الموضوع: (( الأمثال ))
عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 01-12-2006, 04:40 AM
جنات عدن جنات عدن غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: سينين/ العريش
المشاركات: 526
إرسال رسالة عبر MSN إلى جنات عدن إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جنات عدن
إفتراضي

الآية رقم ‏(‏167‏)‏
‏{‏ وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ‏}‏
‏{‏تأذن‏}‏ تفعَّل من الأذام أي أعلم، قاله مجاهد، وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة، ولهذا أتبعت باللام في قوله‏:‏ ‏{‏ليبعثن عليهم‏}‏ أي على اليهود، ‏{‏إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب‏}‏ أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر اللّه وشرعه واحتيالهم على المحارم، ويقال‏:‏ إن موسى عليه السلام ضرب عليهم الخراج سبع سنين، وقيل ثلاث عشرة سنة، وكان أول من ضرب الخراج، ثم كانوا في قهر الملوك من اليونانيين والكشدانيين والكلدانيين،
ثم صاروا إلى قهر النصارى وإذلالهم إياهم وأخذهم منهم الجزية والخراج، ثم جاء الإسلام ومحمد صلى اللّه عليه وسلم، فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية‏.‏ قال ابن عباس في تفسير هذه الآية‏:‏ هي المسكنة وأخذ الجزية منهم، وعنه‏:‏ هي الجزية، والذي يسومهم سوء العذاب محمد صلى اللّه عليه وسلم وأمته إلى يوم القيامة وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة ‏.‏ ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصاراً للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن
مريم عليه السلام، وذلك آخر الزمان‏.‏ وقوله ‏{‏إن ربك لسريع العقاب‏}‏ أي لمن عصاه وخالف شرعه، ‏{‏وإنه لغفور رحيم‏}‏ أي لمن تاب إليه وأناب، وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة لئلا يحصل اليأس، فيقرن تعالى بين الترعيب والترهيب كثيراً لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف‏.‏
الآية رقم ‏(‏168 ‏:‏ 170‏)‏
‏{‏ وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ‏.‏ فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ‏.‏ والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين ‏}‏
يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمماً أي طوائف وفرقاً، ‏{‏منهم الصالحون ومنهم دون ذلك‏}‏ أي فيهم الصالح وغير ذلك، كقول الجن‏:‏ ‏{‏وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك‏}‏، ‏{‏بلوناهم‏}‏ أي اختبرناهم ‏{‏بالحسنات والسيئات‏}‏ أي بالرخاء والشدة، والرغبة والرهبة، والعافية والبلاء ‏{‏لعلهم يرجعون‏}‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى‏}‏ الآية، يقول تعالى‏:‏ فخلف من بعد ذلك الجيل الذين فيهم الصالح والطالح خلف آخر لا خير فيهم، وقد ورثوا دراسة الكتاب وهو التوراة، وقال مجاهد‏:‏ هم النصارى، وقد يكون أعم من ذلك، ‏{‏يأخذون عرض هذا الأدنى‏}‏ أي يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعرض الحياة الدنيا، ويسوفون أنفسهم ويعدونها بالتوبة، وكلما لاح لهم مثل الأول وقعوا فيه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه‏}‏‏.‏ قال مجاهد‏:‏ لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه حلالاً كان أو حراماً ويتمنون المغفرة، ‏{‏ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه‏}‏‏.‏ وقال السدي‏:‏ كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضياً إلا ارتشى في الحكم، وإن خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا، فجعل الرجل منهم إذا استقضى ارتشى فيقال له‏:‏ ما شأنك ترتشي في الحكم‏؟‏ فيقول‏:‏ سيغفر لي، فتطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع، فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي، يقول‏:‏ وإن يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحق‏}‏ الآية، يقول تعالى منكراً عليهم في صنيعهم هذا مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبينن الحق للناس ولا يكتمونه، كقوله‏:‏ ‏{‏وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏}‏ الآية،
وقال ابن جريج قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحق‏}‏ قال‏:‏ فيما يتمنون على اللّه من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون‏}‏ يرعبهم في جزيل ثوابه ويحذرهم من وبيل عقابه، أي وثوابي وما عندي خير لمن اتقى المحارم، وترك هوى نفسه، وأقبل على طاعة ربه، ‏{‏أفلا تعقلون‏}‏‏؟‏ يقول أفليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعرض الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير، ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم كما هو مكتوب فيه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يمسكون بالكتاب‏}‏ أي اعتصموا به واقتدوا بأوامره، وتركوا زواجره ‏{‏وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين‏}‏‏.‏
الآية رقم ‏(‏171‏)‏
‏{‏ وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ‏}‏ قال ابن عباس ‏{‏نتقنا الجبل فوقهم‏}‏ يقول‏:‏ رفعناه، وهو قوله‏:‏ ‏{‏ورفعنا فوقهم الطور‏}‏ بميثاقهم، رفعته الملائكة فوق رؤوسهم، ثم سار بهم موسى عليه السلام إلى الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب، وأمرهم بالذي أمر اللّه أن يبلغهم من الوظائف، فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الجبل فوقهم ‏{‏كأنه ظلة‏}‏ قال‏:‏ رفعته الملائكة فوق رؤوسهم ‏"‏رواه النسائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‏"‏‏.‏ وقال أبو بكر بن عبد اللّه قيل‏:‏ هذا كتاب أتقبلونه بما فيه، فإن فيه بيان ما أحل لكم وما حرم عليكم قالوا‏:‏ انشر علينا ما فيها، فإن كانت فرائضها وحدودها يسيرة قبلناها، قال‏:‏ اقبلوها بما فيها، قالوا‏:‏ لا، حتى نعلم ما فيها كيف حدودها وفرائضها، فأوحى اللّه إلى الجبل فانقلع فارتفع في السماء حتى إذا كان بين رؤوسهم وبين السماء، قال لهم موسى‏:‏ ألا ترون ما يقول ربي عزَّ وجلَّ‏؟‏ لئن لم تقبلوا التوراة بما فيها لأرمينكم بهذا الجبل، قال فحدثني الحسن البصري قال‏:‏ لما نظروا إلى الجبل خر كل رجل ساجداً على جاجبه الأيسر، ونظر بعينه اليمنى إلى الجبل فَرقاً من أن يسقط عليه، فكذلك ليس اليوم في الأرض يهودي يسجد إلا على جاجبه الأيسر، يقولون‏:‏ هذه السجدة التي رفعت بها العقوبة، قال أبو بكر‏:‏ فلما نشر الألواح فيها كتاب اللّه كتبه بيده لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز، فليس اليوم يهودي على وجه الأرض صغير ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونغض لها رأسه‏:‏ أي حوّل، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فسينغضون إليك رؤوسهم‏}‏ ‏"‏أخرجه سنيد بن داود في تفسيره عن حجاج بن محمد عن أبي بكر بن عبد اللّه‏"‏واللّه أعلم‏.‏
الآية رقم ‏(‏172 ‏:‏ 174‏)‏
‏{‏ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ‏.‏ أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ‏.‏ وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ‏}‏
يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم، من أصلابهم، شاهدين على أنفسهم أن اللّه ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فأقم وجهك حنيفا فطرت اللّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله‏}‏،
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كل مولود يولد على الفطرة‏)‏ وقال ابن جرير عن الأسود بن سريع من بني سعد قال‏:‏ غزوت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربع غزوات، قال‏:‏ فتناول القوم الذرية بعدما قتلوا المقاتلة فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاشتد عليه، ثم قال‏:‏ ‏(‏ما بال أقوام يتناولون الذرية‏)‏‏؟‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه أليسوا أبناء المشركين، فقال‏:‏ ‏(‏إن خياركم أبناء المشركين، ألا إنها ليست نسمة ولد تولد إلا ولدت على الفطرة فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها، فأبواها يهودانها وينصرانها‏)‏، قال الحسن‏:‏ واللّه لقد قال اللّه في كتابه‏:‏ ‏{‏وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم‏}‏ ‏"‏رواه ابن جرير وأخرجه أحمد والنسائي‏"‏الآية‏.‏ وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب آدم عليه السلام وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وفي بعضها الاستشهاد عليهم بأن اللّه ربهم، قال الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة‏:‏ أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به‏؟‏ قال، فيقول‏:‏ نعم، فيقول‏:‏ قد اردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والشيخان‏"‏‏.‏
حديث آخر‏:‏ قال الإمام أحمد عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلاً قال‏:‏ ‏{‏ألست بربكم‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا - إلى قوله - المبطلون‏}‏ واه أحمد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم في المستدرك‏"‏‏.‏
عن أبي مسعود عن جرير قال‏:‏ مات ابن للضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام، قال فقال‏:‏ يا جابر إذا أنت وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه وحل عنه عقده، فإن ابني مجلس ومسئول، ففعلت به الذي أمر، فلما فرغت قلت‏:‏ يرحمك اللّه عم يسأل‏.‏‏.‏‏.‏من يسأله إياه‏؟‏ قال‏:‏ يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم، قلت يا أبا القاسم‏:‏ وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب آدم‏؟‏ قال‏:‏ حدثني ابن عباس‏:‏ إن اللّه مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خلقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وتكفل لهم بالأرزاق، ثم أعادهم في صلبه، فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يؤمئذ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يقرَّ به لم ينفعه الميثاق الأول، ومن مات صغيراً قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة‏.‏