عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 20-11-2006, 05:12 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(11) الكلمة الطيبة صدقة

تعتبر اللباقة و الحكمة والوعظ الحسن عناصر مهمة في شخصية الداعي "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل 125.
والحكيم هو من ينظر إلى حال المخاطب ويراعي ظروفه، فلا يثقل كاهله بالتكاليف قبل إعداده النفسي لها. كما أن التنوع في أساليب الدعوة أمر مهم. فللموعظة الحسنة أثرها العجيب في عودة القلوب إلى الصواب.
والجدل بالتي هي أحسن هو الحوار من غير تحامل على المخالف، أو ترذيل له، إذ الهدف منه هو الوصول إلى الحق وليس الغلبة في الجدل.
وينبغي الإشارة إلى أن تنمية الرصيد العاطفي لدى الآخر عامل مهم لزرع الثقة في المتكلم. وهذا ما حصل مع يوسف وصاحبي السجن: "ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا قال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين" 36
" قال لا يأتيكم طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون" 37. أراد يوسف عليه السلام أن يفترض إقبالهما عليه وملازمة الحديث معه، فبينما يترقبان تعبيره الرؤيا يدمج عليه السلام في ذلك دعوتهما إلى الإيمان الصحيح مع الوعد بأنه يعبر لهما رؤياهما غير بعيد. وجعل لذلك وقتا معلوما وهو وقت إحضار طعام المساجين.
ولأن وعده بتأويل الرؤيا في وقت قريب يثير عجب السائلين عن قوة ومصدر علمه، فإنه يجيب بأن ذلك مما علمه الله تخلصا إلى دعوتهما إلى الإيمان باله واحد.
وذكر "واتبعت ملة آبائي" تعليما بفضلهم وإظهارا لسابق الصلاح فيهم. وذكر السلف لصالح يزيد دليل الحق تمكنا.
لقد انتهز عليه السلام هذه الفرصة ليبث بين السجينين عقيدته الصحيحة، فكونه سجينا لا يعفيه من تصحيح العقيدة الفاسدة. لقد استطاع يوسف عليه السلام أن يضيف المزيد في رصيده العاطفي لدى الآخرين، فهاهم يصفونه بالصديق "يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان" 46
فهذا الذي استفتى يوسف عليه السلام في رؤيا الملك إنما وصفه عن خبرة وتجربة اكتسبها من مخالطته يوسف عليه السلام في السجن.


يتبع
الرد مع إقتباس