تابع سورة البقرة ( الاية 16 / 20 )
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَة بِالْهُدَى }
أَيْ الْكُفْر بِالْإِيمَانِ ---أى أَخَذُوا الضَّلَالَة وَتَرَكُوا الْهُدَى .
{ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ }
مَا كَانُوا رُشَدَاء فِي اخْتِيَارهمْ الضَّلَالَة عَلَى الْهُدَى , وَاسْتِبْدَالهمْ الْكُفْر بِالْإِيمَانِ , وَاشْتِرَائِهِمْ النِّفَاق بِالتَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَار .
( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ )
"مَثَلهمْ" صِفَتهمْ فِي نِفَاقهمْ "كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ" أَوْقَدَ "نَارًا" فِي ظُلْمَة "فَلَمَّا أَضَاءَتْ" أَنَارَتْ "مَا حَوْله" فَأَبْصَرَ وَاسْتَدْفَأَ وَأَمِنَ مِمَّنْ يَخَافهُ.
( ذَهَبَ اللَّه بِنُورِهِمْ )
أَطْفَأَهُ.
( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَات لَا يُبْصِرُونَ )
مَا حَوْلهمْ مُتَحَيِّرِينَ عَنْ الطَّرِيق خَائِفِينَ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ أَمِنُوا بِإِظْهَارِ كَلِمَة الْإِيمَان فَإِذَا مَاتُوا جَاءَهُمْ الْخَوْف وَالْعَذَاب.
( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ )
هُمْ "صُمّ" عَنْ الْحَقّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ سَمَاع قَبُول.
"بُكْم" خُرْس عَنْ الْخَيْر فَلَا يَقُولُونَهُ.
"عُمْي" عَنْ طَرِيق الْهُدَى فَلَا يَرَوْنَهُ.
"فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ"
عَنْ الضَّلَالَة.
{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاء }
عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : الصَّيِّب : الْمَطَر .
{ فِيهِ ظُلُمَات وَرَعْد وَبَرْق يَجْعَلُونَ أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ مِنْ الصَّوَاعِق حَذَر الْمَوْت }
قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَأَمَّا الظُّلُمَات فَجَمْع , وَأَحَدهَا ظُلْمَة .
وَأَمَّا الرَّعْد فَإِنَّ أَهْل الْعِلْم أَخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضهمْ : الرَّعْد مَلَك يَزْجُر السَّحَاب بِصَوْتِهِ وقيل الرَّعْد مَلَك يَسُوق السَّحَاب بِالتَّسْبِيحِ .
وأما الْبَرْق :قيل مِخْرَاق حَدِيد بِيَدِ الْمَلَك يَسُوق بِهِ السَّحَاب .
جَعْلهمْ أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا الْقُرْآن فَيُؤْمِنُوا بِهِ وَبِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَام .
{ حَذَر الْمَوْت } جَعَلَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَثَلًا لِخَوْفِهِمْ وَإِشْفَاقهمْ مِنْ حُلُول عَاجِل الْعِقَاب الْمُهْلِك الَّذِي تَوَعَّدَهُ بِسَاحَتِهِمْ .
( وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ )
فَاَللَّه سُبْحَانه مُحِيط بِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَات أَيْ هِيَ فِي قَبْضَته وَتَحْت قَهْره.
{ يَخْطَف أَبْصَارهمْ }
يَعْنِي : يَذْهَب بِهَا وَيَسْتَلِبهَا وَيَلْتَمِعهَا مِنْ شِدَّة ضِيَائِهِ وَنُور شُعَاعه.
{ وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارهمْ }
قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا خَصَّ جَلَّ ذِكْره السَّمْع وَالْأَبْصَار بِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَذَهَبَهَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ دُون سَائِر أَعْضَاء أَجْسَامهمْ لِلَّذِي جَرَى مِنْ ذِكْرهَا فِي الْآيَتَيْنِ .
{ إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير }
قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا وَصَفَ اللَّه نَفْسه جَلَّ ذِكْره بِالْقُدْرَةِ عَلَى كُلّ شَيْء فِي هَذَا الْمَوْضِع لِأَنَّهُ حَذَّرَ الْمُنَافِقِينَ بَأْسه وَسَطْوَته وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ بِهِمْ مُحِيط وَعَلَى إذْهَاب أَسَمَاعهمْ وَأَبْصَارهمْ قَدِير .
تابعونا بارك الله فيكم ؛
الاربعاء 10 / 1 / 2007 م.
|