الموضوع: شظايا ذاكرة ..
عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 29-03-2007, 10:05 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

بداية خريف 1961

كان ابراهيم رحمه الله طفلا يافعا وجهه أصفر، لا يحب أن يسأله أحد عن اسمه، ولا يحب أن يوجه إليه المدرس أي سؤال .. وكان المدرس يعرف ذلك جيدا .. لأنه حتى لو كان السؤال عن كونه مستيقظا أم نائما .. فإن ابراهيم يدخل بنوبة بكاء وصراخ تزعج كل صفوف المدرسة ...

كان الطالب الذي يجلس بجانبه على المقعد، قد عرف عنه تلك الخصائص، فنذر نفسه للدفاع عنه ممن يريدون إحراجه ..

وفي ضحى ذلك اليوم، ودون أن يتوجه أحد بمضايقة ابراهيم بسؤاله عن أي شيء، صرخ ابراهيم باكيا، أثناء وجود المدرس (الوحيد طبعا لكل الدروس) .. فتوقف المعلم عن إعطاء الدرس، وتساءل عمن ضايقه، ولم تكن هناك إجابة، لأنه لم يكن هناك من ضايقه بالفعل ..

فاعتقد المعلم أن ابراهيم بحاجة أن يذهب للحمام .. فطلب منه الذهاب للحمام، فرفض ابراهيم وقد رفع من نبرة صراخه .. فاستعان المعلم بالتلميذ الذي بجانبه وهو صديق له (مع وقف التنفيذ) .. فأقنع التلميذ صديقه ابراهيم بأن ينهض الى الحمام ورافقه الى هناك .. لم يكن حماما بل كان غرفة مهدوما سقفها، وهي جزء من (خرابة) تجاور المدرسة ..

عندما دخل ابراهيم الغرفة اشتد صراخه .. وتناول حجرا وضرب به صديقه، ولكن صديقه لم يبتعد بل أصر على البقاء قربه، مع اعطاءه فرصة بالاختلاء بنفسه .. لكن ابراهيم استمر بالصراخ .. فاسترق صديقه نظرة ولكنه لم يجده في وضعية من يقضي حاجته، فعاد راكضا للمعلم ليبلغه .. فطلب منه المعلم أن يرافق ابراهيم لبيته .. ففعل ..

وفي البيت زاد نحيب ابراهيم .. الذي هرعت أمه لتنزع سرواله وتستعين بأداة من حديد لإبعاد (عربيدين ) من الإسكارس .. وهي ديدان بيضاء اللون طولها أكثر من قدم ..

لم يعد ابراهيم منذ ذلك الوقت الى المدرسة، وتلقى صديقه نبأ وفاته بحادث سيارة في لبنان في الثمانينات ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس