عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 25-10-2001, 11:53 AM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

ومع أن الحكم في الاسلام فردي إلا أن الخليفة ليس ديكتاتورا مستبدا، ويتضح ذلك من القواعد التي يقوم عليها نظام الحكم في الاسلام كقاعدتي السيادة للشرع، والسلطان للأمة، كما يتضح من الأحكام الشرعية المتعلقة بعلاقة الأمة بالحاكم وعلاقة الحاكم بالأمة.

فالقاعدة الأولى من قواعد الحكم في الاسلام هي : ( السيادة للشرع ).
والمقصود بالسيادة هو الممارس للارادة والمسير لها، والذي يسير إرادة الفرد شرعا ليس الفرد نفسه كما يشاء، بل إرادة الفرد مسيرة بأوامر الله ونواهيه . وكذلك الأمة ليست مسيرة بإرادتها تفعل ما تريد ، بل هي مسيرة بأوامر الله ونواهيه. فليست السيادة للخليفة ولا هي لطبقة أو فئة ، ولا هي للشعب أو الأمة ، فالجميع في الاسلام ، الحاكم والمحكوم ، يجب أن يخضع للشرع . ولأن السيادة للشرع لا للحاكم ولا للأمة نجد أن الاسلام قد استثنى من طاعة الحاكم حالة واحدة فقط هي الأمر بمعصية، واستثنى من تحريم الخروج عليه واشهار السيف في وجهه حالة واحدة أيضا هي ظهور الكفر البواح الذي يوجد عندنا فيه من الله برهان. وإذا ارتد الخليفة عن الاسلام خرج عن الخلافة وانعزل في الحال ولو لم يحكم " بضم الياء وفتح الكاف " بعزله، فلا تجب طاعته، ولا تنفذ أوامره. ولأن السيادة للشرع لا للحاكم ولا للأمة نجد أيضا أن الاسلام قد أوجب على المسلمين محاسبة الحاكم على أساس الاسلام، بل أمر الأمة بإنشاء تكتلات او احزاب أو جماعات يكون من عملها محاسبة الحاكم على أساس الاسلام، قال تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وأولئك هم المفلحون }، فهذه الآية تدل على أن وجود حزب سياسي يقوم بالدعوة إلى الاسلام ويقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه أمر الحاكم ونهيه فرض في الاسلام، وتدل على أن تعدد الأحزاب السياسية التي تقوم بهذين العملين جائز في الاسلام، فالتعدد جائز وشرطه هو أن يكون كل حزب من هذه الأحزاب قائما على أساس الاسلام. وعليه فقيام أحزاب او تكتلات على أساس الاسلام يكون من صميم عملها محاسبة الحاكم هو حق للأمة ، ولا يحتاج إنشاء الحزب السياسي إلى ترخيص أو إذن من الحاكم بل يقام بانشائها استجابة لأمر الله تعالى الوارد في هذه الآية.

القاعدة الثانية من قواعد الحكم في الاسلام هي : ( السلطان للأمة ).
بمعنى أن الحكم أو السلطان لا يتولاه أحد إلا إذا ولته إياه الأمة، لأن الشرع قد جعل السلطان لها وحدها، فهي التي تعطي الحكم لمن تشاء. فكل من يستولي على الحكم بالقوة أي من غير رضى الأمة واختيارها لا تنعقد له الخلافة فلا يكون خليفة، وإنما يعتبر غاصبا للسلطان، فيجوز مقاتلته لارغامه على إعادة السلطان للأمة فتقوم هي باختيار من تشاء خليفة للمسلمين. فالحكم أو السلطان للأمة وليس للحاكم فلا يستطيع الحاكم أن يهبه لمن يشاء وبديهي أن الحكم لا يؤخذ وراثة، بل هو ملك للأمة وهي التي تمنحه لمن تريد. فمع ان الحكم في الاسلام لا يعطى إلا لفرد إلا أن هذا الفرد لا يأخذه إلا من الأمة أي برضا من الأمة وباختيار منها. وإلى جانب ذلك نجد أن الاسلام قد جعل الشورى حق من حقوق المسلمين على الحاكم ، وحق من حقوق المرؤسين على الرئيس، وحق من حقوق المقودين على القائد. قال الله تعالى : { وشاورهم في الأمر } وقال : { وأمرهم شورى بينهم } وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ) وقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ( لو اتفقتما في مشورة ما خالفتكما )، فهذه الأدلة تدل بالنص على أن الله تعالى أمر المسلمين بالشورى ، بأمره رسول الله، وبمدحه الشورى، فيكون للمسلمين على من يحكمهم ، ويرأسهم ويقودهم ، حق أن يأخذ رأيهم في الأمور لأن الله أمره بذلك لأن واقع أخذ الرأي أن الآخذ هو الحاكم، أو الرئيس ، أو القائد، وأن المأخوذ رأيه هو الرعية أو المرؤوسين أو المقودين، ولهذا كانت حقا من حقوقهم، وعليه أن يؤدي هذا الحق. فالحكم في الاسلام يعطى لفرد، ولكن على هذا الفرد أن يتقيد بأحكام الشورى والمشورة بحسب ما جاء بها الاسلام.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله