الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #78  
قديم 14-05-2004, 01:35 PM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

- لا أستطيع يا نورة.. أريد أن أذهب.. حقا أريد ذلك.. روحي راحله.. ألا يحق لي على الأقل بفرصة توديعها؟؟ سأذهب يا نورة.. سأذهب مهما كانت العواقب..
- ولكنك ستتألمين كثيرا.. إنه الموت بعينه يا روز..
عاودت عيني السيلان وقلت: أعلم يا نورة.. ولكن الموت حاصل سواء أذهبت أم لا.. سأموت في ذلك اليوم سواء في منزلي أو هناك..في زفافه هو..
تنهدت نورة وقالت: لا أدري لازلت لا أريد أن تذهبي.. اعلم أنك تتعذبين.. وستتعذبين أكثر حين ترينه..ممسكا بيدها هي.. وليس بيدك أنت!!
صحت بها: كفى يا نورة.. كفى.. لا تكملي.. لا أستطيع تخيل ذلك اليوم ولا أريد أن أفعل.. فقط سأذهب.. وليحصل ما يحصل..
- لست أفهمك يا روز..
- أخبرتك أنك لن تفعلي.. وأنا أيضا لا أفهم نفسي.. ولكن أرجوك نورة..اقفلي الموضوع الآن.. أحس أني بذكره أقتل وأقتل.. ولو تعلمين أني أموت في الثانية مئات المرات..
- لا أدري يا روز ماذا أقول لك..
اشترت له أي لا تتكلمي.. ثم القيت بنفسي على السرير.. واستلقت هي بجانبي.. همست: روز.. أتذكرين عندما كنا في الخامسه؟
نظرت إليها محاولة فهم ما تقصد فقالت مفسرة: أتذكرين كيف كنا كالفراشات الصغار؟ لا يهمنا شيء.. ولا أي شيء؟؟ كنا ننام سوية.. وننهض سوية.. لا يفرقنا شيء..
- أجل أذكر يا نورة.. أذكر عندما كنا نختبأ في غرفة أمي نلهو في أشيائها فتأتي وتخاصمنا.. فنرد عليها بضحكاتنا البريئة الحلوة.. أذكر كيف كنا نتقاسم كل شيء.. وقد اتفقنا..
وسكت ولم أتم جملتي فأكملتها وهي تضع رسغها الأيمن تحت ذقنها متكئه على ذراعها:افقنا على أن نتبادل الأخوة.. أنت لك فيصل وأنا لي فهد.. وسعود نزوجه من مرام.. ابنة صاحب أبي رحمه الله.. وأنا فعلت ما أردت.. تزوجت أخيك..بينما أنت!!
وسعود أيضا.. لم نزوجه من مرام..
وانفجرت نورة ضاحكا فقلت باسمه: حرام عليك!! ألم تجدي سوى مرام لسعود؟
- أجل إنها تناسبه.. هو جدي دائما وهي مملة دائما.. لذا فهم متفقان..
- أتجنين على أطفالهم؟؟ كيف سيكونون حينها؟؟
- سينجبون أطفالا عبارة عن خليط من الملل والجدية.. أي بمعنى أصح..شيء لا يطاق..
ضحكت من بعد بكاء مرير وقلت: لو يسمعك سعود..سيقتلك.. أتعلمين يا نورة.. سعود ليس كما تتصورين.. هو ليس مملا أبدا ولا جديا دائما.. بالعكس سعود عكس ذلك تماما.. هو بداخله طبيعة فتية غضة.. فعندما ترين في عينيه.. تجدين شقاوة طفل بريئة.. ورقة أب حاني.. أتدرين أني بعد وفاة أبي رحمه الله أحسست وبأني وحيدة..رغم أن الجميع حولي.. ولكن أبي مختلف.. كنت قريبة جدا من أبي.. أحبه كما لم أحب أحدا من قبل.. لم أتوقع في يوم أن أفقده هو أو أمي.. كنت أعتقد أن الله أبدلني بهم عوضا عن والدي الحقيقيين.. لذلك لم أظن أنه قد يرحل.. أو أمي قد تمضي وتبتعد.. لذلك فكان رحيله عنا فاجعة كبيرة بالنسبة لي.. لم يستطع أي أحد أن يخفف عني.. لا نواف ولا أمي ولا أي أحد.. لم يستطع سوى سعود.. برقته وحبه وحنانه لي.. كان كأبي.. فيه صفاته..كثيرا من صفاته.. تلك النظرة التي كنا نراها في عيني والدي.. له نفس الطريقة في الكلام.. نفس الاسلوب.. نفس الأفعال.. له ذات الشخصية القوية..وذلك الإحترام الذي يفرض نفسه على الجميع أينما ذهب.. أحب سعود كثيرا يا نورة ولن أزوجه بأي كانت.. خصوصا مرام تلك..
- كنت أمازحك فقط.. سعود ليس ابن عمي وأخ زوجي فقط..بل هو كأخي.. أحبه كما أحب يوسف وفيصل وأحمد.. ولن أقترح تزوجيه من مثل مرام ولن أسمح لك بذلك حتى لو أردت.. روز.. أتكتمين سرا؟؟
- بالطبع أفعل.. لطالما كنت حافظة أسرارك.. أتتوقعين أني سأفشيها الآن؟
اخفضت رأسها خجلا وقالت: عندما كنت صغيرة.. كنت أحب فهد فعلا..ولكن بداخلي.. وبأعماقي.. كنت أرى أن سعود هو رجل أحلامي.. هو تلك الشخصية التي تعجبني.. وأتمنى أن أقترب منها أكثر.. إلا أني لم أشأ أن أقترب.. لأني لم أر منه استجابه.. كنت أحبه لأني أراه كأبي.. مثل شخصيته..وذلك ما أعجبني فيه.. بلى كان قلبي مع فهد.. ولكن روحي كانت معلقه بفارسي.. بسعود.. لم أكن أتوقع أني سأخبر بذلك وخصوصا الآن وبعد أن تزوجت فهد..ولكن بحديثك ذكرتني بذكريات الماضي.. بحبي القديم..
ضربتها برفق وقلت:ويحك! لما لم تخبريني من قبل؟؟ لكنت زوجتك إياه بدلا من فهد!
- لا لا روز... أنا لا أريد سوى فهد.. أنا أحبه!!
- وأنا لا أريد لفهد سواك.. وسعود سأبحث له عن عروس كفء له بإذن الله!!
- ولا تنسي أني سأبحث له معك عن من تناسبه وتستحقه..
- لا تناسبه فقط.. لأن بنظري ولا أي امرأة في العالم تستحق أخي..
ابتسمت ولكأنها تذكرت شيء مهم فقالت:أجل روز.. أنت قدمت للوظيفة التي أخبرتني عنها أليس كذلك؟
- أجل فعلت.. منذ أيام..
- وماذا حصل؟ ألم يردوا عليك؟
- لا لم يفعلوا.. سأكلمهم غدا وسأرى.. إن كنت قبلت أم لا..
- إن شاء الله ستقبلين.. انا واثقة من ذلك!
- إن شاء الله.. ولكن.. لا أتخيل نفسي مدرسة أبدا..
- أنا أتخيلك ولكني أخاف على الأطفال منك فلازلت أذكر ما كنت تفعلين حين تشرحين لي درسا ولا أنتبه معك.. كم تكونين مخيفة.. فمن يخضع لتدريسك يكتشف أن خلف هذه الصورة الوديعه مدرسة مخيفة..
ضحكت وقلت لها: أنا مخيفة فقط لمن يستحقون..وأمثالك أعني!!
ردت بسخرية: حقا؟
- أجل..
ضحكنا سوية وتمايلت أجسادنا ضحكا وكأن ألم لم يكن بنا.. فأحيانا.. لحظات سعادة تغلب الحزن والألم.. فتجعلهم يغفوان قليلا..يغيبان عن الوعي برهة.. ولكنهم في الأخير ومهما طالت غفوتهم..سيصحوان.. فمتى سيفعلون؟؟




يتبع..
الرد مع إقتباس