الموضوع: تحية وداع
عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 21-01-2002, 07:19 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
إفتراضي

السلطان سلطان، والرعية رعية، سواء كانوا في الأرض الخضراء أو الزرقاء، وبما أن الديار الزرقاء والخضراء لا تزال يعربية، فإن شيمة سلطانها الظلم، وشيمة رعيتها الخنوع، ولن أنسى الولاة، فشيمتهم فيها التملق إلى أن يصلوا إلى السلطنة ثم يتحولون إلى ظلمة، ولن أنسى مقالة كانت لي في طيـّات الأدبية، تقول "لو كنت فيهم حاكما" ولم يحصل لي أن بُـلـّغت السلطنة، ولو كتبها الله لي لكنت ظلمت على عادة من قبلي، أو كنت تعاملت بالديمقراطية والحرية، ولثار عليّ الولاة وقتلوني، وأصبح أقواهم سلطانا، وأعاد عهد الظلم ثانية، ولو كنت من الولاة، لتملقت إلى السلطان حتى يموت فيورثني حكمه، ولو كنت من الرعية، لتوددت إلى الوالي ليعطيني منصبا في ولايته، ثم لتوددت إلى السلطان حتى يعطيني منصب الوالي، ثم لتملقت إلى السطان حتى يموت ويورثني ملكه، هكذا الدنيا، رحى تطحن، وساقية تدور، وليسا فيهما ثابت إلا أنهما تطحنان وتدوران، ومن عاند التيار عاش في مصب النهر طول حياته.

كدت أنسى هدفي عندما امتلكني القلم لأصف حالي، بل حالنا، ولكن المهم هو أننا في مسرح دمى، أقنعة وأشباح، ورجل يقف في المنتصف بنفسه، يضارب الأشباح والأقنعة، فكلما سقط قناع جاء قناع آخر، وكلما غاب شبح حل محله شبح أكبر، إلى أن يُجنَّ الرجل، ويفقد صوابه، فيختار أن يرحل عن الأرض الخصبة، إلى القفر الممحل، ويحاول إخصابه كما أخصب الأرض الزرقاء، ثم لا تلبث الأشباح أن تتبعه إلى أرضه الجديدة، ويبدأ بالمضاربة من جديد.