :

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 528) 22/200، من طريق أحمد بن داود المكي ، ثنا إبراهيم بن زكريا العبدشي ، ثنا هشيم بن أبي معشر ، عن يحيى بن عبد الملك بن هبار بن الأسود ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ مر بدار هبار بن الأسود ، فسمع صوت غناء ، فقال : "ما هذا ؟" قيل تزويج ، فجعل رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ يقول : "هذا نكاح لا السفاح" يرددها .

وهذا الحديث هو نفسه الحديث السابق ونفس قصته ، غير أنه لم يذكر فيه "الكبر والغرابيل" ، ولذلك لو صح إسناده ، فلن يصلح الاحتجاج به في إباحة "الطبل" ، فكيف وهو شديد الضعف أيضًا ؟ ففيه ثلاث علل :

العلة الأولى ـ فيه "أبو معشر" ، وهو "نَجيح بن عبد الرحمن السِّندي" ضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي ، والعقيلي ، وابن حبان، وعمرو بن علي ، والدارقطني، وأبو نعيم ، وابن الجوزي ، والحافظ ابن حجر، وقال البخاري : "منكر الحديث". انظر : "المجروحين" لابن حبان 3/60 ، "تهذيب الكمال" (رقم 6386) .

العلة الثانية ـ "يحيى بن عبد اللَّه بن هبار" ، مجهول .

العلة الثالثة ـ "عبد اللَّه بن هبار" ، مجهول .

تنبيه :
وقع خطـأ في مطبوعة "المعجم" ، حيث ذكر في الإسناد (هـشيم بن أبي معشر) ، وصوابه (هشيم ، عن أبي معشر) .

والحديث ضعفه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 6/527 .

الحديث الثاني ـ السائب بن يزيد الكندي :

رواه الطبراني أيضًا في "المعجم الكبير" (رقم 6666) 7/152، من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي ، عن يزيد بن خصيفة ، عن أبيه ، عن السائب بن يزيد ، قال : لقي رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ ، ثم دعاهن ، فقال : "لا تقولوا هكذا ، ولكن قولوا حيانا وإياكم" ، فقال رجل : يا رسول اللَّه ! أترخص للناس في هذا ؟ قال : "نعم إنه نكاح لا سفاح ، أشيدوا بالنكاح" .

فكما ترى أخي القارئ الكريم أن حديث السائب هذا قصته مختلفة تمامًا عن قصة هبار ، كما أن حديث السائب هذا لم يذكر فيه "الطبل" لا من قريب ولا من بعيد، ومع هذا كله فالحديث ضعيف ؛ فيه "يزيد بن عبد الملك"، ضعفه الإمام أحمد، وابن معين ـ في رواية ـ، وأبو زرعة ، والعقيلي ، وابن حبان ، والدارقطني ، وابن الجوزي ، والذهبي ، والحافظ ابن حجر ، وقال أبو حاتم : "ضعيف الحديث ، منكر الحديث جدًا" ، وكذا ضعفه البخاري جدًا ، وزاد : "أحاديثه شبه لا شيء "، وقال النسائي "متروك الحديث". انظر : "تهذيب الكمال" (رقم 7025) ، والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" 4/290 ، وعزاه للطبراني، وقال: "وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين في رواية" قلت : لم يوثقه ابن معين كما قال الهيثمي ، وعبارته في الرواية الثانية كما في "تاريخ الدارمي" (رقم 883) : "ما كان به بأس" ، وهذه العبارة دون التوثيق كما هو مقرر عند أهل هذا الفن ، ثم الأرجح رواية التضعيف ؛ لأن رواها عنه اثنان ، ابن طهمان (رقم 381) ، وابن محرز (رقم 59)، وعبارته فيهما : "ليس بشيء" ، كما أن البخاري حكى عن ابن معين أنه لينه ، وهي الرواية الموافقة لرواية أئمة الجرح والتعديل؛ لذلك الأظهر عندي أن رواية التعديل فيها تحريف ـ والله أعلم ـ ، ولو صحت ، فالقاعدة أن الجرح مقدم على التعديل، خاصة إذا وافق عامة أئمة الجرح والتعديل، ومع هذا كله لو صح الحديث ، فلن يشفع للعبيكان في تصحيح فتواه ؛ لأنه كما ذكرت آنفًا ليس فيه ذكر "الطبل" مطلقًا . فتأمل !!.

إذا تقرر ذلك ، فما نقله العبيكان بقوله : "وسببه أن هبّار بن الأسود ...الخ" هذا راجع لحديث هبّار الأول ، وليس لحديث السائب ؛ لأن قصته مختلفة .

أما قوله :"ورمز السيوطي لحسنه" ، فيجاب عليه بأجوبة :

1 ـ أن السيوطي معروف عند أهل هذا الفن بتساهلله الشديد في تصحيح وتحسين الأحاديث ، فقوله غير معتمد عند المحققين .

2 ـ أن السيوطي اعتمد في "جامعه" في الحكم على الحديث على الرموز ، وهذه الرموز وقع فيها خلط وتحريف كبير بين النساخ ، مما أفقدها الثقة عند المحققين .

3 ـ أن تحسين السيوطي متجه للفظ المرفوع : "أشيدوا النكاح ، وأعلنوه" ، وهذا اللفظ ، نؤيد تحسينه لكثرة طرقه ، وقد حسنه الألباني في "الصحيحة" (رقم 1463) ، ولكن كما ذكرنا آنفًا هذا التحسين لا ينسحب على قصة هبار . فانتبه أخي القارئ ـ وفقك اللَّه ـ .


3 ـ أثر عمر بن الخطاب (فقرة 7)


رواه سعيد بن منصور في "المسند" (رقم 630) 1/202 ، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، قال : سمعت ربيعة يقول : سمع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ صوت كَبَر ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : نكاح . فقال : "أفشوا النكاح" .

قال مقيده "محتسب" : هذا الأثر ضعيف ، تفرد بإخراجه سعيد بن منصور ، وفي إسناده انقطاع ؛ فـ"ربيعة" هو "ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ، المعروف بـ "ربيعة الرأي" من الطبقة الخامسة لم يدرك عمر بن الخطاب ، فضلاً عن السماع منه والرواية عنه ؛ فقد توفي سنة 136هـ ، وقال الباجي : توفي سنة 142هـ . انظر : "تهذيب الكمال" (ترجمة رقم 1881) 9/123 .

وعليه فإسناد الأثر ضعيف لا حجة فيه .