عرض مشاركة مفردة
  #45  
قديم 18-07-2002, 07:01 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

من الاتهامات التي يتبجح بها الكثير من أبناء السنة والتي لطالما ملئت كتبهم ، هو ادعائهم بكون الإمامية يقولون بتحريف القران الكريم و لقد رد علماء الإمامية هذه الافتراءات، بل لا يوجد كتاب شيعي في العقائد إلا و تناول هذا الموضوع مبرئاً ساحتنا من القول بالتحريف. و لكن الشيء العجيب و الملفت للنظر، أن هذا الاتهام ما زال يُطرح... ] فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا[([1])

نعم يمكن أن يُطرح هذا الادعاء لمن يؤمن بالتوراة و الإنجيل ، لأن الله سبحانه و تعالى قد أوكل حفظ هذه الكتب السماوية إلى الناس. قال تعالى عن علماء اليهود و النصارى ] بما استُحفظوا من كتاب الله و كانوا عليه شهداء[([2]) لهذا وقع التحريف فيها، أما القران الكريم فقد تكفل الله سبحانه و بحفظه ، قال تعالى ]إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون[([3])

لهذا فهو مصون من التحريف ، و المذهب الإمامي قائم على الاعتقاد بعصمة القران من التحريف. و إن القرآن الذي بين أيدينا اليوم ، هو نفسه الذي نزل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) بلا نقص و لا زيادة و لا تحريف.

إذاً فالقران الكريم ، هو المصدر الأول للتشريع ، و قد حفظه الله تعالى إلى يوم الدين ، و هو عصب الأمة الإسلامية ، و تتفق جميع المذاهب على وحدانيته في مختلف الديار و الأمصار

فبعد هذا كله لابد من حدّ لهذا الاتهام. و إن صح ما يقولون ، فأين هذا القران ، و لماذا لا يطّلع عليه الإنس و الجن بل و حتى على نسخه واحدة.

فلماذا هذا الافتراء... و أين نحن من قوله تعالى ]لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد[([4])

ولكن هناك من يحاول أن يتصيد في الماء العكر قاصداً الفرقة بين المسلمين بذريعة الدفاع عن القران الكريم ، فينهال على المذهب الإمامي بشتى أنواع التشويه من دون دليل يركن إليه. و لو أن هؤلاء أتبعوا سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المحاورة و المناظرة لكان ذلك اقرب إلى التفاهم و جذب القلوب. و لكنهم خالفوا السنة لهذا كان سلاحهم السب و الشتم و الاتهام الباطل. و مسألة التعريف المدعى من قبلهم هو من جمله الاتهامات المنسوبة إلى المذهب. مع أن القول بتحريف القران هو قول الحشوية من الفريقين.

و المتّبع لروايات التحريف من كتب أهل السنة و الشيعة ليجد أن روايات التحريف في كتب أهل السنة مما لا يحصى عددها، و هي تروى في اصح الكتب بعد القران عندهم. و لا يمكن طرحها أو تكذيبها. و هذا بخلاف ما يروى في كتب الشيعة من روايات التحريف فهي روايات شاذة و أخبار أحاد لا تفيد علماً و لا عملا ، و قد طرحها علماء الشيعة بل كذّبوها. و ستناول من خلال البحث ما يكشف عن ذلك من خلال ما ورد في كتاب الصحيحين (البخاري و مسلم) حيث اجمع علماء أهل السنة على صحة رواياتها. و بناءاً على ذلك سنورد على جنابكم الكريم ما جاء في صحاح و أسانيد علماء أهل السنّة عن وقوع التحريف في القرآن الكريم.

أهل السنّة و تحريف القرآن؟

*قال السيوطي : و اخرج عبد الرزاق عن الثوري قال: بلغنا أن ناساً من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)كانوا يقرءون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القران.([5])

*قال ابن عبد البر الأندلسي : عن مجاهد قال: كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول و لقد ذهب منه قران كثير و لم يذهب منه حلال و لا حرام.([6])

*محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: قال أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا أبو الربيع: اخبرنا ابن وهب، قال اخبرني يونس عن ابن شهاب قال: بلغنا أنه كان أنزل قران كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوه، و لم يعلم بعدهم و لم يكتب.([7])

أوردنا على جنابكم جملة من بعض أقوال أئمة أهل السنّة و علمائهم المعتمدين في صريح وقوع التحريف.

أما الآيات و السور التي وقع فيها التحريف كما ذكرت في الصحاح و الأسانيد فإليك بعضاً منها:

1ـ سوره الليل (و الليل إذا يغشى و النهار إذا تجلى و الذكر و الأنثى)([8]) و في القران وردت ] و ما خلق الذكر و الأنثى[

2ـ آية الرضا (بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضى عنا و رضينا عنه)([9]) و هذه الآية لا وجود لها في القران.

3ـ عن الخليفة عمر انه قال ، و هو على المنبر: إن الله بعث محمد(صلى الله عليه وآله) بالحقّ و أنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل عليه (آيه الرجم) فقرأناها و عقلناها، و وعيناها و رجم رسول الله(صلى الله عليه وآله) و رجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل و الله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. و الرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال و النساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبل و الاعتراف على من زنى إذا أحصن من الرجال أو النساء إذا قامت البينة ثم أنّا كنّا نقرأ من كتاب الله (إن لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) أو (إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم)([10])

4ـ عن عائشة أنها قالت : كان فيما انزل من القرآن: عشر رضعات معلومات فتوفى رسول الله(صلى الله عليه وآله) و هنّ فيما يُقرأ من القرآن. ([11])

5ـ آيه لو كان لأبن آدم واديان (لو كان لأبن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثا و لا يملا جوف ابن آدم إلا التراب).([12])

6ـ عدد حروف القران: عن الخليفة عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) القران ألف ألف حرف و سبعه و عشرين ألف حرف.([13]) مع أن السيوطي روى عن ابن عباس انه قال: و جميع حروف القران ثلاثمائة ألف حرف و ثلاثة و عشرون ألف حرف و ستمائة حرف و واحد و سبعون حرفا. فلو كان الأمر كما يزعم الخليفة عمر، لكان النقصان قد طرأ على اكثر من ثلثي القران.

هذه صورة مختصرة لما جاء في كتب أهل السنّة من السور و الآيات التي وقع فيها التحريف ، ذكرنا منها على سبيل المثال لا الحصر. و قد اعرضنا عما يقرب الخمسين رواية، طلباً للاختصار.

أما ما يزعمه البعض من أن الشيعة تذهب إلى القول بتحريف القران ، فهو كما قلنا، اتهام باطل و لقد ردّه علماء الشيعة. و إليك أقوال أكابر علماء الشيعة الإمامية في نفي التحريف.

1- قال الشيخ الصدوق(المتوفى 381 هـ) : اعتقادنا في القران الكريم الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد-ص- هو ما بين الدفتين، و هو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك. و من نسب إلينا أنّا نقول أنه اكثر من ذلك فهو كاذب.([14])

2ـ قال الشيخ المفيد (المتوفى 413هـ): و أما النقصان فقد قال جماعة من أهل الإمامة انه لم ينقض من كلمة و لا من آية ولا من سورة… و أما الزيادة فيه فمقطوعٌ بفسادها.([15])

3ـ قال الشيخ الطوسي (المتوفى 460هـ) : و أما الكلام في زيادة القرآن و نقصه فما لا يليق به ، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، و أما النقصان فالظاهر من مذهب المسلمين خلافه، و هو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، و هو الذي نصره المرتضى، و هو الظاهر في الروايات.([16])

4ـ قال الطبرسي :أما الزيادة في القران فجمع على بطلانها، و أما النقيصة فروى جماعة من أصحابنا و قوم من الحشوية العامة أن في القران نقصاً. و الصحيح من مذهبنا خلافه. و هو الذي نصره المرتضى.([17])

5ـ و قال المرجع الكبير السيد أبو القاسم الخوئي : و قد تبيّن للقارئ مما ذكرناه أن حديث تحريف القرآن حديث خيالي لا يقول به إلا من ضعُف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل ، أو من ألجأه إليه حب القول به، و الحب يعمى و يصم، أما العاقل المُنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه.([18])

هذه خمسة أقوال لكبار علماء المدرسة الإمامية . و هي غيض من فيض لا يسع المقام إلى ذكرها تُثبت عدم التحريف ، و أن القرآن هو الكتاب الموجود بين أيدينا هو عينه الذي أنزله الله تعالى على نبيّنا محمد(صلى الله عليه وآله) و لقد كان الأئمة(عليهم السلام) يوصون شيعتهم بعرض رواياتهم على القرآن، فان وافقت القران اخذ بها وإلا وجب الإعراض عنها. كما أن الإمام علي(عليه السلام) كان دائماً يقول « فاسألوني في كتاب الله» و كتاب الله في ذلك الوقت هو الكتاب الذي بأيدينا من غير زيادة و لا نقيصة.

ثم يا حبذا لو أن الإنسان يأتي و يطلع بنفسه على جميع بيوت الإمامية ، كي يبحث عن القرآن (المزعوم) الذي يؤمن به الإمامية!! فماذا يا ترى يجد؟ سوف يجد في كل بيت قرآن أو قرآنين أو أحيانا على عدد أفراد الأسرة ، كلهم يتلون هذا القرآن الكريم الذي لا نقص فيه و لا تحريف ، و هو قرآن كل المسلمين.





======================

[1]- النساء/ 78.

[2]- المائدة/ 44.

[3]- الحجر/ 9.

[4]- فصّلت/ 42.

[5]- السيوطي ، الدر المنثور، ج 5، ص 345، ط 1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1411هـ .1990م.

[6]- السيوطي ،الإتقان في علوم القران، ج 1، ص 205، ط 1 بيروت ـ دار ابن كثير، 1407 هـ 1987م.

[7]- أبو بكر ابن أبي داود, المصاحف، ص 31 دار الكتب العلمية.

[8]- صحيح البخاري، ج 6، ص 561، ط 1، بيروت، دار القلم، 407 هـ .1987م.

[9]- نفس المصدر، ج 8، ص 586.

[10]- صحيح البخاري ، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا، ج 8، ص 28 دار القلم. مستدرك الحاكم، ج 2، ص 415.

[11]- صحيح مسلم، كتاب الرضاع، ج 4، ص 167 (دار الفكر).

[12]- صحيح مسلم، ج 2، ص 726 ، بيروت، دار الفكر، 1403هـ1983م.

[13]- تفسير الدر المنثور، ج 6، ص 725 ، بيروت، دار الكتب العلمية.

[14]- رسالة الاعتقاد.

[15]- أوائل المقالات، ص 55.

[16]- مقدمه تفسير مجمع البيان، ص 3.

[17]- نفس المصدر.

[18]- تفسير البيان، راجع ص 195ـ236.



==========================




و ختاماً نسأل اللّه عز وجل أن يهدينا و إياكم سواء السبيل و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.