عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 05-06-2002, 11:45 AM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Thumbs up تعليق الحركة على أحداث الأسبوع، 20 ديسمبر 2001.

تعليق الحركة على أحداث الأسبوع، 20 ديسمبر 2001.
http://www.islah.info:3303/monitors/m294-c.htm

شريط بن لادن:

عرضت قنوات التلفزيون العالمية شريط فيديو وزعته وزارة الدفاع الأمريكية وقالت أنه عثر عليه في أحد الأماكن التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة. ويعتبر قرار الأمريكان عرض الشريط وطريقتهم في الاحتجاج به كدليل ومن ثم ردود أفعال الناس وتعليقاتهم عليه مسائل كثيرة تستحق اهتماما تفصيليا نطرحه في النقاط التالية:

أولا بغض النظرعن مسؤولية بن لادن عن أحداث 11 سبتمبر يعتبر احتجاج الأمريكان بالشريط بعد أن دمروا أفغانستان وقلبوها رأسا على عقب دليلا على لا مبالاة أمريكا واستعدادها لأن تتصرف منطلقة من دواعي القوة وليس من دواعي المنطق والمسؤولية.

ثانيا بغض النظر عن مسؤولية بن لادن عن أحداث 11 سبتمبر يثير هذا الاحتفال الهائل بالشريط من قبل الأمريكان تساؤلا كبيرا حول قوة الأدلة المزعومة التي بحوزتهم قبل هذا الشريط وعلى أساسها شنوا الحرب. ولو كان لدى الأمريكان أدلة تدين بن لادن لا نظنهم أبدا كانوا يترددون في استخدامها بعد أن تبين استعجالهم في نشر هذا الشريط ابتهاجا به وفرحا بوجوده. وهذا دليل آخر على أن القوة هي التي تحكم تصرفات أمريكا وليس المنطق والدليل.

ثالثا لن يضيف هذا الشريط لمشاعر الشعب الأمريكي شيئا لأن الشعب الأمريكي مقتنع بالحرب قناعة تامة حسب إحصائيات الرأي العام بل ربما أحدث نتيجة عكسية بسبب التساؤل عن التزوير.

رابعا على مستوى العالم العربي والإسلامي لن يؤثر هذا الشريط في إقناع من لا يؤمن أن بن لادن يقف خلف الحادث لأن غالبية هؤلاء متشربون لنظرية المؤامرة إلى درجة أنهم سيتعبرون الشريط تأليفا وتزويرا أمريكيا رخيصا للتأثير عليهم. ومشكلة هذه الفئة ليست اعتبار بن لادن يقتل المدنيين بل مشكلتهم عقدة الهزيمة التاريخية أن المسلمين والعرب عاجزون عن أن يقوموا بمثل هذا العمل المعقد والمتطور في التخطيط والتنفيذ. وهذه لا شك مشكلة حضارية كبيرة سنفرد لها تعليقا خاصا .

خامسا على مستوى العالم العربي والإسلامي لن يؤثر هذا الشريط على من كان يعتقد أن بن لادن خلف الحادث بل سيكون مجرد تأكيد أو إضافة طبيعية.

سادسا على عكس توقعات الأمريكان سيكون لهذا الشريط على مستوى العالم العربي والإسلامي مفعولا إيجابيا لصالح بن لادن الذي ظهر في الشريط بطريقة أريحية بسيطة تختلف عن صورته في المقابلات. وأما قول الأمريكان أنه ظهر مسرورا ومستمتعا بقتل المدنيين فواضح أنه بسبب الفارق الثقافي الهائل الذي عجز الأمريكان أن يفهموا فيه سبب انبساط بن لادن وهو يتحدث عن الرؤى التي كادت تفضح المشروع أو غيرها من المسائل التي تثير السرور.

سابعا على مستوى المملكة سيكون لهذا الشريط مفعولا كبيرا لصالح بن لادن حيث ظهر بن لادن كم لو كان يعيش في المملكة ويحيا ظروفها بل بدا كما لو كان المشروع كله في المملكة وأن أفغانستان مجرد موقع عمليات. وحين يسأل الشيخ ضيفه بالتفصيل عن رأي فلان وفلان بالأسماء وحين يصدح الحاضرون بالهجيني والسامري في رحلتهم البرية فهذا إن لم يحدث مفعولا مباشرا فإنه يؤثر في اللاشعور بطريقة بعيدة المدى تجعل المشاهد يرتبط بمشروع بن لادن بطريقة عضوية وشاعرية.

ثامنا على مستوى الحكومة السعودية سيشكل هذا الشريط حرجا بالغا لأنه سيظهر الحكومة السعودية كما لو كانت مشلولة أمام الرأي العام الشعبي والنخبوي المؤيد لابن لادن والمتابع لنشاطاته والمسرور بإنجازاته والمدافع عن أفكاره وتوجهاته. وتمثل تسمية بعض الشخصيات المعروفة في الشريط حرجا خاصا كونهم يتصرفون بشكل مكشوف عكس توجهات الحكومة السعودية التي تسير بحماس في الفلك الأمريكي.

حقيقة الشريط واستراتيجية بن لادن:

لم يكد شريط الفيديو الذي وزعته وزارة الدفاع الأمريكية يعرض حتى سارع الناس بنقاش قضية واحدة فقط هي هل هذا الشريط حقيقي أو مزور. ونحن في الحركة نعتقد ان النقاش حول كون الشريط مزوراً او حقيقيا وحصر القضية كلها في ذلك اختزال وتسطيح غير مبرر للقضية. وقد لاحظنا من خلال رصد تعليقات الجمهور على هذا الشريط وجود ما نعتبره نحن مظاهر خلل منهجي وفكري عند الكثير بمن فيهم من يصنفون إسلاميين. ونعتقد أن حل هذه المشكلة ليس في الحكم على الشريط بكونه مزورا أو حقيقيا بل بمرحلة أعلى من ذلك تؤدي إلى أن هذا التساؤل لا يرد على الخاطر أصلا. وليس أبلغ في توضيح المسألة من استعراض استراتيجية بن لادن التي رصدتها الحركة وتمكنت من التعرف عليها.

ابتداء ينبغي التأكيد على أن بن لادن كان واضحا في عداءه للأمريكان منذ أيام الحرب الأفغانية الأولى حتى حينما كان هناك تقاطع في المصالح. بعد أزمة الخليج ودخول القوات الأمريكية لجزيرة العرب تحول عداء بن لادن لأمريكا لمشروع مواجهة كونه رأى أنه لن يكون صادقا مع نفسه إن حارب الروس من أجل احتلالهم لبلد مسلم وسكت عن احتلال الأمريكان لبلده المقدس الذي له حرمة خاصة. ربما لم تكن لدى بن لادن في تلك المرحلة خطة واضحة بعيدة المدى كما حصل بعد ذلك في مواجهة شاملة مع أمريكا لكن كان واضحا لدى بن لادن اعتبار أمريكا مشكلة مركزية في حصار الإسلام والحرب على الإسلام والتضييق على الدعاة بالتعاون مع الحكومات التي تمثلها في المنطقة فضلا عن إسرائيل.

في المرحلة الأولى من مواجتهه والتي كانت ما بين سنة 1991 وسنة 1996 تمكن بن لادن من التأثير بشكل أو بآخر على مجموعات استطاعت إيذاء أمريكا حتى لو لم تكن تصرفت بتخطيط مباشر منه. ويندرج على ذلك ما حصل في الصومال وعدن والرياض والخبر وربما في أماكن أخرى. ولم يصاحب هذه الأحداث بيانات ولا ظهور إعلامي متميز يجيش الناس ضد الأمريكان.

في المرحلة الثانية قرر بن لادن أن تكون مواجهته مكشوفة ومعلنة ببيانات وتصريحات ونشاط إعلامي موجه لهذا المشروع. وفعلا أصدر بن لادن في نهاية سنة 1996 بيانا تبني فيه مشروع إخراج الكفار من جزيرة العرب وساق في البيان الدوافع الشرعية والمنطقية لهذا القرار وعرضها بصيغة إعلان جهاد من أجل ذلك. لكن بيانه هذا لم يحظ بتغطية جيدة وتجاهلته السلطات الأمريكية عمدا لأنه يدعو لأمر يعتبره الكثير منطقيا حتى بالقيم الوطنية العالمية. وغرض الأمريكان من تجاهل خطاب بن لادن هو اعتقاد الإدارة الأمريكية أن الشعب الأمريكي قد يتعاطف مع مطلب كهذا ومن الأولى عدم الرد عليه. وبسبب هذا التجاهل لم تشكل تلك المرحلة نشاطا كبيرا أو حضورا هائلا لشخصية بن لادن ولا لبرنامجه ضد أمريكا. وقد سبب هذا الحضور المحدود شعورا بضرورة تغيير الاستراتيجية تغييرا جوهريا للانتقال للمرحة الثالثة التي تعتبر من أخطر المراحل.

المرحلة الثالثة بنيت على فلسفة خطيرة وفهم عميق للشخصية الأمريكية وميكانيكية القرار الأمريكي. ويقال بإن الشيخ بن لادن توصل إليها بعد تشاور مع من التحق به في نهايات سنة 1997 ممن لديهم خبرة ومعرفة أكثر بالشخصية والعقلية الامريكية. كانت مراجعة التجربة السابقة قد بينت أن بن لادن مهما أوتي من قدرات إعلامية وسياسية فلن يستطيع أن يواجه الآلة الإعلامية والسياسية الأمريكية الجبارة ومن يخدمها من حكام العرب وأجهزتهم الإعلامية والسياسية. وإذا اعتمد بن لادن على بيان مطبوع أو جهاز فاكس أو أمل بأن تهتم به وسائل الإعلام لتغطي مشروع إخراج القوات الأمريكية من جزيرة العرب فلن يحصل إلا شيء محدود من ذلك. ولهذا كانت الحيلة العبقرية التي غيرت كفتي الميزان تماما هي توظيف قدرات الخصم ضده تماما وذلك من خلال فهم عقليته وشخصيته وطريقته في القرار ومن ثم التلاعب به وتشغيله لخدمة المشروع.

كانت الفكرة الأساسية في هذه الفلسفة أن الأمريكان رغم التطور الكبير تكنولوجيا يعانون من "متلازمة الكاوبوي" وهي التصرف برد الفعل المباشر باستخدام القوة وتهويل رد الفعل هذا بكافة الوسائل. ولكن الأمريكان لا يمكن أن يتعاملوا بطريقة الكاوبوي إلا عندما يكون الكيان الأمريكي أو الشعب الأمريكي مستهدفا وهذا لا ينطبق عليه مجرد طلب إخراجهم من بلاد الحرمين. ولهذا السبب يقال أن بن لادن توصل إلى قناعة مفادها أنه ما لم يكن خطابه متضمنا مواجهة شاملة مع الأمريكان مع عمليات تتجاوز قضية إخراجهم من جزيرة العرب فإن هذه الحيلة لن تنجح. ولهذا السبب أعلن بن لادن تشكيل الجبهة العالمية ضد الأمريكان والتي تأسست في فبراير 1998 ثم تلا ذلك عمليات نيروبي ودار السلام.

صدقت تخطيطات بن لادن ومستشاريه فقد تصرف الأمريكان في رد فعلهم على الحادثين كما لو كانوا شركة علاقات عامة لابن لادن. كانت ردة الفعل الأولى على الحادثين هي الإعتراف من قبل أكبر شخص في أمريكا وهو الرئيس بأن بن لادن خصم حقيقي لأمريكا وأنه آذى أمريكا إلى درجة أنه وجه أوامره بتشغيل الآلة العسكرية الأمريكية للرد عليه. ثم تلا ذلك كمية هائلة من التعليقات الإعلامية والكتابات والتصريحات الرسمية التي تتحدث عن خطورة بن لادن على أمريكا وكيف أن أمريكا سخرت أجهزتها الأمنية والسياسية والإعلامية للتعامل مع مشكلة بن لادن والقاعدة. ولم يكد يمر شهر أو شهران منذ ذلك التاريخ حتى تفاجئنا الجهات الأمريكية بوجود تهديد على المصالح الأمريكية في العالم. الذي حصل بعد ذلك أن هذه الحملة الأمريكية التي يظن الأمريكان أنها تخدم أمنهم ضد بن لادن تحولت بقصد وتخطيط من بن لادن إلى حملة توظيف لمجندين لمشروع بن لادن. لماذا؟ لما ذكرناه سابقا من أن الناس ممتلئين حنقا وبغضا لأمريكا وآيسين من القيادات العربية والإسلامية وينتظرون الرمز صاحب السجل النظيف الذي يستطيع أن يقف ندا حقيقيا مؤلما ومؤذيا للأمريكان وقد تحقق كل ذلك في بن لادن. ولم يكن الأمر مجرد شهرة وكاريزمية لشخصية بن لادن بل كان تجنيدا حقيقيا لعدد كبير من المجاهدين سافروا بأنفسهم للالتحاق بابن لادن في أفغانستان. وفي حين كان لا يزيد عدد من يذهب لابن لادن قبل نهايات سنة 1998 عن بضعة أشخاص في الشهر أصبح يصل له ما يزيد عن مئات كل شهر يقطعون كل هذه المفاوز والمخاطر لأجل أن يشاركوا في مشروع بن لادن بعد أن اقتنعوا قناعة كاملة أنه المشروع الأمل في مواجهة أكبر مؤسسة طغيان في العالم.

بعد نجاح هذه المرحلةحصل ما يصفه منظروا تلك الخطة بأنه تجنيد العدد الكافي من المجاهدين والاستشهاديين وبناء رأي عام إسلامي وعربي عارم لصالح بن لادن وضد أمريكا كان لا بد –طبقا لتنظيرهم- من الانتقال للمرحلة التالية. أريد للمرحلة التالية أن يحصل فيها تجييش كل العالم الإسلامي ضد أمريكا ودفع المسلمين بالقوة للشعور بهويتهم الدينية من خلال وضعهم في مواجهة مع قوى الكفر والاستكبار العالمي بطريقة تظهر فيها المواجهة كأنها مواجهة إسلام وكفر. ومن خلال تلك التجربة سيتم ما يعتبرونه اختصار مراحل تاريخية كثيرة في رص المسلمين بشكل إجباري لصفوفهم والتفافهم حول راية دينية لا وطنية ولا قومية. ومن أجل تنفيذ هذا المشروع يقال بأن المنظرين حددوا هدفين أساسيين، أولا تحطيم هيبة أمريكا وإثبات أن أمريكا مهما بلغت من القوة فيمكن إهانة كبريائها دون استخدام سلاح ولا صواريخ عابرة للقارات ولا أشعة ليزر بل فقط بإرادة وإيمان وعزيمة وإصرار. الهدف الثاني استدراج الأمريكان لرد فعل كوني عارم وشامل يظهرون فيه رغما عنهم كما لو كانوا يحاربون الإسلام فيصبحو مرة أخرى أداة تخدم المشروع في تنفيذ ما ذكر أعلاه. وما دامت متلازمة الكاوبوي لا تزال الصفة السائدة عند الأمريكان فلن يصعب تسخيرهم لخدمة هذا المشروع.

##########

التتمة في الرد التالي، وجزاكم الله خيرا على متابعتكم واهتمامكم، ...آمين.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "