عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 04-10-2003, 05:35 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

شرح العقيدة الطحاوية لفضيلة الشيخ صالح ال الشيخ :

نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ.


[الشرح]

قوله (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)، قوله (نقُولُ) هذا لأنه لا يُكتفى في الاعتقاد باعتقاد القلب؛ بل لا بد من قول اللسان، وأعظم قول اللسان وكافيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ لأن العقيدة الصحيحة اعتقاد بالجنان، وقول باللسان حتى يكون الإيمان صحيحا، ثم امتثال العمليات في الأمر والنهي.
وقوله (مُعتَقدينَ) هذه حال من (نقُولُ) يعني أقول حَالَ كوني معتقدا هذا الكلام عاقدا عليه قلبي غير متردد فيه ولا مرتاب، فـ(مُعتَقدينَ) ولو تأخرت فهي حال من الضمير في (نقُولُ).
وقوله(بتوفيق الله) هذه استعانة بالله جل وعلا أن يوفقه في القول الحق في ذلك، والتوفيق اختلفت فيه التفسيرات بما سيأتي بيانه إن شاء الله مفصلا في ذكر مسائل القدر، فأهل السنة لهم تفسير للتوفيق وللخذلان، وأهل البدع كل له مشربه في تفسير التوفيق والخذلان.
قال (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) اشتملت هذه الجملة على ذِكر التوحيد وعلى تفسيره، وكلمة (التوحيد) هذه مصدر: وَحَّدَ، يُوَحِّدُ، تَوْحِيدًا؛ يعني جعل الشيء واحدا، قد جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في حديث معاذ «إنّك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أنْ يوحدوا الله»، وجاء أيضا في قول الصحابي رضي الله عنه ”فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد“في قوله«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» التلبية المعروفة في أول الحديث، ”فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد“، فإذن كلمة (التوحيد) جاءت في السنة ومعنى التوحيد كما ذكرنا جعل الشيء واحدا في اللغة، فتوحيد الله معناه أنْ تجعل الله واحدا؛ واحدا فيما وحد الله جل وعلا به نفسه فيه بما دلت عليه النصوص، والنصوص دلّت على أنه واحد في ربوبيته، واحد في إلهيته، واحد في أسمائه وصفاته، فالتوحيد إذن في الكتاب والسنة راجع إلى توحيد الربوبية، توحيد الإلهية، توحيد الأسماء والصفات، وهذا على التقسيم المشهور، وقسّمه بعض أهل العلم إلى تقسيم آخر وهو أن توحيد الله ينقسم إلى قسمين؛ ينقسم:
1- إلى توحيد في المعرفة والإثبات.
2- وإلى توحيد في القصد والطلب.
وعَنَى بقوله ”في المعرفة والإثبات“ في معرفة الله جل وعلا بأفعاله، وهذا هو الربوبية و”الإثبات“ له فيما أثبت لنفسه، وهذا هو الأسماء والصفات.
وقوله ”في القصد والطلب“ وهو توحيد الإلهية.
وتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. جاء في عبارات المتقدمين من أئمة الحديث والأثر، فجاء عند أبي جعفر الطبري في تفسيره وفي غيره من كتبه، وفي كلام ابن بطة، وفي كلام ابن منده، وفي كلام ابن عبد البر، وغيرهم من أهل العلم من أهل الحديث والأثر، خلافا لمن زعم من المبتدعة أنّ هذا التقسيم أحدثه ابن تيمية، فهذا التقسيم قديم يعرفه من طالع الكتب أهل العلم الذين ذكرنا.
إذا تقرر ذلك:

فمعنى توحيد الربوبية: اعتقاد أنّ الله واحد في أفعاله سبحانه لا شريك له, وأفعال الله جل وعلا منها خَلْقُه سبحانه، ومنها رَزقه وإحياؤه وإماتته, وتدبيره للأمر وإغاثته للناس ونحو ذلك, يعني أن توحيد الربوبية راجع إلى أفراد الربوبية التي هي السيادة والتصرف في الملكوت، وكل ما رَجَع إلى السيادة والتصرف في الملكوت رجع إلى توحيد الربوبية. الإيمان بتوحيد الربوبية معناه أنه إيمان بأنّ الله وحده لا شريك له هو المتصرف في هذا الملكوت أمر ونهيا، هو الخالق وحده، وهو الرزاق وحده، وهو المحيي المميت وحده، وهو النافع الضار وحده، وهو القابض الباسط وحده في ملكوته، إلى آخر مفردات الربوبية، كما قال جل وعلا }قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ{[يونس:31]، فأثبت أنهم أقروا بالربوبية، وأنكر عليهم أنهم لم يتقوا الشرك به وترك توحيد الإلهية.
وتوحيد الإلهية: هو توحيد الله بأفعال العبيد، توحيد في القصد والطلب؛ بأن يُفرد العبد ربه جل وعلا في إنابته وخضوعه ومحبته ورجائه، وأنواع عبادته من صلاته وزكاته وصيامه ودعائه وذبحه ونذره إلى آخر أفراد العبادة بما هو معوم بتوحيد الإلهية.

وتوحيد الأسماء والصفات: هو جعل الله جل وعلا واحدا لا مِثْل له في أسمائه وصفاته كما قال}لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ{[الشورى:11] وكما قال}وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ{[الإخلاص:4]، وكما قال جل وعلا}هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا{[مريم:65].
إذن قوله (نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله) هنا ذكر التوحيد لأن الخلاف فيه، ففي الربوبية قام الخلاف مع الدُّهرية والفلاسفة الذين يقولون: إنّ هذا العالمَ قديم لم يزل، وأنه ليس له خالق، بل وُجد هكذا العالم باتفاق. وغير ذلك من مقالات نُفاة الرب جل وعلا، وكذلك مخالفة للذين جعلوا الله ربا ولكن جعلوا معه شريكا في الربوبية، وهم طوائف من الملل مختلفة، وفي هذه الأمة دخل ذلك في غلاة المتصوفة الذين يقولون: إن لهذا العالم فيه من يتصرف فيه من الأولياء؛ ولي، أقطاب الذين لكل بلد قطب يمنع ويعطي فيها ويرزق ويحيي ويميت. إلى آخر ما يعتقدون فيه.
في الإلهية ثَم من خالف، في الأسماء والصفات ثَم من خالف كما سياتي تفصيله.
هنا سؤال: أنه قدم القول في الاعتقاد على الله جل وعلا، لما؟
والجواب عن ذلك أنه قدَّم ذلك لأمرين:
ءالأول منهما: أنّ الإيمان بالله مقدم على غيره من أركان الإيمان كما قال جل وعلا }وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ{[البقرة:177]، فقدّم الإيمان بالله على غيره، وكما في قوله جل وعلا }آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ{[البقرة:275]، وقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل المعروف: الإيمان «أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُِلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ».

الأمر الثاني: أنّ الاعتقاد في الله جل وعلا هو أصل الإيمان، وبه يصير المرء مؤمنا، بالاعتقاد في الله جل وعلا بالوحدانية، بما دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنّ ذلك هو أول واجب على العبيد.
وفي هذا مخالفة للذين زعموا أن أول واجب على العبد ويقدمونهم في عقائدهم أن يعرف الله، أو أن يستدل على معرفة الله، أو ما يسمونه بالنظر للتوحيد أو للمعرفة، أو بالقصد للنظر، فلما كان أول واجب هو التوحيد قدّمه، مخالفة لمن قال إن أول واجب هو أن تنظر في الدلائل وفي الملكوت لمن كان أهلا لذلك.
قال (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)، (إنَّ الله واحدٌ)، لفظ (واحدٌ) هذا من أسماء الله الحسنى، كما قال الله جل وعلا }هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{[
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان