عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-06-2002, 11:40 AM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Thumbs up التتمة:

المشهد ا لمستقبلي ... معطيات:

بعد تأمل الحقائق أعلاه لا يجد المرء صعوبة في اعتبار الضربة القادمة لأمريكا أمرا حتميا، لكن السؤال المهم قد يكون أعقد من مجرد متى هذه الضربة وكيف وأين؟ السؤال هو، ما دام تنظيم القاعدة قد دخل في المواجهة الساخنة بحرب مستمرة مع الأمريكان فهل سيستمر على طريقة المواجهة بالضربات لأمريكا فقط أو إنه أعد العدة لعمل متعدد الأطراف في أكثر من مكان من العالم مستفيدا من سقوط هيبة أمريكا؟ يقول بعض من تابعوا وضع القاعدة قبل سبتمبر أن القاعدة والطالبان قد استعدوا لسقوط الطالبان قبل مدة ورتبوا الإجراءات التي تبقي الجزء المهم من القاعدة والطالبان سليما إلى أن تحصل الضربة القادمة. ويزعم هؤلاء إن القاعدة قد استعدت للضربة التالية في أمريكا منذ زمن، لكن التوقيت مقصود أن يتأخر قليلا بعد أن يقتنع الأمريكان تماما أنهم قد حققوا النصر وأنهوا مهمتهم حتى يكون مفعول الضربة أقوى ما يمكن نفسيا وسياسيا. ويزعم هؤلاء أن تنظيم القاعدة قد رتب أعمالا أخرى في أماكن أخرى وأن العمليات التي جرت في الهند حديثا ربما تكون من بينها وأنها مقصودة لإجبار الجيش الباكستاني على تحويل الجيش للهند ومن ثم كشف جبهة أفغانستان وترك الأمريكان في مواجهة الطالبان والقاعدة من جديد.

المشهد المستقبلي ... سيناريوهات:

مع وضع هذه المعطيات في الحسبان يستطيع المرء أن يخرج بالاستنتاجات التالية عن السناريوهات المتوقعة للمستقبل بخصوص المعركة بين بن لادن وأميركا:

السيناريو الأول هو ضربة كبيرة في أمريكا لكن ليس فيها سلاح دمار شامل ولا آثار بعيدة المدى. وإذا تمت هذه الضربة فعلا فلربما تصدق نبوءة التقرير الاستراتيجي الذي أشرنا إليه آنفا من أنها ستؤدي لخلخلة كبيرة في أمريكا. السبب هو أن الضربة ستكون إعلانا مدويا ومؤلما بهزيمة منكرة للحملة الأمريكية ضد "الإرهاب". هذا الإعلان بالهزيمة لن يكون هزيمة لحكومة دكتاتورية متسلطة مثلما حصل في الاتحاد السوفياتي حين تورط في أفغانستان بل ستكون هزيمة للشعب الأمريكي كله الذي انتخب حكومته وبارك حملتها في أفغانستان بأغلبية مطلقة. سيصنع هذا الشعور بالهزيمة عدة تداعيات أولها الشعور بالإحباط عند الشعب الأمريكي وقناعته بالعجز عن حماية نفسه. حينها سيكون الأمريكان مشتتين، فريق يستمر يفكر بعقلية الكاوبوي ويريد أن يزيد من رد الفعل مستخدما أسلحة دمار شامل، وفريق يطالب بإلغاء هذه السياسة بالكامل والموافقة على مراجعة السياسة الخارجية الأمريكية بخصوص المسلمين، وفريق يرى التشدد الأمني حتى لو أدى ذلك لإلغاء كل الحقوق المدنية. وعلى الأرجح سيهزم الفريق الذي يطالب بالانتقام لأن الأهداف استنفذت ولم يبق قاعدة ولا طالبان لأن تضرب. ولعل هذا الخلاف وما يصاحبه من إحباط كبير سيكون بذرة لتفكك أمريكا أو لانهيار انتاجها.

السيناريو الثاني أن تكون للضربة آثار أكثر من مجرد تدمير وقتل لعدد من الأمريكان، مثل لو صح احتمال السلاح النووي أو ما يسمى بالقنبلة القذرة التي تنشر كمية هائلة من المواد المشعة على مساحات شاسعة. هذا النوع من الحدث يؤدي لتعطيل العمل في مدينة كاملة، فلو حصل هذا الحادث في مدينة حساسة اقتصاديا مثل نيويورك أو لوس أنجليس فلربما ينهار الاقتصاد الأمريكي ويتشرد الملايين من سكان مدينة كبرى. وإذا صاحب هذا التشريد الإحباط الذي ذكرناه سابقا والخلاف حول ما يجب عمله تجاه الضربة فسيكون تراكما لانهيار اقتصادي واجتماعي ولا يستبعد أن يتبعه تفكك سياسي.

السيناريو الثالث أن تكون الضربة مصحوبة أو متبوعة بعمليات أخرى في العالم ضد أنظمة أخرى ويكون التوقيت مقصودا سواء من جهة كون الأمريكان منشغلين بأزمتهم الداخلية أو من جهة انهيار هيبة الأنظمة بسبب انهيار هيبة سيدها. ويصعب تصور أمريكا تستطيع أن تدير أزمات هائلة وهي تعيش تحت وطأة ضربة من جنس من ضربة سبتمبر أو أقوى. أما الانظمة الأخرى فرغم أنها لا تعتمد على أمريكا في أمنها السياسي الداخلي ألا أن سقوط هيبة أمريكا واستعداد الشعوب للتحرك وتغير الولاءات داخل الأجهزة الأمنية ستساهم بشكل كبير في إضعافها إو إسقاطها.

السيناريو الرابع أن تحصل حوادث كبيرة في أجزاء حساسة من العالم -سواء بتخطيط القاعدة أو دون تخطيطها- قبل ضربة أمريكا مثل اندلاع الحرب بين باكستان والهند ومثل وفاة الملك فهد ونشوب خلاف بين آل سعود أو مثل انهيار سلطة عرفات في فلسطين. هذه الحوادث لوحدها ستربك أمريكا وستجعلها مشلولة في التعامل معها فكيف لو انشغلت أمريكا بعدها بضربة داخلية؟
السيناريو الخامس أن ينجح الأمريكان في منع الضربة القادمة وربما يعثروا على بن لادن والظواهري والملا عمر. هذا الاحتمال سيحمي أمريكا من الضربة لكنه لن يحميها من تداعيات هائلة تأتيها بسبب التجييش الذي تكون في العالم الإسلامي ضدها. ويصر الذين يزعمون أنهم على معرفة بخفايا القاعدة أن تنظيم القاعدة قد وضع بدائل للعملية لو تم كشفها.

المشهد المستقبلي .. تداعيات أخرى:

أوربا: أذا حصلت ضربة أخرى فلا شك أن التوازنات العالمية ستتغير بشكل كبير. سوف تقتنع أوربا أنها لا يمكن أن تجاري أمريكا إلى الأبد وعليها أن تغازل العالم الإسلامي حتى لا يأتيها نصيبها من الدمار. يجب أن نعلم أن هذه الدول ترسم مستقبلها بناء على المصالح وليس بناء على قيم ومباديء تضحي من أجلها.
المجتمعات الإسلامية: إذا حصلت ضربة أخرى فلن يكون هناك شك هذه المرة أنها من تنظيم بن لادن مقارنة بالشك بعد 11 سبتمبر. وبعد حالة الاحتقان والغضب الهائل ضد أمريكا عند المسلمين فستشكل هذه الحادثة شعورا بأن المواجهة التاريخية مع أمريكا قد حسمت لصالح الإسلام وأن الدمار حل بأمريكا رغم أن الذي يحاربها أشخاص مطاردون محاصرون. وبغض النظر عن الموقف الشرعي والقيمي من الحادث فإن آثاره ستكون شحنا لحقنة هائلة مفاجئة من الثقة في نفوس المسلمين وحشدا جديدا لهم في عمل استقطابي ضد أعداء المسلمين في كل مكان.

بؤر الصراع الأخرى: سيؤثر حصول الضربة في بؤر الصراع الأخرى في العالم الإسلامي مثل الشيشان وكشمير والفلبين بطريقة تساهم في تحسن الكفة لصالح الطرف الإسلامي.

الأرجح:

المرجح أن يكون المشهد معقدا جدا ومتشابكا لأن المعطيات متوفرة لحصول قلاقل في باكستان وفلسطين وبلاد الحرمين قبل أو بعد ضربة حتمية في أمريكا. ويبدو بعد هذا التعقيد أن الأمور ستكون بعيدة جدا عن سيطرة أمريكا على الموقف لأنها ستعيش أزمة داخلية هائلة لا نظن أنها تستطيع أن تتعافى منها فضلا عن أن تستطيع أن تدير أزمة خارجية.

===============
انتهى النص.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نقلهُ راجي عفو ربهِ.
أخوكم المُحب في الله تعالى / أبو محمد ؛ عساس بن عبد الله العساس.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "