عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 08-05-2007, 11:04 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

القاعديون والتهديد بالحروب الطائفية والأهلية: التقويض الآخر للأمن القومي

حسب الاستراتيجيا العملية والمعلنة للتنظيمات القاعدية فإن مسألة "حاكمية الشريعة" تتبوأ مكانة مركزية. وبمعنى آخر فإن "أمن الشريعة"، بما يتضمن ذلك من المعاني الطائفية الضيقة للـ"سلفية الجهادية"، يحتل المكانة العليا التي يتم على أساسها الفرز العام لقائمة "المؤمنين" و"المرتدين". وتستبدل هذه المنظومة ذلك المعطى الواقعي المتمثل في الأمن القومي.

إن جوهرالتنظيمات القاعدية هو استرجاع لمقولة إسلامية سابقة مفادها رفض الواقع الراهن القائم بالأساس على رئيسية المرجعيتين الوطنية والقومية للعمل السياسي من خلال اعتبار هذه المعايير ببساطة معايير "جاهلية". لكن الوضع العراقي، على سبيل المثال، يؤكد، من جهة أخرى، معطى غير قابل للتجاهل: أن الحفاظ على شعبية التنظيم المسلح المناهض للاحتلال غير ممكن خارج شروط التركيبة العراقية شديدة الحساسية تجاه نعرات الحرب الطائفية وهكذا فإن هذا الشرط الأساسي للحل المسلح الناجع، أي العلاقة المتينة بين المسلح ومحيطه الشعبي، سيفرض على التنظيم القاعدي الانقسام ومن ثمة تخلي البعض عن جوهر الرؤية القاعدية أي التخلي عن القول بعلوية ماهو سني سلفي على ما هو وطني.[i]

وفي الواقع فإن هذا التهديد للصيغة الوطنية والمغامرة بتفتيتها بدعوى "جاهلية العصبية الوطنية" (يقع تمثيلها بالعصبية القبلية) لا يتجه إلى تقويض الدول القطرية في مصلحة دولة جامعة بقدر ما يسعى لإقامة دولة جامعة تحت النفوذ الاستبدادي للطائفة "السنية" في محيطها العقائدي الأقل انفتاحا. وهو ما يؤدي إلى إشعال سلسلة من الصراعات الأهلية على أساس "الهوية" ليس فقط بين الفصيل "السني" والآخر الشيعي أو حتى الطوائف النصرانية العربية بل حتى في خضم المحيط "السني". فلا يجب الوقوع هنا في المغالطة القاعدية التي تدعي الدفاع عن "أهل السنة والجماعة" حيث يقع الدفاع عن فصيل أقلي ضمن الساحة الشاملة للسنة العرب. إن المؤشر الآخر الباعث على الاهتمام هو الالتقاء على مستوى الرؤية الاستراتيجية بين التنظيمات القاعدية المؤججة للصراع "السني-الشيعي" وبعض الأطراف العربية الرسمية التي تتحدث عن تهديد "الهلال الشيعي". فتقييم الجانبين يتجه عمليا للالتقاء حول استهداف "غير السني" العربي بوصفه تهديدا ضروريا. إن ذلك يؤكد مقولة أساسية في علاقة ببداهة الطرح القومي من جهة الواقع القائم: تفتيت الصيغ الوطنية القائمة في إطارها القطري الراهن تهديد مباشر للأمن القومي العربي. وهنا، ورغم ما يبدو لذلك من مفارقة بالنسبة للخطاب القومي الحركي، فإن الدفاع ضد تفتيت الدولة القطرية على أساس الصراعات الطائفية والأهلية يصب مباشرة في إطار الدفاع عن الأمن القومي العربي.

يتبع