عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-07-2003, 05:54 AM
ثمرة الثامر ثمرة الثامر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
المشاركات: 32
إفتراضي ( الجنــوب .. المتهم البــريء )

ما يحدث هذه الأيام بجنوب المملكة دعاني أتذكر لقاء عقد قبل فترة ونشر على صفحات عكاظ ، حشدت للمشاركة فيه مجموعه من رموز المجتمع الجنوبي وكتابه ، وكان صلب الموضوع آرائهم حول ما قيل بعد أحداث 11 سبتمبر عن أبناء الجنوب بالمملكة كون معظم منفذي عملية سبتمبر كانوا من أبنائه .

وكان المشاركين في ذلك اللقاء ( الكاتب المعروف بجريده الوطن الدكتور على الموسى ، الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفه عضو مجلس الشورى ، الدكتور على الشعبي عميد كلية الأمير سلطان لعلوم السياحة والفندقه ، رئيس نادي أبها الأدبي محمد الحميد ، الكاتب المعروف بجريده عكاظ الأستاذ احمد فقيهي ، الكاتب والباحث علي مغاوي )

فكرت أن انقل لكم كامل المشاركات ، ورأي كلا منهم في هذه القضية ، إلا أنني لا أرى ما يستوجب نقل كل الآراء كون الأغلب أخذ طريقاً فلسفياً ، وابتعد عن الخوض في صلب الموضوع ، ولذلك سوف اقتصر هنا على ما قاله الدكتور ( على الموسى ) والدكتور ( محمد بن عبدالله بن زلفه ) .


(الدكتور علي الموسى )

لم يكن كعادته في الطرح .. يبدوا عليه شعور من الإحباط والألم ، مما كان له الأثر في مقاله ، قال الدكتور :
(( بقدر ما يتطور الجنوب في الجانب التنموي بقدر ما يجنح مجتمعه إلى الحدة والانفعال والنظر بالشك والريبة لدواعي الحياة العصرية .. وشخص الداء في الانغلاق .. وهو نفسه الانغلاق الذي يبكم أفواهنا عن قول الحقيقة وهو نفس عامل الحدة والأنفال الذي يجر أقلامنا إلى الخلف إذا ما أردنا أن نواصل المكاشفة )) .
وقد أكد الدكتور الموسى في مجمل مقاله على عدم سبب الفقر في ظاهرة الإرهاب ، ورده الى فرض الرأي الأحادي ، والانعزال الفكري .. وكان يعبر عن الحدث في حينه ووقته ولم يرجع آلي أسبابه ونشأته وما قبل ذلك مع المقارنة والقياس .



الدكتور محمد بن عبدالله بن زلفه


حلق في السماء لوحده بطرحه العميق وعلمه وفهمه للقضية.. وسأجتهد لنقله مع شيئاً من الاختصار وبما لا يؤثر على المقال وفكرته انشاء الله .
من التداعيات السيئة لليوم الحادي عشر من سبتمبر ظهور اسم جنوبنا الغالي على شاشات المحطات العالمية والصفحات الأولى لبعض الجرائد العالمية بحجه ان بعضا من الذين اشتركوا في أحداث الهجوم على نيويورك وواشنطن من أبناء الجنوب بالمملكة ، وخاض الخائضون واجتهد المجتهدون لتفسير الأحداث واغلبهم تنقصهم المعرفة أحيانا فأرجعوا سبب انتساب هؤلاء النفر إلى هذه المنطقة بالذات وردود أفعال أوضاعهم المحلية .
فمنهم ارجع السبب إلى تدني مستوى المعيشة لأبناء هذه المنطقة – قياسا بغيرهم من أبناء المناطق الأخرى بالمملكة .. ومنهم من قال ان هذه المنطقة ظلت مهملة من قبل الحكومة المركزية .. ومنهم من قال أنها ردة فعل - لعدم تمثيلهم التمثيل المناسب مع كثافة عدد السكان في المناصب الحكومية ، فليس منهم وزير واحد .. ولا عضو في مجلس الوزراء .. ولا في مجلس القضاء الأعلى .. وتمثيلهم في مجلس الشورى غير عادل .. ولم يصل أحد منهم الى منصب رئاسة الأركان في الجيش أو قيادته إلا سعيد العمري قبل وقت بعيد .. مع إنهم يكونون الأغلبية قي صفوف قواتنا المسلحة .. إلى غير ذلك من التحليلات .

كل هذه الأسباب أو مجملها قيلت في تفسير سبب ما حدث لهؤلاء ، ولكن ليس كل ما وصل أليه المحللون وأصحاب الأهواء منهم الجاهلون بطبيعة سكان هذه المنطقة وجغرافيتها وتاريخها وحضارتها صحيحا .

فالمنطقة وأهلها لم تكن معزولة عن كما يتصورون ، فهم في قلب الحدث وعينه منذ فجر الإسلام ، وقبله وبعده ، وهم بناء حضارة وأصحاب قيم وأخلاق عالية في التعامل مع أنفسهم ومع الآخر .
ولنطالع معا نص حوار وفدهم يوم جاء لبمايعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولنقرأ ما قاله صلى الله عليه وسلم فيهم .
انظر الى ما تركوه من أثر في كل بلاد ذهبوا أليها مع طلائع الفتوحات الإسلامية ، انظر الى ما تركوه في بناء الحضارة الإنسانية ، انظر الى نصوصهم المكتوبة لمفهومهم للحضارة والحفاظ على الأمن والسلم وذلك من خلال قراءه نظمهم وقوانينهم ودساتيرهم ومعاهداتهم واتفاقياتهم التي قل ان تجد لها مثيلا في الجزيرة العربية .
حينما قامت في الجزيرة العربية أول حكومة مركزيه في تاريخها منذ دولة الخلافة الراشدة وذلك أبان قيام الدولة السعودية الأولى انضمت المنطقة الجنوبية لتشكل أهم دعائم الوحدة الوطنية .
وقد كانوا يتخذون من الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن أسلوبا لحل خلافاتهم مع خصومهم . انظر الى المناظرة الرائعة لعلمائهم وعلماء المخالف السليماني حول الاختلاف في نظرتهم الى التصوف لدى السيد الإدريسي الذي استوطن صبيا بحضور أمير عسير على بن مجثل وهو الذي كان يدير الحوار بنفسه ، ثم انظر كيف انتهت تلك المناظرة بحضور أمير عسير وهو في قمة مجده في صالح الإدريسي على حساب العلماء الذين يمثلون صف الأمير .
انظر إلى سبب امتناع قبائل بني شعبه ومن وقف معهم من العلماء في حرب قادها عبدالوهاب ابو نقطه أحد كبار مشايخ قبائل عسير حين وقف الطرف الآخر مبديا حجته من خلال الحوار بأنه لا يجوز قتال من يقول لا اله إلا الله أو معاهد أو من في حكمه وبهذا فلا جهاد في هذه الحالة .

المجتمع الجنوبي بنى نظمه من خلال العمل الجماعي والمشورة والحوار ، وعندما احتلت الدولة العثمانية المنطقة الجنوبية بعد القضاء على أمارة عسير عام 1288هجري ، وحينما أعيد العمل بالدستور وشكل أول مجلس للبرلمان العثماني – اختير خمسة ممثلين من المنطقة الجنوبية ، وقد اعترضت حينذاك بعض الفعاليات الجنوبية على فكرة الاختيار وطالبوا بالانتخاب .

ظاهرتا الإرهاب والتعصب الديني دخيلتان على المجتمع الجنوبي ولم تظهر إلا متأخرة .. وليستا محصورتين في المنطقة الجنوبية بل منتشرتان في أنحاء كثيرة من الجزيرة العربية فحسب .. بل وفي خارجها .

يجب أن نقرر حقيقة ولا اعتقد أن أحد سيجادل صحتها وهي أن التعليم الجامعي في المنطقة الجنوبية تأخر كثيرا وما زال ، ثم بعد انتظار طويل لم يبدأ بشكل متوازن .. بل كان لفتح جامعة الأمام والتوسع في فتح الأقسام الدينية بها ، وتشجيع الطلاب على الالتحاق بها بشكل واسع ، وتكثيف البرامج الدينية ، والتركيز على مفهوم نشر الدعوة .. في مجتمع وهم بأنه بعيد عن الدين .. وانه ينتشر فيه بعض الخرافات والمعتقدات الباطلة . وهذه كلها دعواي غير صحيحة ، وأكثروا من النشاطات الدعويه والتوعويه .. ومن مدارس تحفيظ القرآن الكريم وجمعياته .. وكأنهم يدخلون الدين لهذه المنطقة لأول مره ، ونشاطات المراكز الصيفية .. والمعسكرات الدعويه .. هذا مما جعل الشباب يعيشون وضعا مختلفا اثر بشكل واضح في اتجاهاتهم وأفكارهم .
ولم يكتفوا من خلال كل هذا التكثيف من التعبئة النفسية بأن تكون شدتهم على أبناء جلدتهم من أهليهم وذويهم .. بل عبأت نفوسهم بحب الجهاد والقتال والاستشهاد في سبيل إنقاذ المسلمين في أفغانستان من نار الشيوعية .. فكانت إحدى نوافذهم التي منها افرغوا ما عبئت به عقولهم الخام وأعمارهم الغضة .
وبكل أسف فأن من يتهم أبناء هذه المنطقة بالإرهاب لا يعرف الأسباب الحقيقة والدوافع .. أو يتعامون عن محاولة معرفتها ، وما تشهده شريحة من شرائح المجتمع في المنطقة الجنوبية من موجة تطرف .. هي ليست أصيلة .. بل هي مدفوعة من خارجها والمنطقة بريئة منها .

والمطلوب هو وقف منابع الإرهاب والمروجين له .. والداعين إليه .. والمنفقين عليه باسم خدمة العقيدة .. فأبناء المنطقة هم حقا أبناء العقيدة الصالحة التي لا يزايد عليهم فيها أحد .

أما ما يقال عن الفقر أو تدني مستوى المعيشة في صفوف أبناء المنطقة الجنوبية وانخفاض وتيرة التنمية بها .. بأنها سبب ما قام به أولئك المغرر بهم فهذا قول غير صحيح .
فمستوى معيشة أهل المنطقة الجنوبية لا يقل عن مستواه في بقية المناطق .. ولربما أفضل من بعضها كالمنطقة الشمالية ، وليس هناك في المنطقة الجنوبية فكر منغلق تسبب في الإرهاب .. كما يروجه البعض ، ولكن هناك فكر أحادى تظهر حدة تأثيره في شريحة من الذين اتخذوا التطرف طريقا لهم .. وهذا لا تفتر حدته ويستقيم أمره - إلا إذا تعددت منافذ الثقافة .. وتأسست جامعات بمجالات متخصصة ومتعددة في المنطقة الجنوبية للوفاء بمتطلبات احتياجات الإنسان وإشباع رغباته المتنوعة .. وذلك للحد والتقليل من هجرة بعض الشباب الى مناطق يتلقفهم فيها بعض دعاة التطرف الأحادي .. مستغلين اغترابهم أو صغر سنهم ، أو ظروفهم الاقتصادية .


تحياتي
__________________