[ابن حوران]

كبار ساسة العالم .. يقلون فلافل

كما للسياسة تقنيات وفنون ، فإن لقلي الفلافل تقنيات و فنون ، فالذي يقلي الفلافل .. يوازن بين كثرة الزبون .. وساعات الطلب الكثيف ، ففي الصباح يكثر الزبون الذين يحضرون للفطور فيتجمعون حول من يقلي الفلافل ، ليأخذوا حاجتهم ، وفي المساء عندما يصطاد النسيم المشبع بنكهة الفلافل المقلية الزبائن ، حيث تتحفز شهوتهم لتناول تلك المادة الفاتنة ..

ويبتكر صانعو الفلافل تقنيات تتناسب مع زيادة حجم الطلب ، فيرفعون درجة حرارة القلي ، ومنهم من صار يستخدم أجهزة كهربائية ( أظن أنه تم تطويرها عربيا ) لتكون على استعداد لتلبية طلبات الزبائن . ولكن عندما يقل الزبائن ، فإن النار ستخفف ، ومناولة المقلى بعجينة الفلافل ستتباطأ وهكذا ..


أعتقد أنه منذ أكثر من عقد من الزمان أدخلت الدول الكبرى تقنيات قلي الفلافل على تشكيلاتها الحكومية و التشريعية ، ولكنها تكتمت على نشر خبر هذا التطوير . وقد تجد أن هناك بالكونجرس الأمريكي ، لجنة عليا اسمها ( المجلس القومي لقلي الفلافل ) .. مهمتها تعديل مواعيد القلي ، وتبليغ من يقلون بتلك التعديلات ..

ففي عهد نيكسون وبعد أن أمم العراق نفطه في 1/6/1972 ، وضعت خطة للاستيلاء على نفط الشرق الأوسط بصورة مباشرة ، دون إعطاء حتى رشاوى (ومن أثمان النفط نفسه ) لحكام المنطقة ، الذين يضفون شرعية ما على انسياب النفط بصورة أكثر من طبيعية الى الغرب ( المستعمِر بالريموت لبلادنا ) .

فأعدت الخطط الإعلامية و التعبوية لتهيئة المنطقة لقبول الاحتلال عن طيب خاطر ، واستفاد الساسة الأمريكان ومن يشاطرهم القبول بتلك الأهداف من الغرب و الصهيونية ، من ظهور إيران الطامعة باستعادة أمجادها القديمة و التي هددت بابتلاع الخليج العربي و العراق .. كما استفادوا من ارتجاف المنعمين من اختلال وضع استمتاعهم بنعيمهم .. فسارعوا الخطى نحو الخطط التي وضعها (كيسنجر ) باستخدام الدين كغطاء للدخول في تنفيذ تلك المخططات ، وقد حوروها قليلا بعدما عزل نظام السادات (كامب ديفيد) ، وبعدما احتل السوفييت أفغانستان .. فأصبحت توليفتهم جاهزة ( أو هكذا تصوروا ) ..

لقد فتحت شهية الغرب على مصراعيها ، كما تفتح شهية صانع الفلافل عندما يرى زبائنه قد كثروا ، فتتراءى له أسباب النجاح ، فيزيد من عدد القالين وعدد أجهزة القلي ، ليكون على استعداد لتلبية طلبات الزبائن و ما يترتب عليها من أرباح كثيرة ..

عندما انهارت المنظومة الشرقية ، وغاب الاتحاد السوفييتي ، وحدث ما حدث في الكويت ، وما تلاها من عقد مؤتمر مدريد ، سال لعاب الغرب حتى فاحت رائحة عفونته للداني و القاصي . فتوجه لتعديل اتفاقات التجارة الدولية و مهام البنك الدولي ، فأصبحت فرق عمله تعمل ليلا نهارا ، فلم يعد يبيع صنف (الفلافل) وحده بل أضاف بجانبه وحدات ل (الشاورما) و ( الهمبرجر ) و(دجاج الكونتاكنتي) ..

وبعد أن تم اختراع أكذوبة (11 سبتمبر ) ورغبة الملايين من المقهورين في العالم بتصديقها .. سارع في خطاه للاستيلاء على نفط بحر قزوين ، والذي يتحتم عليه تأمين طرق تصريفه ، فاحتل أفغانستان .. و أبقى مشروع نيكسون قائما لاحتلال العراق ..

صدم الأمريكان بما واجهوه من مقاومة عنيفة في كل من أفغانستان و العراق ، فحاولوا تغطية خيبتهم بقدراتهم التقنية الإعلامية في إخفاء حجم الخسائر ، ورغم ذلك ولمداراة خيبتهم و تخفيف وطأة هزيمتهم ، حاولوا تخفيف تلك الخسارة ، بالانتباه الى أطماع إيران التي ستصبح تهديدا منافسا لا يضمن لهم العودة لوضع ما قبل احتلال العراق ..

فانبرى ( المجلس القومي لقلي الفلافل) في ضرب المقاومة اللبنانية (حزب الله) .. لجر سوريا و إيران لمعارك جوية ، تؤمن لهم تدمير القدرات الدفاعية قبل الحربية لكل منهما ، لتأمين هواجس الصهاينة من خطر نادر الوقوع ، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال ، فلم يحققوا في لبنان سوى الدمار لقراه و تهجير شعبه ، وفي كثير من القياسات فإن لبنان و مقاومته قد انتصرا ، إذ استطاعا وقف المخطط في جبهة كانت في نظر الأعداء محسومة ..

لا ندري ما سيعدل عليه المجلس القومي الأمريكي لقلي الفلافل على خططه ، لكنه سيضطر لأكل منتجاته ، ويقال أن كثرة القلي بالزيت تسبب السرطان !