عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 12-05-2007, 05:59 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

الاسلام المعتدل والرؤية القومية

شاب تعبير الاسلام المعتدل المعرب عادة من رديفه الانكليزي (moderate Islam) الكثير من الجدال الي الحد الذي يتهم فيه البعض كل من يستعمله بأنه يلوك الخطاب الأمريكي . وسواء كان أصل المصطلح ضمن القاموس السياسي الأمريكي أم لا فانه تعبير يحتاج الاهتمام لمعانيه الفعلية والتي تفلت بالتأكيد من الضوابط الأمريكية. فمن جهة هناك استعمال شديد الضبابية وغير نزيه يدفع في اتجاه اضفاء تسمية الاسلام المعتدل علي كل من يجاهر في الأساس بالعداء لأساسيات في الدين الاسلامي. وبالنسبة لشخص غير متوازن مثل دانيال بايبس فهناك ضرورة لدعم المسلم المعتدل وهو ذلك الطرف المعادي بالأساس لأي طرف اسلامي والذي يمكن أن نطلق عليه بدون مبالغة طرفا استئصاليا. غير أن هناك اسلاميين معتدلين (moderate Islamists) وهنا يرفض شخص استئصالي مثل بايبس المصطلح أصلا معتبرا أنه من الاستحالة أن يكون طرف اسلامي معتدلا بالأساس.

وبالرغم من أن البعض يمكن أن يري في بعض التنظيمات الاسلامية العراقية اعتدالا لأنها متعاونة مع الاحتلال القائم فان ذلك لا يعني أن هذا التعبير خاطئ في ذاته. في الحقيقة يوجد اسلاميون معتدلون وهؤلاء يمكن التعرف عليهم ليس علي أساس تعاونهم مع الاستراتيجيا الأمريكية بل من خلال تمايزهم الجذري مع التنظيمات القاعدية وهو ما ينطبق علي أطراف اسلامية تعتبرها الادراة الأمريكية ارهابية . وهكذا فان تنظيمات لا يشك في ممانعتها للاستراتيجيا الأمريكية مثل حركة حماس أو حزب الله هي في الاساس نماذج للتيارات الاسلامية المعتدلة. ولا يتعلق الاعتدال هنا بدرجة الحرص علي تنفيذ أحكام فقهية لا تتردد القاعدة في العمل بها بل يشمل مسائل أهم مثل الاعتراف بالواقع الوطني والقومي كأطر للعمل السياسي في المشهد العربي. وهكذا فان اعتدال الحركتين المذكورتين يتمثل خاصة في وعيهما الكبير بمفهوم استراتيجي مثل الأمن القومي العربي. ينطبق ذلك أيضا علي بقية التيارات الاسلامية المعتدلة (والتي تعرف نفسها علي هذا الأساس) والتي تتصرف بشكل مسؤول تجاه هذا المفهوم الاستراتيجي.

ان المثير هنا أن مقابل الالتقاء العملي بين التنظيمات القاعدية وبعض الأطراف العربية الرسمية حول استثارة الصراع الطائفي السني ـ الشيعي هناك في المقابل تشكيل لم يظهر الي السطح السياسي العربي بعد لو أن مكانه يبدو مهيأ: الالتقاء بين التيارات الاسلامية المعتدلة والطيف العربي السياسي الغالب غير المؤطر في كثير من الأحيان والمتمسك بالدفاع عن مفهوم الأمن القومي العربي. وفي الحقيقة في نقطة الالتقاء هذه تكمن الحالة التي تذوب فيها الأطراف الاسلامية المعتدلة ببنيتها ومفهومها التقليدي مع التيارات القومية في بنيتها ومفهومها التقليدي. ان الالتقاء الاستراتيجي يعني نهاية الطرفين، كما اعتادا أن يكونا. يبقي أن هذه الحالة من الذوبان المتبادل تبدو أكثر رجاحة في بعض الظرفيات الاقليمية العربية منها مقارنة بأخري.

يتبع