عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 11-04-2007, 12:48 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

• طيب نرجع إلى الجدول، ماذا تفعلون فترة الضحى؟
- العجمي: فترة الضحى يأخذوننا بالقوة إلى المغاسل، حتى يستحم السجين، وهذا بطبيعة الحال ليس حبا في السجين أو حفاظا على صحته، ولكنه خوف على أنفسهم حتى لا يصابوا منا بمايكروبات أو بكتيريا! فجنودهم لا يعلمون أين قبض على الأسير، فربما يكون أحدنا مصابا بمرض فيعديه، وكانوا يعتقدون أننا جميعا قبض علينا في أرض المعركة.
بعد «الترويشه» نرجع نصلي الظهر ونتغدى، وكان بعض الأخوة يحاول أن يغفو للقيلولة، ناهيك عن أخذهم لنا للتحقيق على مدار الساعة وخصوصا في فترة راحتنا، وبعد صلاة العصر نحاول عمل بعض التمارين الرياضية «بالخفاء» داخل الزنزانة حتى نحافظ على أجسادنا.
• ألا توجد فترة رياضة أصلا في المعتقل؟
- العجمي: لا توجد، بل هم لا يسمحون لنا أصلا بالتمارين الرياضية، ولكننا نعملها في الخفاء، وهذه مهمة لنا للمحافظة على أجسادنا لأن المكان بارد في الشتاء، فلا بد أن ندفي أنفسنا بالرياضة، وحتى نحافظ على صحتنا، فالحمد لله رب العالمين نجد أن تلاوة القرآن ثم الرياضة هي التي حافظت على صحتنا.
• وفي المغرب؟
- العجمي: نصلي المغرب ثم نتناول الطعام ثم نخلد إلى النوم لأن هذا الوقت يكون تبديل الشفت لديهم وقد نتمكن من استغلال دقائق تبديلهم لنرتاح بها، ثم نصلي العشاء.
ومع ذلك كان الإيذاء منهم على أشده، فكانوا يأتون بمادة «التنر» المعروفة فترة الليل ويسكبونه في «السيب» فنستنشق رائحته، وأصيب أكثر الأخوة الآن بمرض « التنك» وهو ضيق التنفس، وأصيب بعضهم بالقرحة، بسبب هذه المواد، والمواد الكيماوية التي يضعونها في الطعام، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
• لماذا يضعون المواد الكيماوية في الطعام؟
- العجمي: يقال أنها مواد تسبب العقم، واعترف بعضهم.
- الزامل: لديهم طرق بحيث يضعون مواد في الطعام تجعل الأسير بعد أن يفرغ من أكله بخمس دقائق يشعر بالجوع مرة أخرى ولا كأنه قد أكل أصلا! جعلونا حقل تجارب لهم ولموادهم الكيماوية.
• هل تم تزويدكم بكتب معينة بخلاف المصحف الشريف؟
- العجمي: جاءونا بكتب خلاعية وغزل وصور ومجلات، وأخرى تتحدث عن الحب والغرام، فلم نكن نقبلها، يريدون فتنة الشباب، ونزع الغيرة من قلوبهم، وحتى تصبح مثل هذه الأمور عادية بالنسبة للأسير.
• عبدالله تم عقابك لمدة شهرين على ما أظن، فما حكاية العقوبة وأسبابها؟
- العجمي: أهانوا مصحفا أمام عيني، وسبوا الله والرسول صـلى الله عليه وسلم.
• كيف؟
- العجمي: في عيد الرب عندهم – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – دخل الجنود في المعسكر وكانوا يقولوا «جيسز» يعني عيسى، وبدا واضحا أنهم دخلوا بحمية دينية، فتنادى الأسرى أن اتقوا شرهم ولا تتحدثوا معهم، فضايق أحدهم أحد الأسرى فقال له لقد تركناكم في عيدكم ولم نضايقكم بأي شيء فلم تؤذونني، فسب الأميركي الله والرسول صـلى الله عليه وسلم ومسك المصحف أمامنا ورماه على الأرض، ثم أمسكه مرة أخرى وجلس يلعب به كما يلعب بورقة منديل الكلينكس باستهزاء، فصاح الأخوة وكبرنا، وكنت أحد المكبرين وقلت اننا لا بد أن نعمل أي شي، ولو نكلم المسؤولين عما يجري من استهزاء بالدين، فاتهموني بالتحريض، فأتوا لي بقوة الشغب، وأخذوني إلى السجن الانفرادي المظلم «دلتا بلاك» ونزعوا مني الملابس، وهذا المكان يسمونه الطب النفسي، ووضعوني فيه ستة أشهر، فأمضيت أول شهرين بلا ملابس، وكانوا يأتونني بحبوب أجهلها فيقولون لي أنت مجنون ومريض نفسيا لابد أن تأخذ هذه الحبوب، وإذا رفضتها يدخلون قوة الشغب لدي ويعطوني إياها بالقوة، وجلست هناك شهرين كاملين والله لا أعلم شيئا عن نفسي، أشعر أنني في غيبوبة وفي عالم ثان، لا أستطيع الحركة، وكل جسمي مخدر من الإبر، وكل يوم يضربون علي زنزانتي الانفرادية لآخذ العلاج، بحسب زعمهم، وهذه العلاجات عبارة عن مخدرات جديدة يجربونها فينا، جعلونا حقل تجارب، وكانوا يستخدمون السحر والتعامل مع الجن. وكل الذين يزعمون أنهم أطباء نفسانيين هم سحرة.
• سحر وجن في غوانتانامو! كيف ذلك؟
- العجمي: أغلب الأخوة الموجودين معي في «دلتا بلاك» كانوا قراء ومن حفظة القرآن الكريم، أصبح الكثير منهم مسحورا ولم يعد يعرف نفسه، حتى أنه أول ما يتكلم يتكلم عن عيسى، فتعرف أن فيه مارد من الجن نصراني. ويستخدمون السحر الأسود، ومعلوم أن السحر عند النصارى مثل شرب الماء، ولن يصدق البعض أنهم يستخدمون الجن حتى في التحقيق.
- الزامل: الجن كان يأتي من الفاتيكان، ولم يكن يتحدث الشباب لأيام.
• هل أفهم يا عبدالله أنك تأثرت أو أدمنت على هذه الحبوب؟
- كنت أرفضها بقوة، ولكنهم يدخلون قوة الشغب علي فيرغموني عليها بالقوة مع أنني كنت أقاومهم ولكن لا حول لي ولا قوة، وعندما آخذ هذه الحبوب أو الإبر أشعر بأن جسمي ثقيل ولا أستطيع الحراك، ومخدر، فقط أقوم لآكل ثم أنام، حتى الصلاة – نسأل الله أن يغفر لنا – بالكاد كنت أتمكن من أدائها، ولديهم إبر يعطون الأسير بالقوة فيجلس لمدة شهر كامل بلا حراك طبيعي كأنه رجل آلي، بالكاد تتحرك، واستخدموا هذه الإبر مع كثير من الأخوة.
أحد الأخوة كان سليما ليس به بأس قبل أن يدخل معي في العنبر، أصبح مجنونا لا يعرف نفسه، يتغوط ويتبول على نفسه، ولكنني كنت أتعامل معهم بالسياسة، مع أنني كنت مخدرا، ولكن لم أحدث معهم المشاكل حتى أتقي شرهم، وكل العقوبات التي تمت لي كانت بسبب القرآن والصلاة ومن أجل إخواني الأسرى، فمكثت تقريبا ستة أشهر في هذا العنبر ثم خرجت بفضل الله تعالى من دلتا إلى الكويت.
وكان الأميركان يكرهون الأخ عندما يرون فيه حمية وغيرة على الدين وتمسك بالصلاة والسنن، ورفض إهانة أي شعيرة من شعائره.
• هل يلتقي الكويتيون المسجونون هناك مع بعضهم البعض؟
- الزامل: ليس على كل حال، فمثلا لم أر عبدالله العجمي خلال الأربع سنوات إلا مرة واحدة، عمر أمين رأيته مرة واحدة، وبعضهم لم أره نهائيا مثل فوزي العودة، وعبدالعزيز الشمري رأيته أكثر من مرة، فبعضهم نلتقي فيه أحيانا بحسب التنقل من عنبر إلى آخر، من كامب إلى كامب، من معسكر إلى معسكر، ولكن ليس على كل حال.
• وكيف كنتم تؤدون صلاة الجمعة؟
- لا تقام صلاة الجمعة في غوانتانامو.
• يقال أن القوات الأميركية كلفت مسلما أميركيا يؤم المسجونين ويصلي بهم الجمعة!
- الزامل: هذا ليس صحيحا، لم أر أو أسمع بذلك أبدا، ربما رآه غيري، فكما تعرف أن المعسكرات كثيرة، تقدر المسافة من أولها إلى آخرها بكيلومترين تقريبا، ولم أصل الجمعة أبدا خلال الأربع سنوات.
• وسائل التعذيب الأميركية اقتصرت على الضرب أم تعدت ذلك؟
- الزامل: لاقينا أنواع التعذيب المختلفة في غوانتانامو منها النفسي والمعنوي والجسدي، وحدث بذلك ولا حرج، والمرء منا يتحرج من الحديث عن ذلك وسياسيا يخاف يفصح، مع أنهم يزعمون أن هناك حرية رأي وحقوق إنسان، ولو كانت هناك فعلا حرية رأي لتحدثنا، ونعلم أننا ربما نُسأل بعد نشر هذا الكلام، وما حديثنا هنا إلا دفاعا عن إخواننا الذين مازالوا مسجونين هناك نسأل الله أن يفرج عنهم، ولعل كشف الحقائق هنا يكون سببا في الضغط على الحكومة الأميركية من أجل إطلاق سراح إخواننا.
أما التعذيب النفسي والجسدي فكله موجود، من أنواع التعذيب الجسدي وأذكرها هنا على سبيل المثال لا الحصر: ضربت بالقيود الحديدية «الكلبشات» على رأسي ومازالت ثمة فتحة في رأسي إلى اليوم، ونزف مني الدم لمدة شهر كامل أطلب العلاج من دون أن يحركوا ساكنا من أجلي، حتى شعرت أن قمة رأسي ستطير من الألم، وكان بجانبي الأخ الأسير فؤاد الربيعة الذي كان يتحدث الانكليزية بطلاقة، فقلت له يا أبوعبدالله أخبرهم عن رأسي فلم أعد أطيق الألم ولا أتمكن من النوم، ولما أضع يدي على الجرح أشتم رائحة العفن، وأنا أعرف أنهم يحاولون تعذيبنا نفسيا، وإلا فبإمكانهم علاجي من ثاني يوم، وبعد شهر يسر الله لي ممرضا عالجني وأعطاني مرهما أدهن به رأسي حتى شفيت تقريبا بحمد الله.
وكانوا إذا أخذونا للتحقيق يضربون رؤوسنا بالجدار وبالحديد عند الذهاب وعند الإياب، ويكون رأسنا مغطى ومقيد مع اليد والبطن والرجل، فنسير كأننا ركوع، بخلاف الضرب بالأقدام والعصي، وإذا تحدثت بكلمة ظنوا أنها خاطئة ذهبوا بك إلى أشخاص طولهم مترين يرفعونك بالهواء، وانا أتحدث عن نفسي فقد حصل معي ذلك، وهناك بعض الأسرى مثل أخينا حمزة المغربي ضربوه بثلاجة ارتفاعها مترا موجودة في غرفة التحقيق، ضربوه على رأسه ووضعوه بما يسمى بغرفة الإنعاش بغوانتانامو، وهذا مشهور يشهد به الأسرى وحتى الضباط ولا أحد يستطيع إنكاره.
وحادثة أخرى لأخ اسمه عبدالحكيم من أهل الرياض، ضربوه مرة وشجوا رأسه ما اضطره إلى إجراء عملية وسبع غرز سدوا بها الشج، وكثير من الشباب هناك تم تعذيبهم، والتعذيب يتفاوت من شخص إلى آخر.
كان الأميركان يعذبوننا بربط أيدينا لمدة من 15 يوما إلى شهر، معلق نصف وقفة، فلا هو بالجالس ولا هو بالواقف، في مكان مظلم مع موسيقى عالية يسمونها موسيقى الشياطين، لا يتركون الأسير إلا عند التحقيق أو عند الذهاب إلى الحمام.
بخلاف الكلاب البوليسية التي يحرضونها على الأسير فتنهش منه، ولكنهم لا يدعونها تقتله، فهم لا يريدون لنا الموت بل المزيد من العذاب، وأحيانا نكون مغمى الأعين ولكن نشعر بلعاب الكلب البوليسي على أجسادنا وهو قريب منا، فنتوقع هجومه الآن أو بعد قليل، ونحن لا نراه، برعب نفسي يكاد يقتلنا.
وعندما كنا نسير في مجموعات كانوا يربطون يدي الأسير مع بعضهما، ثم يربطونها بيد الأسير الآخر الذي أمامه، ومن يد ليد، بحيث لو تأخر أي واحد منهم فإن الرباط سيشتد على الجميع، وحتى نصل إلى المكان الذي يريدون أخذنا له نشعر أن أيدينا ستنقطع من أجسادنا، ولا أحد يجيب صراخنا وتأوهات الألم، بل من يتأوه من الألم فإنهم يضربونه على رأسه.
أما التعذيب النفسي كثير جدا، مثل التهديدات المتكررة، فمرة أتاني شخصيا محقق أردني اسمه نبيل، ويتحدث باللهجة البدوية الأردنية وقال لي: عادل خلك جاهز بكره سآخذك معي الأردن، وهناك ستعرف كيف تتحدث وتدلي بالمعلومات، وبعد الأردن سنأخذك إلى مصر. والأميركان مشهورون بين الشباب دائما يبثون مثل هذا الأمر، ليلقوا في قلوب الشباب الرعب، أن من لا يتحدث هنا ينقل إلى المغرب أو مصر أو الأردن، وهذا يزرع الخوف في نفوسنا لأن تعذيب الدول العربية الكل يعرف ماهيته! وإذا قارنا بين تعذيب غوانتانامو وتعذيب الدول العربية بإيعاز الأميركان فإن الأخير سيكون عذابا غير طبيعي أبدا.
من وسائل تعذيب الأميركان أنهم يضعون المعتقل في غرفة ويسلطون عليه الكشافات القوية التي يشعر من خلالها بحرارتها بالإضافة إلى أن غوانتانامو أصلا حارة جدا، وتبقى الكشافات ليلا نهارا، وجميع المعتقلين في خلال الأربع سنوات لم تمر ليلة نمنا فيها من غير كشافات، حتى أنني أول ما رجعت الكويت ودخلت المستشفى العسكري وأغلقنا الضوء أحسست كأننا في حلم لأنني أنام من دون ضوء لأربع سنوات، حتى أن عيوننا تعبت، وعندما يغطي بعض الشباب أعينهم يأتيهم الأميركان من فورهم ليأمروه أن يزيلها من على عينيه أو يأتوه بفرقة الشغب، ولم نكن نستطيع الخلود إلى النوم من قوة الإضاءة وحرارتها.