الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #60  
قديم 04-09-2006, 12:23 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-224-

لأنه لا يعلم أن عقيدة هذا الزعيم تبيح له الكذب باسم ( التقية ) ، ومن ثم قد يقرأ رأيا لهذا الزعيم يناقض ما سمعه منه فيقول بكل سذاجة وغفلة عن الرأي الثاني : لقد افترت هذه الجهة التي نقلت عنه الرأي الثاني ، وهذه من الوسائل التي تحارب أجهزة الاعلام العالمية الدعاة الى الله .

وجملة القول فإن الشيعة اليوم نجحوا في إقامة دولة لهم في ايران ، ويتطلعون الى تحقيق امبراطورية كبرى ، ولا يستطيع أي كاتب أو باحث في قضايا العالم الاسلامي أن يتجاهلهم ، ودراسة شؤونهم لا بد لها من خلفيات وخطوط عريضة .

مثلا من يكتب عن اليهود لا بد أن يلم بتاريخهم ، ومواقفهم من أنبياء الله ، ونظرتهم الى غير اليهود ، وحبهم للمال .. واذا أهمل الكاتب هذه القضايا فستكون نتائج بحثه تافهة لا قيمة لها .

لهذا ولغيره قدمنا هذه الأصول عن الرافضة لتكون في أذهان قرائنا وهم يتابعون معنا هذه الدراسة .

-225-

المبحث الثاني

إيران إلى أين ؟!
رياح التغير التي تهب على ايران منذ بضعة أشهر وضعت الناس أمام عدد من الأسئلة :

_ متى وكيف ستنتهي هذه الأحداث ؟! .
_ هل أحداث ايران داخلية أم أن وراء الأكمة ما وراءها ؟! .
_ هل سيتأثر الوفاق الدولي بهذه الأحداث ؟! .

وللإجابة على هذه الأسئلة لا بد لنا من التعرف على المعارضة التي تواجه الشاه .

المعارضة :
خصوم الشاه في داخل ايران كثر ، فهناك أطراف لم يرد ذكرها اعلاميا ومنها : الأكراد ، عرب الأحواز ، البلوش .
وسنخص في هذا التقرير الحركات والأحزاب التي لعبت دورا فعالا في مواجهة نظام الشاه ومن أبرزها :

1_ حزب توده :
وهو حزب شيوعي مرتبط بالاتحاد السوفياتي ، ويتحدث عنه وعن أثره صنفان من الناس:
أنصار الشاه في داخل ايران وخارجها ، وخاصة في الاطار العربي .. يزعم هؤلاء أن حزب توده من أقوى المعارضين ، وهو البديل الوحيد عند سقوط الشاه

-226-

وعندئذ ستكون المنطقة مهددة باجتياح شيوعي يعيد للأذهان ذكرى غزو التتار"1" .
والشيعة يقولون عكس الكلام الأول : حزب توده لا قيمة له ، واذا أقاموا حكومتهم فسيمارس الحزب نشاطه وسيكون لأفراده حرية سياسية في ظل نظام شيعة الخميني .

والذي نراه أن حزب توده نشأ في ايران عام 1942م وانتظم في صفوفه كثير من العمال ، وتزعم المعارضة بعد عودة الشاه عام 1953 ، وللحزب جناح عسكري يقوم بأعمال عنف في ايران ، ويمتلك محطة بث من ألمانيا الشرقية .. ولا نملك أرقاما دقيقة عن عدد أفراد الحزب ومدى قوته لأنه يمارس نشاطه بشكل سري ، غير أن شاه ايران ومخابراته _ السافاك _ قد أنهكوا الحزب خلال ربع قرن كانوا يمارسون أشد أنواع الاضطهاد والتنكيل والقتل مع أفراده ، ولكن الحزب لا يملك قواعد شعبية واسعة تمكنه من حكم ايران اذا رحل الشاه .

والحديث عن حزب توده يقودنا الى الحديث عن الاتحاد السوفياتي الذي يمول الحزب ويحركه كيفما يريد : فالاتحاد السوفياتي يحد ايران شمالا ، ويتطلع للوصول الى شواطئها الدافئة منذ عهود القياصرة ، وسبق له أن اقتسم مع بريطانيا ايران عام 1907 ، وفي عهد

(1) كتب هذا التقرير في تاريخ 2/2/1399 ، وكان الخميني ما زال في (نوفل لوشاتل ) بفرنسا ، والشاه ما زال على رأس الحكم في طهران .. وعلى وجه التحديد جاء هذا التقرير في المرحلة التي سبقت تشكيل حكومة شابور بختيار بقليل . ونسوقه دون ان نحذف منه أو نضيف إليه شيئا .
-227-

عقد رضا بهلوى مع السوفيات معاهدة عام 1921 ، أعطاهم بموجبها امتيازات في بلاده ، وفي عام 1940 ، عرض ستالين على هتلر _ الزعيم الألماني _ اقتسام ايران بينهما فرفض الأخير وحاول مع بريطانيا فرفضت ، وهذا الرفض الغربي أغضب ستالين فلجأ الى تشكيل جمهورية في ( أذربيجان ) الفارسية وجعل عاصمتها تبريز .

وفي عام 1946 اضطر السوفيات الشيوعيون الى الرحيل من ايران المحتلة تحت تهديد الولايات المتحدة لهم .
وحاجة السوفيات اليوم الى احتلال ايران أشد من حاجتهم في الماضي فالدراسات الاقتصادية تؤكد أن الاتحاد السوفياتي سيكون في عداد الدول المستوردة للبترول منذ عام 1985 ، وقبل هذا فهو يخشى من الأسلحة الأمريكية التي تتكدس في ايران ، ويعلم أن هذه الأسلحة سيستخدمها الأمريكان ضده عند اللزوم ، ويشعر السوفيات بأن شاه ايران قد أساء لهم كثيرا . أساء لهم في حربه للشيوعيين داخل ايران ، وفي قضائه على الثورة الشيوعية في ظفار ، وفي حربه للشيوعيين حكام عدن .

ويتابع السوفيات أخبار ايران بقلق ، يتابعها من خلال اللعبة الدولية مع الأمريكان وقد تبادلت الدولتان الانذارات ، وصرح كارتر أخيرا بأنه لا دليل عنده بأن السوفيات يتدخلون في اضطرابات ايران الداخلية ، ويتابع السوفيات أخبار ايران عن طريق عميله _ حزب توده _ .

وخلاصة القول : لن يرث الشيوعيون حكم ايران اذا رحل الشاه ، وليس من مصلحتهم أن يستمر الحكم العسكري الديكتاتوري المناوئ لهم ، وأحسن مناخ يناسب الشيوعيين في ايران أن يكون الحكم ( ديمقراطيا) وأن يشتركوا فيه ، وسيتاح لهم استغلال الأحزاب


-228-

اليسارية كحركة فدائيي الشعب وهو تنظيم ماركسي يتخذ من حرب العصابات داخل المدن وسيلة لتحقيق منهجه ، والاتحاد الشيوعي الإيراني وهو تنظيم ماركسي كذلك .. كما أن حزب توده سيتخذ من الجبهة الوطنية سلما لتحقيق أطماعه ،أما اذا تقسمت ايران الى دويلات طائفية فسيعود السوفيات الى اقامة جمهوريتهم القديمة ( أذربيجان ) .

وطريقة الشيوعيين معروفة يستغلون الديمقراطية حتى اذا وصل الأمر إليهم أذاقوا المواطنين أشد ألوان التنكيل والاضطهاد .

2_ الجبهة الوطنية :
امتداد لحركة رئيس الوزراء السابق الدكتور مصدق ، وتضم عدة تنظيمات :
تنظيم سياسي يتزعمه الدكتور كريم سنجابي ، وآخر باسم ( لجنة حركة دعم اليسار في ايران ) وثالث باسم ( مجاهدو الشعب أو الاسلام الثوري ) .

والجبهة الوطنية حركة مجردة من أي فكر وتشبه الى حد كبير الأحزاب الوطنية في البلاد العربية كحزب الوفد في مصر ، وحزب الأمة في السودان ، والحزب الوطني أو حزب الشعب في سورية وأمجاد زعماء هذه الأحزاب صنعها الاستعمار ليتترس من ورائها .

فالدكتور كريم سنجابي قام بزيارة عمل للخميني في فرنسا واتفق معه على كل شيء كما صرحا في البيانات التي صدرت عنهما ولا ندري كيف سمح له الشاه بمغادرة البلاد في ظل حكومة عسكرية ارهابية ، ثم ألقى القبض عليه وأفرج عنه بعد أيام وتبين أنه عقد عدة اجتماعات مع الشاه ومع مسؤولين أمريكيين كبار"1"

(1) الهدف 14/12/1978 .

-229-

ومن الذين تطرح أسماؤهم لتشكيل وزارة ( علي أميني ) وهو رئيس وزراء سابق (61، 62 ) وجاءت وزارته بعد الدستور ، وفي عهد وزارته أبرمت معاهدة السنتو ، ووجهت إليه تهمة ابتزاز الأموال بعد إقالة وزارته ، وكانت أمريكا هي التي جاءت به"2".
وكذلك غلام حسين صديقي والدكتور بختيار والسيد انتظام ، وكلف مؤخرا الدكتور بختيار وكلهم عملاء للولايات المتحدة الأمريكية ، حتى أن عباس هويدا أرادت أمريكا أن تصنع منهم بطلا فألقى نظام الشاه القبض عليه وأودعه معتقلا من المعتقلات الايرانية ، ورضا محمد بن الشاه يتظاهر بالاصلاح ويدعو الطلبة الايرانيين الى الالتقاء معه ودراسة الأوضاع الراهنة في ايران .

3_ الزعامة الشيعية :
كان لعلماء الشيعة الكلمة الأولى في سياسة ايران في العهود التي سبقت أسرة بهلوى ، ثم نشب خلاف عنيف بينهم وبين رضا بهلوى ، واستمرت معارضتهم بعد هلاك رضا ، وقاد المعارضة الدينية ضد محمد رضا ( روح الله الخميني ) ، وانتهت هذه المعارضة عند إخراجه من ايران .
ويطالب الخميني _ اليوم _ بطرد الأسرة البهلوية ، وانهاء النظام الملكي ، وقيام نظام جمهوري ديمقراطي يحكم الشريعة الاسلامية _ حسب عقيدة الشيعة _ . وفي الوقت نفسه يطالب آية الله شر يعتمداري بالعودة الى دستور 1906 وتحكيم الشريع الاسلامية ، وتحقيق حكم ديمقراطي ولا مانع من بقاء أسرة بهلوى في الحكم .


(2) ايران في ربع قرن ص48 ،62 .


-230-

ويبدو أن القول عند الشيعة ما يقوله الخميني فلقد سموه قائدهم الأعلى ، وصاروا يتحركون حسب الأوامر الصادرة عنه .. ولما كانت معارضة الخميني أقوى ما يواجهه الشاه فسنرى هل هي ذاتية مستلقة أم أن لها جذور خارجية ؟! .

الدور الأمريكي :
تزعم الادارة الأمريكية أن المخابرات المركزية قد قصرت في مهمتها ، وأن بعض المسؤولين فيها يستجوبون من قبل البيت الأبيض وهيئة المحققين في الكونغرس"3" .
وهذه الرواية مرفوضة جملة وتفصيلا ذلك لأن في ايران أكثر من ( 40000 ) عسكري أمريكي _ على ذمة لوموند الفرنسية وغيرها _ يعملون كخبراء وقادة في وزارتي الداخلية والخارجية ، وفي دوائر الأمن و( السافاك ) وشركات النفط . ويمتلكون أحدث أجهزة التجسس ولهم مطلق الحرية داخل ايران وخارجها على حدود ايران مع السوفيات وفي منطقة الخليج، ونسبتهم الى الجيش الايراني تعادل 7/1 ، وفي كل طائرة من الطائرات (اف14) 15 خبيرا عسكريا أمريكيا"4" .

فكيف نصدق بعد هذا كله أن حوادث ايران كانت مفاجئة للمخابرات الأمريكية وهي تحاسب الآن على تقصيرها ؟! .
أما الرواية الثانية فهي تقول :ان وكالة المخابرات الأمريكية أرادت تأديب الشاه ، وتقليص سلطاته ، وتحجيم وزنه في المنطقة فوقعت الفوضى وتجاوزت الاضطرابات حدودها ، وهذه الرواية قوية لأسباب كثيرة من أهمها :


(3) عن الواشنطن بوست في منتصف كانون الأول عام 1978 .
(4) مجلة أفياشن ويك .

-231-

1_ صار الشاه يتطلع لإقامة امبراطورية فارسية كبرى تكون الدولة السادسة في العالم ، ومن أجل تحقيق أطماعه راح يمتلك أحدث أنواع الأسلحة في العالم ، وأنفق على التسلح أكثر من عشرين ألف مليون دولار ، ولجأ الى الترف والاسراف في المناسبات لتكون أعياده ملائمة لمكانته التي يتطلع إليها .

2_ قام بزيارة للإتحاد السوفياتي ، واستقبل مسؤولين سوفيات ، وكانت أمريكا تنظر الى هذه الاتصالات نظرة شك وريبة .
3_ لقد نفذ صبر الأمريكان عندما أخذ الشاه يعاملهم معاملة الند للند . ففي 15/3/1976 نقلت عنه وكالة الأنباء التصريح التالي :
( إن ايران تستطيع أن تضر بالولايات المتحدة المريكية بقدر ما يستطيع الأمريكيون الاضرار ببلاده ان لم يكن أكثر . وقال ان أي انتقام ايراني لن يكون قائما على أساس مبدأ ايران كمصدرة رئيسة للنفط وإنما سيكون بوسعها خلق متاعب للولايات المتحدة في منطقة الخليج ) . قال هذا الكلام في مقابلة مع مجلة أمريكية"5" .

وفي عام 1977 تبنى زيادة أسعار النفط بنسبة 15% ، كما تبنى عدم زيادة انتاج النفط .
فكيف تصمت المخابرات الأمريكية على تمرد عميل من عملائها تكفلت بحمايته منذ ربع قرن ، ولقد كلفها الكثير ، وصار الوجود الأمريكي في بلده قضية حياة أو موت .
وكان الشاه مدركا لدور المخابرات الأمريكية وتورطها في أحداث بلاده .