ليلة طال عناؤها
ساجى بليلٍ ليس فيه نهــــارُ= تنتابنى الخطراتُ والأفكارُ
ملقىً على العشب الندىّ يحوطنى= من ظلمة الليل العميق ستارُ
أرنو بعينى للفضاء وحيثما= وجهت وجهى غابت الأنظارُ
جسدا بلا روح يخالطنى الأسى= ويثور منى فى الضلوع حوارُ
ورأيت روحى فى الفضاء كأنها= فلكٌ حوتها فى الظلام بحارُ
عبثا يحركها النسيم مداعبا= وكأنها من حوله الأزهارُ
وأرى النجومَ اللامعاتِ كأنها= قطرات درٍّ ساقها التيارُ
مثل اللجين تحدرت بين السنا= والنور وامتزجت بها الأنهارُ
وكأنها والليل يظلم حولها= ويفيض منها السحر والأنوارُ
وشى اللآلىء فوق ثوبٍ أسودٍ= تغضى له من سحره الأبصارُ
أصغى إلى لحنٍ تعيد رخيمه= ورقاءُ فى ترجيعها إبهارُ
ناحت فهيجت الفؤاد بنوحها= وشدت فكاد يهيجنى إستعبارُ
فلها بجنح الليل صوتٌ رائعٌ= ولكم أنا فى لحنها أحتارُ
آنست منها سلوة ً فى وحدتى= فكأنها الأصحابُ والسمّارُ
أصغى لبنت الأيك وهى تبوح لى= كلّ ترانا فى حشاه النارُ
ما بيننا لغة ٌ سوى أن راعها= ما راعنى فكلا النفوس مُثارُ
يا ليلة ً طالت وطال عناؤها= طافت بقلبٍ ليس فيه قرارُ
آلصبحُ أقبل أم بعينى ظلمة ٌ= أم لم تزل فى ثوبها الأسحارُ
أم أننى فى غربةٍ عن عالمى= أشقى بليلٍ ليس فيه نهارُ
إنى غريبٌ فى الوجود ولا أرى= مثلى كيانا كله أسرارُ
حتى عن الجسد الذى أحيا به= أحيا وبينى حائلٌ وجدارُ
قد بات سجنا عشت فى غرفاته= مذ كان عمرى واستحال فرارُ
فى غربةٍ تذوى ابتساماتى بها= القلب فيها حائرٌ منهارُ
حتى عن القوم الذين عرفتهم= مهما بدا الأخيارُ والأشرارُ
مهما تقاربت الدماء فبيننا= مذ أن وُجدنا فى الدنا أسوارُ
من لى بقلبٍ لا يرق لما به= صلب الشعور كأنه الأحجارُ
من لى بنفسٍ لا تحن لأمسها= فى واحة الذكرى لها إبحارُ
تحيا على الماضى وما لقيت به= إلا دموعا ملؤها أوزارُ
يا نفس ويحك .. ضاع عمرى فى الأسى= وإلام َ حزنك فيه والإصرارُ
العيد أقبل بالسرور وبالمنى= ويفوح منه المسك والأعطارُ
فعلام حزنك أبشرى وتهللى= فرح ٌ أتتك بنوره الأقدارُ
تخشين من فقد الأحبة بعده= فيدبّ فيك اليأس والأخطارُ
أوبعد من رحلوا وكنت بنورهم= تحيين .. حتى عن مكانك ساروا
رحلوا وما رحلوا سوى عن ناظرى = فى القلب منهم ما حيا آثارُ
هل بعدهم تخشين فقد أحبةٍ= كلا فإنك بعدهم لدمارُ
أو أن ترين العمر ولّى هاربا= أو قد علاكِ من السنين غبارُ
ما زلت فى غض الشباب طريره= والشيب أبعد منك والأعذارُ
أوما ترين الصبح يُقبل باسما= ويفيض منه البشر والأنوارُ
وترين أطيار المروج إذا شدت= أو رنمت فرنيمها أشعارُ
أوما ترين الروض فى إبداعه= فى كل ركن ٍ وردة ٌ وثمارُ
أوما ترين الشمس تشرق بالسنا= وخيوطها البيضاء وهى نضارُ
أوما ترين البدر يرسلُ نوره= وشعاعه الفضىّ وهو مُثارُ
أوما ترين الكون يسفر ضاحكا= لما يهل بنوره آذارُ
لما لا ترين سوى التعاسة والشقا= ويثورُ فيكِ اللومُ والإنكارُ
إن الحياة قصيدة ٌ فى لحنها= نغم ٌ جميلٌ فى النفوس يُثارُ
هى جنة ٌ للأذكياء وروضة ٌ= للحالمين تحفها الأزهارُ
ولمن أبوا إلا الشقاء بروضها= فهى الجحيم تشب فيه النارُ
<******>doPoem(0)