عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 24-08-2002, 11:16 AM
عصام الدين عصام الدين غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 332
Post و كان يا مكان .... "شجرة الدر" و البعوض .... و

تحكي كتب تاريخ بني يعرب ، و بخجل شديد نعرف أسبابه ، عن أول ملكة حكمت العرب ، تلكم هي شجرة الدر التي تولت سلطنة مصر في آخر عهد ملوك بني أيوب ، و كشأن باقي السلاطين خطب لها على منابر المساجد بالقاهرة و صعيد مصر ، وقع هذا في زمن كان يعج بفقهاء الدين و بالرجال و حماة الفحولة الذكورية ، لكن ما جدوى كل هؤلاء و شجرة الدر تقود الحرب ضد الصليبيين و تذلهم لدرجة الاهانة و ذلك بأنها أسرت في معركة المنصورة ملك فرنسا لويس التاسع و سجنته في بيت أحد الأعيان محترمة بذلك اصول الحرب و قيمة السجين و عالمة بأن للحروب كما لكل شؤون السياسة أخلاقا ، و دون أن تكون شجرة الدر من الموقعات على اتفاقيات جنيف المتعلقة بالحروب و الاسرى ، و ان كانت غلب الفضائع و الجرائم قد تمت بعد التوقيعات على المعاهدات و المواثيق الممتدة من حقوق الطفل الى حقوق الأسير ، توقيعات تتم باحتفالات دنيئة تتناوب فيها أقلام خبيثة و إمضاءات من حكام أشد خبثا ، إذ أقوياء اليوم بلا عهود و لا مواثيق .
أعود إلى شجرة درنا التي رأت الخلافة العباسية في توليتها أمور الناس مساسا بفحولة النظام و تهديدا لانتصاب عاصمة الخلافة العباسية ، و لم يدرك خليفة الجواري هذا بأن شجرة لدر و عبر معاركها الراقية و سياساتها العاقلة لم تكن سوى الحبة الزرقاء التي كان يمكن أن تنقذ الخلافة العباسية من عنتها الحضارية و ضعف انتصاب امبراطوريتها ، بالرغم من أن شجرة الدرتربعت على عرش مصر بعد تزكية و اقرار كل أمراء المماليك ، لكن كل هذا لم يشفع لها عند خليفة البلادة العربية ، و هكذا قام الخليفة المستعصم ، و لاسم يكفي دلالة ، بعث رسالة مليئة بهوس الانتصاب الكاذب يقول فيها و هو يوجه الكلام الى أمراء المماليك " إذا كان عنصر الرجال قد ندر عندكم فأبلغونا نرسل اليكم رجلا ، فقد خاب قوم ولوا أمرهم امرأة .. " .
و شجرة الدر التي تعرف و تعلم و تدرك أن المرأة لا تتولى الأمر إلا اذا كان الرجال في حالة قوة ، لأن الرجال لأقوياء يسلمون الامر لمن يستحق كفاءة و فقط ، إذ كل الحروب لخاسرة تبدأ من وهم التفوق ، و بكل مشروعية حكم شجرة الدر و تزكية أمراء لمماليك له تخلع نفسها غير مصرة على الكرسي و الحكم ، كما يفعل أصحاب السياسات الرشيدة في العالم ، لا كما يفعل القردة الحكام العرب .. و هكذا تأبى شجرة الدر إلا أن تعطي درسا آخر في الشموح لهؤلاء العربان الغربان ، و لعلها في ذلك كانت تنتظر شموخ من زكى و من أعترف و من أقر بنجاحاتها خارج المطبخ و الفراش ، تخلع نفسها بعد ثلاثة أشهر ، ثلاثة أشهر فقط كانت كافية لاحداث كل هذا الرعب ، حالة تمثل عندي سقوط الفحولة العربية في مستنقع الجاهز من الأسطورة ، و لا أظن أن شجرة الدر قد خلعت نفسها من الحكم ، بل خلعت نفسها من الإنتماء لهذا البعوض الذي لا يمكن أن يكون زعيما إلا في ظل لأوضاع الآسنة . و تسقط شجرة لدر حتى لا يقال يوما : وراء كل عظيمة رجل .. و هي التي تعلم أن هذه هي حال قطعان تستكين وراء تاريخ من الوهن الوجودي المنبطح على بطنه كما البعوض ، الغارق في لذته العجوز ..
و يحلو للمؤرخين الغربان أن يقولوا أن شجرة الدر بعد تنازلها عن سلطنة مصر تزوجت أحد الأمراء المشهور بشخصيته الضعيفة ليكون سلطانا في الواجهة ، و تبقى هي التي تدير كل أمور الدولة في الخفاء . و هكذا يأبى هؤلاء العربان المؤرخون إلا أن يرجعوا شجرة الدر إلى الاطار المرجعي غير المقلق و المتمثل في أحابيل الجواري و دسائس صاحبات الخدور ، إذ المأوى المعرفي للمرأة في الوعي العربي ( إن كان هناك وعي) هو الكيد العظيم لا الحكم العظيم الذي يجب أن يبقى حكرا على البعوض في أمة البعوض . و لا غرابة في أن بعض الكتبة العربان جعلوا من شجرة الدر مادة خصبة للكلام عن دسائس النساء و كيدهن لتبقى رسالة خليفة الجواري هي المرجع الخالد ، كيف لا و هي تنزع الرجولة عن مملكة مصر لكنها ما استطاعت أن تنزعها من مملكة الكتابة ، إذ تبقى اللغة العربية أكثر حصافة لأنها آثرت أن تؤنث كلمة الرجولة ، و هي بذلك تتبرأ من كل هذا البعوض .
أسوق هذا لأقول : لقد آن للبعوض أن يرحل بعد طول مقام داخل التاريخ و خارجه ، إذ الفحولة الحقة تستريح .. ليحتفظ هؤلاء الخرفاء الخلفاء برسالتهم ، و حتى شتيمة نذرة الرجال ما عادت تستفز و الدليل أني رأيت شاعرا ينادي أن يا أرض اكشفي عن رجل .. لهؤلاء النساء ..
فيا شجرة الدر قومي غير صاغرة ضمي إليك ما نود فقد ترهل كل شيء .. على الأقل نكون قد جربنا كل امكانياتنا قبل أن نعلن هزيمتنا المعلنة ..
يبقى فقط أن أقول : كم هو منصف أن يكون صلاح الدين كرديا ، و طارق بن زياد أمازيغيا ، أما البعوض .. فمنهم من لم يسمح للآن حتى للمرأة بقيادة السيارة ، فهي ليست أكثر من آلة لذة و جهاز طهي ، هكذا يفكر كل البعوض ، و معهم دفاضع البرك الآسنة .

تحياتي .