عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 30-01-2007, 08:15 AM
عماد الدين زنكي عماد الدين زنكي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 350
إفتراضي

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف من خلال مصلحة الإسلام والمسلمين، ومن خلال الانفتاح على الوحدة الإسلامية والمحبَّة والمودَّة بين المؤمنين، وقد قال رسول الله(ص): «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمَّى والسهر». لذلك، لا بد لنا من أن نهتم بأمور المسلمين، ونثقّف أنفسنا بكلِّ القضايا والمشاكل التي تواجههم في اقتصادهم وسياستهم وأمنهم وما إلى ذلك، فماذا هناك؟

الخطة الأمريكية في العراق فاشلة:

في خطابه أمام الكونغرس، طالب الرئيس بوش أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالموافقة على خطته الأمنية في العراق في إرسال ما يزيد عن العشرين ألف جندي إضافي لتحقيق انتصاره السياسي والعسكري هناك، أمام الفشل الذي وقع فيه، والهزيمة التي ألـمّت بجنوده، كما طالبهم بدعم حربه ضد ما يسميه الإرهاب على مستوى العالم، على أساس أن ذلك هو الذي يمنح أمريكا الأمن ويمنع عنها الخطر.

ونحن نرى أنّ خطته العراقية لن تحقق أيِّ نجاح مهما تضاعفت أعداد جنوده، لأن إدارته العسكرية والأمنية هي التي تسببت بمآسي العراقيين المستمرة، كما أن إدارته السياسية للواقع هناك، لم تكن بمستوى حلّ مشاكل العراقيين الذين أصبحوا ـ من خلال احتلاله ـ أقل أمناً وأكثر فقراً وأشدّ بؤساً، كما أنه لم يمنح حكومة هذا البلد أية قوة مالية أو عسكرية بالدرجة التي تمكّنها من مواجهة التحديات في الوضع الأمني، بحيث يصبح قادراً على صدّ الهجمات الانتحارية والتفجيرية على المدنيين، أو أن يحلّ المشاكل الحياتية في الخدمات العامة للمواطنين هناك، هذا إضافة إلى أن الشعب العراقي الذي عاش بعضه الخديعة السياسية في تبرير الاحتلال، اكتشف أن أمريكا لم تدخل العراق لتحرره من نظام الطاغية لسواد عيونه، بل إنها دخلت من خلال الخطة الاستراتيجية لحماية مصالحها على مستوى المنطقة، ليكون العراق جسراً تعبر من خلاله إلى أكثر من بلدٍ مجاور، وتحرِّكه للضغط على أوروبا واليابان والصين وغيرها من خلال سيطرتها على نفط المنطقة، ولذلك فقد بدأت المقاومة العراقية الوطنية ضد الاحتلال بعيداً عن القوى التكفيرية الحاقدة، وسوف تتعاظم كلّما تقدّمت الأوضاع السلبية هناك.

الحرب ضد الإرهاب: خطة استراتيجية في تدمير المنطقة:

أمّا الحرب ضد الإرهاب، فإن مشكلة الرئيس بوش وإدارته، أن مفهومه للإرهاب يمتد إلى الشعوب الباحثة عن حريتها وأرضها واستقلالها، كالشعب الفلسطيني الذي اعتبر بوش انتفاضته حركةً إرهابية لا بد للمجتمع الدولي من أن يحاصرها سياسياً واقتصادياً، وكالشعب اللبناني الذي يقاوم من أجل تحرير أرضه ومواجهة العدوان الإسرائيلي الذي فرض الدمار على لبنان على مدى ما يزيد عن ثلاثة عقود، ولا يزال يشكل الخطر الكبير على أمنه وسلامته وسياسته تحت تأثير التحالف مع أمريكا، التي تعتبر الدول التي تساند حرية هذين الشعبين كسوريا وإيران، دولاً داعمة للإرهاب، بحيث يفرض عليها الكثير من الحصار الاقتصادي والعقوبات المتنوّعة.

إن الملاحظ في سياسة الإدارة الأمريكية، أنَّ الحرب على الإرهاب تتحرك في المنطقة العربية والإسلامية انطلاقاً من الخطة الاستراتيجية لتدمير هاتين المنطقتين ومصادرة أوضاعهما، بالتدخل في شؤونهما الداخلية على مستوى الأمن والاقتصاد والسياسة، حتى إنها أخضعت أكثر هذه البلدان لخطوطها المتنوعة، بحيث لم يعد لكثير منها أية حرية في إصدار القرارات الحرة المستقلة في قضاياها الوطنية والقومية، الأمر الذي جعل الواقع العربي والإسلامي في حال شلل سياسي، بل بات القائمون على شؤونه ينتظرون التعليمات الصادرة من الإدارة الأمريكية، وهذا ما نلاحظه في الموقف من القضية الفلسطينية، بعدما منحت واشنطن إسرائيل كل القدرات في الضغط على الشعب الفلسطيني ومصادرة أراضيه بالمستوطنات والجدار العنصري الفاصل والسيطرة على القدس، بما يهدد المسجد الأقصى، والاستمرار في الاغتيالات والاعتقالات والحصار الاقتصادي والتدمير للبنية التحتية، وإرباك الواقع الداخلي الذي تتهدده الحرب الأهلية بين وقت وآخر...

ثم يتحرك مندوب من هنا ووزيرة من هناك وموفد دولي أوروبي أو أمريكي، ليتحدث عن خارطة الطريق وعن السلام من دون أية جدية سياسية، بل هو تضييع للوقت وتخدير للواقع، لأن الخطة الأمريكية الإسرائيلية ترمي إلى تنفيذ الاستراتيجية الصهيونية في إدخال القضية الفلسطينية في المتاهات. ولذلك فإننا ندعو شعوبنا العربية والإسلامية، ولاسيما الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي والأفغاني، إلى أن يقف ضد السياسة الأمريكية في حركتها السياسية، وفي مصالحها الاستكبارية، وفي خططها الاستراتيجية، لأنهم لن يحصلوا على أي خيرٍ من ذلك كله.

إيران تريد الانفتاح على دول المنطقة:

ومن جانب آخر، فإن المسؤول الأمريكي قال ـ في تصريح له ـ إن إيران التي تسعى إلى فرض نفسها في الشرق الأوسط، يجب أن تفهم أن للولايات المتحدة مصالح في المنطقة، كما هو الأمر بالنسبة إلى الدول العربية والأوروبية، وأنه لا حقّ لإيران في السيطرة على الشرق الأوسط ومياه الخليج، وهذا هو سبب إرسال الولايات المتحدة الأمريكية حاملتي الطائرات لمنع إيران من السيطرة على المنطقة.

إننا نقول لهذا المسؤول الأمريكي، إن إيران لا تريد ولا تملك القدرة على السيطرة على المنطقة ومياه الخليج، ولكنها تريد الانفتاح على دول المنطقة، ولاسيما دول الخليج، وإيجاد قاعدة للأمن المشترك، كما أنها لا تريد للاحتلال الأمريكي في العراق أن يترك تأثيره السلبي على أمنها وسياستها واقتصادها، وأن يصادر مشروعها النووي السلمي تحت تأثير كذبة أمريكية معتادة في اتهامها بمشروع السلاح النووي.

إننا لا نريد الدفاع عن إيران، بل إننا نتساءل: هل من حق أمريكا الحفاظ على مصالحها من دون أن يكون للمنطقة الحق في المحافظة على مصالحها؟ ومن الذي أعطى أمريكا الشرعية في السيطرة على العالم، ولاسيما منطقة الشرق الأوسط، لتفرض نفسها على هذه الدولة أو تلك، وتمارس العقوبات المختلفة عليها؟ إنها الشرّ كله والخراب كله والفوضى كلها... وعلى الشعوب أن تفهم ذلك كله، وخصوصاً الشعب الفلسطيني، الذي نريد منه الدخول في مصالحة سياسية، والشعب العراقي الذي يواجه كل المجازر الوحشية، ولاسيما مجزرة سوق الهرج التي اجتاحت أكثر العراقيين فقراً، بعد مجزرة الطلاب وأساتذة الجامعات في المستنصرية، ليتوحَّد في وطنيته وإسلامه بعيداً عن العصبيات الطائفية والمذهبية والذهنيات التكفيرية، من أجل بناء عراق المستقبل على قاعدة ثابتة.

لبنان: تدخل دولي وعربي فاضح:

أمَّا في لبنان، فإننا نلاحظ أن هناك تدخلاً مفضوحاً من القوى الدولية والعربية في شؤونه الداخلية، تحت عنوان تأييد حكومته، ما يوحي بأنها تحولت إلى فريق سياسي محلي داخلي، فنحن نلاحظ أن الخطاب السياسي لهذا الفريق، كما يبدو في مداخلاتهم كلِّها، لا يدرس المطالب الشعبية التي تتمثل في أوسع الجماهير، ولا يدرس حاجاتها، ولا يدقّق في طبيعة الميثاق اللبناني في بنوده الدستورية، ولا يحاول البحث عن آلية واقعية لحلِّ مشاكل هذا البلد.

إننا نخشى أن تتحرَّك التدخلات الخارجية لتزيد حالة الشعب اللبناني سوءاً على سوء، لأن كل دولة تبحث عن مصالحها لا عن المصالح الحقيقية للبنانيين، فالدول ليست جمعيات خيرية لمساعدة الشعوب، ولاسيما أمريكا التي تريد أن تجعل من لبنان ساحةً لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة، وذلك من خلال الضغط على أكثر من موقع سياسي داخلي أو خارجي، انطلاقاً مما تخطط له في مصالحها ضد فريق الحرية الذي يريد لبنان حراً قوياً عادلاً مستقلاً، ويريد لشعبه أن يحصل على نظام المواطنة التي يتساوى فيها اللبنانيون في الحقوق والواجبات، من خلال حكم يحترم شعبه، وينفتح على قضاياه المحقة، ويستمع إلى صرخاته وحاجاته، قبل أن يسقط الهيكل على رؤوس الجميع.

التقاتل من أعظم المحرَّمات:

وأخيراً، إنني أقول للبنانيين جميعاً، إنّ الخروج من دائرة الخلاف السياسي إلى دائرة التقاتل الأمني، هو من أعظم المحرّمات، وإن الكلام الانفعالي الذي يمثّل مادةً للإثارة، ويتحوَّل إلى نارٍ تأكل الهشيم اللبناني، هو من أخطر الأمور، ولذلك نقول للسياسيين جميعاً: إمّا أن تتحدّثوا بكلمات الوحدة والدعوة إلى الحوار والوئام، وإما أن تكفّوا عن الكلام.

أيُّها الناس: إن لبنان الحرية والعزّة والكرامة، لبنان الذي هزم إسرائيل، بات على مفترق طرق خطير، فلا يتنصَّلنّ أحدٌ من مسؤولياته في الخطاب والفعل والحركة.


http://arabic.bayynat.org.lb/khotbat/kh26012007.htm


_____________________

تعليقنا يتبع ان شاء الله