عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-08-2005, 09:04 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

القرآن الرائع The Amazing Qura'an
بقلم : د. جارى ميللر Gary Miller
( 2 )

أسألوا أهل الذكر :

ومن سمات القرآن الكريم الهامة والتى تتكرر فيه أنه يوجه النصح للقارئ . يزود القرآن قارئه بالحقائق المختلفة ويوجه له هذه النصيحة : " إذا أردت أن تعرف أكثر عن هذه النقطة أو تلك أو إذا كنت فى شك فيما يقال لك ، فاسأل أهل الذكر " . هذه أيضا سمة مدهشة فيه . ليس من المألوف أن يأتيك كتاب من أحد غير متمرس فى الجغرافيا ، النبات ، علم الأحياء ..... الخ ، ويناقش هذه المواضيع ثم يقول لك " إذا كنت فى شك من أى شئ فاسأل أهل الذكر " . وبناء على ذلك ففى كل العصور اتبع المسلمون هذه النصيحة القرآنية وخرجوا باكتشافات مدهشة . إذا نظر الإنسان لأعمال علماء المسلمين لعدة قرون مضت ، سيجدهم اتبعوا هذا المنهج فى البحث وأخذوا من العلوم السابقة ولم ينغلقوا على أنفسهم . هذا المنهج يحثهم على البحث فى هذا المكان أو هذا المكان ليجدوا شيئا ، مستدلين بذلك على توجيهات القرآن الكريم .
وكمثال ... وليس حصرا ... فإن القرآن تكلم عن أصل الإنسان ، وطلب من قارئه أن يسير فى الأرض ليبحث عن ذلك ، " قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق " . يعطى الإنسان لمحة ويطلب منه البحث بنفسه ، وإليك المثل التالى .


علم الأجنة :


من عدة سنين قامت مجموعة من الرجال فى الرياض بالمملكة السعودية العربية بجمع آيات من القرآن الكريم عن خلق الأجنة فى الأرحام ونموها . وقالوا " هذا ما ذكره القرآن ، هل هو الحقيقة ؟ " ... فى الجوهر فقد أخذوا بالنصيحة التى وجههم لها القرآن الكريم " واسألوا أهل الذكر " . واختاروا كما حدث عالم غير مسلم يعمل فى السلك الأكاديمى بجامعة ترونتو . واسمه " كيث موور Keith Moore " وهو مؤلف كتب فى علم الأجنة - وله شهرة عالمية فى الموضوع . دعوه للرياض وقدموا له النصوص وما يقول القرآن سائلين " هل هذا صحيح ؟ " " ماذا يمكن لك أن تقول لنا ؟ " .
وفى الرياض قدموا له كل مايساعده على الترجمة وكل مايريده ، وقد كان فى غاية الدهشة لما وجد حتى أنه عدل فى كتبه . وفى أحد كتبه المسمى " قبل أن نولد Before We Born " فى الجزء الخاص بتاريخ علم الأجنة أضاف فى طبعة جديدة بعض المواد التى لم ترد فى الطبعات السابقة تفيد أن القرآن ذكر هذه التفاصيل من 14 قرن وأن المسلمين كانوا يعلمون ما لم يعلمه الآخرون .
وقد كان لى شرف اللقاء مع الدكتور كنيث موور فى حلقة تلفزيونية وتكلمنا كثيرا فى هذا الموضوع - وقد كانت هناك شرائح مصورة وما إلى ذلك . وقد ذكر أن بعض ما ذكره القرآن الكريم " لم يكن معروفا منذ حوالى 30 عاما " ( يراعى أن هذه مقالة قديمة ) . وذكر شيئا بالتحديد أن ماذكره القرآن الكريم عن العلقة فى أحد مراحل تكوين الإنسان ( سورة الحج آية رقم " 5 " ... المؤمنون آية رقم " 14 " ... غافر آية رقم " 67 " ) كانت جديدة بالنسبة له ، وعندما بحثها وجدها صحيحة وقد أضاف ذلك فى كتابه . وقال " أنا لم أفكر فى ذلك من قبل " وذهب إلى قسم الحيوان ليحضر صورة للعلقة . وحينما وجدها تشبه الجنين الإنسانى قرر وضعها فى أحد كتبه .
وبالرغم من أن المثال السابق هو لرجل غير مسلم يبحث فى القرآن ، فهو صحيح لأنه متخصص فى علمه ، ولو قال بذلك رجل عادى عما ذكره القرآن فى علم الأجنة فلا يؤخذ بقوله . على كل حال ، فبالنسبة لمكانة العالم والإحترام لمكانته فحينما يصل من بحثه إلى مفهوم معين فمن الطبيعى أن يكون صحيحا .


الشكوك التى أثيرت :


وضع د. موور كتابا عن علم الأجنة التحليلى ، وحينما نشره فى ترونتو أثار ضجة كبيرة ، وصدرت بعض الصحف فى كندا على صفحاتها الأولى العنوان الآتى " عجائب وجدت فى كتاب عبادة قديم " ويتضح من هذا أن الناس لم تفهم جيدا ما هو الموضوع !!! وسأل أحد محررى الصحف د. موور " ألا تعتقد أن العرب كانوا يعرفون هذه الأشياء ... أوصاف ما يحدث للجنين والتغيرات التى تلم به وتطوراته ؟ ربما لم يكونوا علماء ولكنهم قاموا ببعض التشريحات البدائية بمعرفتهم - نقبوا فى بعض الأرحام ووصلوا إلى ما وصلوا إليه ؟؟؟ " أجابه د. موور على الفور " ولكنك نسيت شيئا هاما !!! - كل الشرائح التى عرضتها للأجنة وظهرت فى الأفلام أخذت من صور ميكروسكوبية دقيقة جدا لاترى إلا بالمجهر ، فكيف يكون من الممكن أن يكتشف علم الأجنة فى ذلك الوقت ؟؟؟ " .
كل الأوصاف التى ذكرت عن مراحل الجنين فى القرآن الكريم هى لأشياء فى منتهى الصغر لا ترى بالعين المجردة ، وتحتاج لميكروسكوب ، وبما أن الميكروسكوب أخترع فقط من مائتى عام مضت " ربما أنه من أربعة عشر قرنا كان أحدهم يمتلك سريا هذا الميكرسكوب وقام بهذه الأبحاث ولم يخطئ ، ثم علم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأقنعه بكتابة ذلك فى القرآن ثم حطم هذا الميكروسكوب ليحتفظ بهذا السر للأبد ... هل تعتقد ذلك ؟؟؟ بالطبع لا ، إلا إذا أتيت ببرهان يعزز كلامك وهذه النظرية المضحكة !!! وحينما سأل د. موور وكيف تفسر هذه المعلومات ؟؟؟ قال " لا يمكن إلا أن يكون هذا الكتاب موحى به من عند الله " .


علم طبقات الأرض :


أحد زملاء د. ميللر فى جامعة تورنتو " مارشال جونسون Marshall Johnson " يتعامل بكثرة مع علم طبقات الأرض فى الجامعة أصبح مهتما بالقرآن الكريم وبإشاراته الكونية ... بعد أن استمع لـ د. ميللر ودقة ما ورد فى القرآن عن الأجنة ... طلب من المسلمين أن يجمعوا له الآيات التى تشير إلى تخصصه . مرة ثانية إندهش الناس للمخرجات . وبما أنه هناك الكثير والكثير الذى ذكر فى القرآن فإن ذلك يحتاج لوقت لتحقيق كل موضوع . وما ذكر كان كافيا لموضوعنا هذا لغرض إثبات أن بالقرآن إشارات علمية واضحة ودقيقة وفى نفس الوقت يوجه القرآن قارئيه بأن يسألوا أهل الذكر والعلم ليتحققوا من أصالته وذلك كما حدث فى موضوعى علم الجنة وطبقات الأرض .
مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ :
ومما لا شك فيه فهناك سمة فى القرآن الكريم لا توجد فى كتاب آخر ، فمن المهم أن نلاحظ حينما يذكر القرآن معلومات معينة فيقول للقارئ " ما كنت تعلمها من قبل " . لا يوجد مخطوط يقول هذا القول . فكلها حينما تذكر موضوعا تاريخيا قديما تحدد من أين جاءت بهذه المعلومات .
وكمثال ، حينما يناقش الكتاب المقدس موضوعا تاريخيا قديما ، يقول هذا الملك عاش هنا ، وهذا قد حارب هذه المعركة ، وهذا الآخر كان له من الأبناء كذا وكذا .... الخ . وإذا أردت مزيدا من المعلومات فعليك بقراءة كتاب كذا وكذا لأنك ستجد التفاصيل فيها . وبالعكس من هذا المفهوم تجد القرآن الكريم ، القرآن يزودك بالمعلومة ويذكر لك أنها جديدة عليك . من الطبيعى أنك ستجد النصح أين تتحقق منها وتتأكد من صحتها . والغريب أن مثل هذه المعلومات لم تكن فى أى وقت معرضة للتحدى من قبل غير المسلمين وذلك لمدة أربعة عشرة قرنا . والعجيب أن أهل مكة من المشركين الذين كانوا فى عداء مستحكم مع الإسلام لم ينقضوا هذه المعلومات ويقولوا هذه ليست بجديدة نحن نعلم من أين أتى بها محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لقد تعلمنا هذا بالمدرسة !!! لم يستطيعوا التحدى مطلقا لأن هذه المعلومات فعلا كانت جديدة لهم .
وتحقيقا لنصائح القرآن الكريم للبحث عما ورد فيه ( حتى لو كان جديدا ) فقد أرسل الخليفة عمر بن الخطاب مجموعة من الرجال للبحث عن الجدار الذى شيده ذو القرنين قبل نزول الوحى بالقرآن ، وقد كان العرب لم يسمعوا شيئا عن هذا الجدار من قبل ، ولكن بما أن القرآن قد وصفه فقد تمكنوا من العثور عليه ، وهو الآن موجود فيما يسمى " دربيند Durbend " فى الإتحاد السوفيتى . ( مداخلة : هذه أول مرة أسمع فيها هذه القصة ) .


الدليل على الأصالة :


لابد من التأكيد هنا على أن القرآن يحتوى على أشياء كثيرة كثيرة جدا من الدقة بمكان ، ولكن ليس كل كتاب دقيق يعنى أنه موحى به من عند الله . الدقة هى أحد المعايير بأن الكتاب من الوحى . فمثلا كتاب دليل التليفونات دقيق ولكنه ليس وحيا . المشكلة الحقيقية هى أن تبحث عن برهان مقنع عن مصدر القرآن الكريم ، ولا يمكن لأحد أن ينكر ببساطة أصالته دون دليل ، إذا أمكن لأحد أن يجد خطأ فيه ( ولن يستطيع ) فله حينئذ أن ينكر تلك الأصالة ، وهذا ما يشجع عليه القرآن قارئه .
بعد إحدى محاضراتى فى جنوب إفريقيا جاءنى رجل غاضب لما ذكرته فى المحاضرة قائلا لى " أنا سأسهر الليل اليوم وآتيك بما يدحض ما جاء بالقرآن " قلت له على الفور " أهنئك " . ما ذكرته أنت هو الإجراء الصحيح . وبهذه الطريقة أنصح أن تقابلوا بها المعاندين ، فهذا نفسه ما دعى إليه القرآن الكريم " اذهب وأبحث " ، وبعد أن تقبل التحدى ويثبت لك صحة أن القرآن وحى من الله سبحانه وتعالى ستعود من الخاضعين لعظمته والمقبلين عليه . " مداخلة : وهذا بالضبط ما حدث لكثير من القساوسة الذين درسوا القرآن الكريم ليهاجموه فأسلموا " .
واحدى القواعد الأساسية التى لا تكرر وتتعلق بأصالة القرآن ، أن عدم قدرة أحد على فهم إحدى الظواهر لا يعنى قبوله لشرح أحد غيره لها . وبالتحديد فإن لم يستطع شخص أن يفسر ظاهرة ما فليس معنى هذا أن يقبل تفسير الآخرين . وبالتالى فرفضه هذا لتفسير الآخر يعيد المسئولية على عاتقه هو للبحث عن تفسير يقنعه . هذه النظرية العامة تنطبق على مفاهيم كثيرة فى حياتنا ، كما تنطبق بشكل رائع على تحديات القرآن الكريم فهى تشكل صعوبة كبرى على من يقول " لا أعتقد هذا " . فبمجرد رفضه للآخرين عادت المسئولية عليه ليجد التفسير الصحيح بنفسه .
فى الحقيقة هناك آية فى القرآن أرى أنه أسئ ترجمتها باللغة الإنجليزية ، يذكر فيها الله سبحانه وتعالى أولئكم الذين يستمعون الحق يبين لهم ، وتنص على أنه نسى الواجب عليه حينما يسمع ما يقال له للتأكد من صدقه . ( مداخلة : أعتقد أنه يشير إلى هذه الآية من سورة الكهف " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً {57} " ) فيكون الإنسان مذنبا حينما يسمع الحق ولا يعيره التفاتا ليثبت لنفسه أنه الحق . فعلى المرء أن يبحث فيما يقال له من معلومات فيغربلها ليلقى بما يتبين له أنه غير سليم ويستفيد بما هو سليم إما فى التو أو فيما بعد .
لا يصح أن تبقى الأفكار تضطرب فى ذهن المرء . لابد لها أن توضع فى الموقع الصحيح . وكمثل على هذا ، فالأمور التى تضطرب فى الذهن لابد من التمايز بينها لمعرفة هل هى أقرب للحق أم للباطل ، ولكن إذا عرضت أمامه كل الحقائق فعليه أن يقرر بحزم أين يقف هو ؟؟؟ وحتى إذا لم يكن إيجابيا حول أصالة الموضوع ، فمن المفروض عليه أن يستمر فى بحثه ويعترف أنه مازال غير متأكد من المعلومات . وبالرغم من أن هذه النقطة الأخيرة قد تظهر بأنها تافهة ، فى الواقع ، إلا أنه من المفيد الوصول إلى خاتمة إيجابية فيما بعد ، بمعنى أن ذلك يحث المرء على الأقل ... معرفة حاله ، البحث المتواصل أو مراجعة الحقائق .
هذا التفاعل مع المعلومات تعطى له " دافعا " حينما تظهر اكتشافات مستقبلية أو معلومات إضافية . الشئ المهم أن يتعامل المرء مع الحقائق ولا يهملها أو يتغاضى عنها .


يتبع[/b]