عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 13-09-2007, 08:03 PM
sbhhbs sbhhbs غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
المشاركات: 255
إفتراضي

والأسئلة المنهي عنها: مثل السؤال عما أخفاه الله عن عباده كالسؤال عن قيام الساعة وعن حقيقة الروح، وعن القضاء والقدر، والسؤال على سبيل التعنت والعبث والاستهزاء، وسؤال المعجزات، والسؤال عن الأغاليط والسؤال عما لا يحتاج إليه، والسؤال عما سكت عنه الشرع من الحلال والحرام وما نحو ذلك.

وأما السؤال عمّا ينفع وينبني عليه عمل فهو أمر مطلوب شرعاً.

3- كان الأمر بذبح البقرة دون غيرها من الحيوان لأنها من جنس ما عبدوه وهو العجل ليُهَوِّن عندهم أمر تعظيمه.

4- المال الحلال يبارك الله فيه ولو كان قليلاً، وخير دليل على ذلك هذه القصة فقد كانت تلك البقرة لرجل صالح يتحرى الحلال فعندما حضرته الوفاة ورث زوجه وابنه الصغير عِجْلة كانت فيما بعد تلك البقرة الوحيدة التي انطبقت عليها المواصفات، فكان ثمنها كما جاء في الحديث (… حتى انتهوا إلى البقرة التي أمِروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً فأخذوها بملء جلدها ذهباً فذبحوها ..." [تفسير ابن كثير 1/108].

5- أظهر الله تعالى عظمته لخلقه من خلال هذه الآية، وذلك أنه أحيا ميتاً بجزء من ميت، ولو أنه تعالى أحياه بدون أن يضرب ببعضها لقالوا: لم يكن ميتاً، وإنما كان في حالة إغماءة ثم أفاق. ولكنه تعالى أراد أن يعطيهم درساً وهم الماديون {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ليرى بنو إسرائيل وهم على قيد الحياة كيف يحي الله الموتى، وليعرفوا أن الإنسان لا يبقى حياً بأسباب الحياة، ولكن بإرادة مسبب الحياة جَلّ جلاله

جفاء اليهود وقسوة قلوبهم

{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(74)}.



ثم أخبر تعالى عن جفائهم وقسوة قلوبهم فقال {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ} أي صلبت قلوبكم يا معشر اليهود فلا يؤثر فيها وعظٌ ولا تذكير {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي من بعد رؤية المعجزات الباهرة {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أي بعضها كالحجارة وبعضها أشد قسوة من الحجارة كالحديد.

ذكر الله تعالى القلب ونسب القسوة إليه ولم ينسبها إلى النفوس، لأن القلب هو موضع الرقة والرحمة والعطف، فكلما امتلأ القلب ذكراً لله تعالى امتلأ رقة ورحمة وعطفاً، ولكما غفل عن ذكر الله ازداد قسوة وجفاء، وانعكست آثاره في الحالتين على الجوارح فيصلح المجتمع به أو يفسد. ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" [رواه الشيخان].

{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} أي تتدفق منها الأنهار الغزيرة {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ} أي من الحجارة ما يتصدع إِشفاقاً من عظمة الله فينبع منه الماء.

والفرق بين تفجر الأنهار من الحجارة وتشققها ليخرج منها الماء، أنه عند تفجر الأنهار يأتي الماء إلينا ونحن في مكاننا. وعندما تتشقق ليخرج منها الماء نذهب نحن إلى مكان الماء لنأخذ حاجتنا. وفرق بين عطاء نذهب إليه، وعطاء يأتي إلينا. وكلٌّ من عطاء ربنا.

{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أي ومنها ما يتفتّت ويتردّى من رؤوس الجبال من خشية الله.

وحدث ذلك عندما تجلى الله تعالى للجبل فجعله دكاً، قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143].

فالحجارة تلين وتخشع وقلوبكم يا معشر اليهود لا تتأثر ولا تلين {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} أي أنه تعالى رقيب على أعمالكم لا تخفى عليه خافية، وسيجازيكم عليها يوم القيامة، وفي هذا وعيد وتهديد.



ما يستخلص من الآيات [74]:

1- أساس شيء في الإنسان قلبه، فإذا صلح صلحت سائر جوارحه وإذا فسد فسدت سائر جوارحه.

2- القلب معرض لأمراض كثيرة، وأخطرها القسوة التي أشارت إليها الآية القرآنية. وسبب القسوة العناء والتماطل في تطبيق أوامر الله تعالى كما فعل بنو إسرائيل. ومن قسى قلبه لا ينفعه بشيء إن لم يتدارك نفسه، وهو عرضة لغضب الله، ومن غضب الله عليه طبع على قلبه. ومن طُبِع على قلبه فلن يهتدي أبداً.

فعلى المسلم العاقل الراجي رحمة ربه أن يبادر إلى تطبيق أوامر ربه فور استماعها لقوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].

3- الحجارة في قبضة الله تعالى والقلوب كذلك، فمن شعر بقسوة في قلبه فعليه أن يلتجيء إلى الله تعالى مالك القلوب ليغير قلبه إلى أحسن حال وليفجره خشوعاً وليناً وانضياءاً كما فجّر الحجارة عيوناً وأنهاراً {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].