الموضوع: الشجاعة
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 18-09-2006, 02:15 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي الشجاعة

الشجاعة

حقيقة الشجاعة

في اللغة: يرد معناها إلى أصل واحد هو الجرأة و الإقدام . في لسان العرب: شَجُع شجاعة : اشتد عند البأس و الشجاعة : شدة القلب في البأس ، و من يتصف بهذا الخلق يقال له : شَجاع و شِجاع و شُجاع و أشجع و شَجع و شَجيع و شِجَعَة و يُجمع على : شُجْعان و شِجعان و شَجَعَاء و شِجَعَة و شِجْعَة و شَجْعَة و شُجْعَة و شِجَاع و المرأة شِجَاعَة و شَجِعَة و شَجِيعَة و شَجْعَاء ، و قيل : لا توصف به المرأ ة ، و شجّعته : إذا قلت له أنت شجاع أو قويت قلبه ، و رجل مشجوع : مغلوب بالشجاعة . قال بن المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف : الشجاعة الإقدام الاختياري على مخاوف نافعة في غير مبالاة . الشجاعة قلب حديدي جامد لا يهاب الموت كما قيل : لنحن أغلظ أكباداً من الإبل .
الشجاعة هي الصبر و الثبات و الإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً و على الأمور السيئة دفعاً ، و تكون في الأقوال و الأفعال ، والشجاعة التغلب على رهبة الموقف قال بعضهم : الشجاعة صبر ساعة . الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره و قوته عند المخاوف ، و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن . قال العلماء : منشؤها القوة الغضبية للنفس ، لأن الثبات أثر كمال تلك القوة ؛ فالشجاعة تتكون من : قوة الجنان و الجرأة على العدو و استصغار شأنه . قال الجرجاني : الشجاعة : هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور و الجبن بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها كقتال الكفار مالم يزيدوا على ضِعف المسلمين . تعريف الشجاعة عند همنغواي: الصبر الجميل على الشدائد. و قيل: هي العنصر من عناصر الروح الذي يوصف بأنه العنصر الجسور الملهم. و قيل : قدرة الروح على انتزاع الفوز في مواجهة أعتى الأخطار. و قيل: القدرة على التحرك لقهر الخوف. وقيل: هي استعداد المرء لأن يحمل على كاهله السلبيات التي ينذر الخوف بمقدمها من أجل تحقيق ايجابيات أكثر زخماً. و قيل: الشجاعة هي الإقدام تحت إشراف العقل للدفاع عن النفس أو عن أي عزيز لديها. الشجاعة كمنحة من العناية الالهية هي سبب و نتيجة. قال الجاحظ في تهذيب الأخلاق : الشجاعة هي الإقدام على المكاره و المهالك عند الحاجة إلى ذلك ، و ثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت . قال ابن حزم : هي بذل النفس للذود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم ، و عمن هُضم ظلماً في المال و العرض ، و سائر سبل الحق سواء قلّ من يعارض أو كثر . الشجاعة تختلف من شخص لآخر تبعاً للاستعداد الفطري فكل أحد لديه نسبة من الشجاعة و أخرى من الجبن. أو يكون شجاعاً في مواقف و جباناً في مواقف أخرى. الشجاعة لا بد أن تعتمد على رأي حصيف و تبصر مع حسن حيلة و حذر و تيقظ و إلا كانت انتحاراً .

قال المتنبي :

الرأي قبل شجاعة الشجعان ----- هو أول وهي المحل الثاني
فإذا اجتمعا لنفس مرة ----- بلغت من العلياء كل مكان
و لربما طعن الفتى أقرانه ----- بالرأي قبل تطاعن الأقران



أصل الشجاعة

في القلب و هو ثبات القلب و سكونه و قوته عند المهمات و المخاوف ، و لا يثبت القلب إلا مع سلامة العقل و المزاج و هو الاعتدال ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته ، والشجاعة ليس لها اتصال بالأبدان قوةً و ضعفاً ، و لا باللسان
يقول كثير عزة :

ترى الرجل النحيف فتزدريه ----- و في أثوابه أسد هصور
و يعجبك الطرير إذا تراه ----- فيخلف ظنك الرجل الطرير
و قد عظم البعير بغيرلبّ ----- فلا عرف لديه و لا نكير


نقل ابن قتيبة في عيون الأخبار: عن الحرس : " رأيت من الجبن و الشجاعة عجباً ، استثرنا من مزرعة في بلاد الشام رجلين يذربان حنطة أحدهما أصيفر أحيمش ( تصغير الأحمش و هو دقيق الساقين ) و الآخر مثل الجمل عظماً فقاتلنا الأصيفر بالمذرى ( خشبة ذات أطراف كالأصابع يذرى بها الحبّ و ينقى ) لا تدنو منه دابة إلا نخس أنفها و ضربها حتى شق علينا فقُتل ، و لم نصل إلى الآخر حتى مات فرقاً فأمرت بهما فبقرت بطونهما فإذا فؤاد الضخم يابس مثل الحشفة ، و إذا فؤاد الأصيفر مثل فؤاد الجمل يتخضخض في مثل كوز من ماء .
ذكر عمرو بن معد يكرب الزبيدي عندما سأله عمر بن الخطاب عن أجبن رجل لاقاه فقال : يا أمير المؤمنين كنت أشن الغارة فرأيت فارساً لابساً لامة الحرب ، و هو راكب على فرسه فقلت : يا بنىّ خذ حذرك فإني قاتلك لا محالة ، فقال لي : و من تكون ؟ فقلت: عمرو بن معد يكرب فسكت و دنوت منه فوجدته قد مات ، فهذا أجبن من لقيت . ذكره في كتاب بدائع السلك لابن الأزرق .
يقول الراغب: الشجاعة إن اعتبرت و هي في النفس ، فصرامة القلب على الأهوال و ربط الجأش في المخاوف ، و إن اعتبرت بالفعل فالإقدام على موضع الفرصة . و هي فضيلة بين التهور و الجبن و هي تتولد من الفزع و الغضب إذا كانا متوسطين .


مجالات الشجاعة

في الجهاد و الخطابة و على المنابر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إعلان الرأي قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ) فهذا تربية لشجاعة الرأي و مخاطبة عظيم في الحديث ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) رواه أبوداود و الترمذي ( سيد الشهداء يوم القيامة حمزة و رجل قام إلى إمام جائر فأمره أو نهاه فقتله ) . من الأمثلة موقف الإمام أحمد في فتنة خلق القرآ ن - رأي العز بن عبدالسلام في كلام الله تعالى أهو حرف و صوت ؟ أم معنى قائم بذاته قديم أزلي ؟ - وموقف العز بن عبدالسلام من بيع الأسلحة للفرنج في عهد الصالح إسماعيل حاكم دمشق - موقفه في مصر من قضية المماليك الذين اشتراهم الملك نجم الدين . و الشجاعة تكون في حالة التعرض للبغي و دفع الظلم و الذل عن النفس و الدفاع عن الحريم و الأعراض و طلب العز و المجد ، ومن أجل بقاء هذا الوجود، شجاعة الموقف ، شجاعة الإرادة التي تشمل ( القدرة على ضبط شهوات النفس و منع جنوحها إلى مهاوي الردى و المهالك - التغلب على مخاوف النفس و هواجسها و قهر أوهامها - ألا ينقاد المرء للجلساء و أصحاب المنافع أو الشهوات التي تخل برجولته أو كرامته أو مروءته )، شجاعة القرار مثل ( إمضاء أبي بكر الصديق الجيش لحرب المرتدين - جمع أبي بكر الصديق القرآن في المصحف - انسحاب خالد بن الوليد في غزوة مؤتة )، وغيرها كثير، و أعلى الشجاعة هو التقدم للتضحية بالنفس في سبيل الله تعالى ، و الحلم من الشجاعة . أعظم الشجاعة الخوف من الله عز و جلّ

قال الأول :

ليس الشجاع الذي يحمي فريسته ----- عند القتال و نار الحرب تشتعل
لكن من رد طرفاً أو ثنى وطراً ----- عن الحرام فذالك الفارس البطل



و لذلك قال بعضهم : لا ينتصر العبد في المعركة حتى ينتصر في نفسه على الشهوات و المعاصي و المخالفات . من مجالات الشجاعة الانتصار على النفس و الذات و الشهوات . الدفاع عن النفس عند التعرض للاعتداء أو لحماية ما يُرى فيه نفعه و ملذاته و هي سر بقاء البشر و استمرار الحياة و عمران الأرض . قال أبوبكر الصديق لخالد بن الوليد : احرص على الموت تُوهب لك الحياة . و العرب تقول : إن الشجاعة وقاية و الجبن مقتلة . و من دوافع الشجاعة طلب الثناء و الذكر الحميد و هو منهي عنه . و ذكر الأبشيهي أوجه الشجاعة عند اللقاء في الحرب في كتابه (المستطرف) . الشجاعة تكون في كثير من الأحيان حاسمة لبعض المواقف الشائكة و الرجل الشجاع درع لأمته و صون لها .


و ضد الشجاعة الجبن

والجبن يكون نتيجة تخوف و تغلب المخاوف المرتقبة أو الحاصلة أمام الناظرين فيحجم و لا يعود شجاعاً . مرض الجبن عند الجبناء يكبر بالوهم و أكثر مرض الناس و هم من أحاديثهم و ما تفتعله خواطرهم وما يتلقفونه من الحوادث و ما يشعرون به من نقص إيمان يقول الله تعالى عن ذلك الصنف من المنافقين ( يحسبون كل صيحة عليهم ) ( أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون ) . الجبناء يخافون من البشر أكثر من خوفهم من الله . في الحديث ( شر ما في رجل شح هالع و جبن خالع ) رواه أبوداوود . و الجبن و الخور و العجز ليس من محاسن الرجال ومما ذمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم . الإقدام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و كذلك في الإحجام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و الضابط في ذلك هي الحكمة. و عدت العرب الجبن جريمة كبرى و سيئة في الرجل . الجبان يموت في اليوم مائة مرة و الشجاع يموت مرة واحدة الجبان يتوهم كل شىء ضده و الشجاع يتصور أنه ضد كل شىء إلا كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و ما والاهما . قال عمر بن الخطاب: اللهم إني أشكو إليك عجز الثقة و جلَد المنافق .


وكمال الشجاعة وزينتها


أن تكون بإرشاد العقل متزنة و متوافقة مع الحكمة فإن الشىء إذا زاد عن حد الحكمة خشي أن يكون تهوراً و سفهاً و إلقاءً باليد للتهلكة و ذلك مذموم كما يذم الجبن فالشجاعة خلق فاضل متوسط بين خلقين رذيلين هما الجبن و التهور.



و ثمرة الشجاعة

الإقدام في الأقوال و الأفعال و عند القلق و الأضطراب . وهي فضيلة من أسمى الفضائل ، و إن شئت فقل إنها حارسة الفضائل. يعيب كل شخصية ألاّ تتصف بهذا الخلق الرفيع فالدافع لتحمل الألم و التعرض للموت بشجاعة يتمثل في أن القيام بذلك عمل نبيل بينما الإحجام عنه عمل وضيع ، فالرجل الشجاع يتصرف كذلك من أجل ما هو نبيل لأن ذلك هو مقصد الفضيلة. و هي جزء من الفضيلة ، وهي من أخلاق الإسلام التي ساعدت المسلمين على الفتوح و السيادة في الأرض . الشجاعة هي ينبوع مكارم الأخلاق و الخصال الحميدة و معظمها منشؤها منها و مردها إليها . قال الطرطوشي: و أعلم أن كل كريهة ترفع أو مكرمة تكتسب لا تتحقق إلا بالشجاعة . رؤوس الأخلاق الحسنة أربعة - تحمل على غيرها من محاسن الأخلاق- وهي: 1 -الصبر:يحمل على الاحتمال وكظم الغيظ وكف الأذى -- 2 - العفة: تحمل على تجنب الرذائل والقبائح -- 3 -الشجاعة: تحمل على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق -- 4 - العدل: يحمل على الاعتدال والتوسط. قال الأبشيهي: أعلم أن الشجاعة عماد الفضائل ، و من فقدها لم تكمل فيه فضيلة يُعبَّر عنها بالصبر و قوة النفس . قال ابن القيم في زاد المعاد : الشجاعة من أسباب السعادة فإن الله يشرح صدر الشجاع بشجاعته و إقدامه و هذا معلوم لأن الهم و القلة و الذلة و حقارة الحال تأتي من الجبن و الهلع و الفزع وأن السعادة و الانشراح و الضحك و البسطة تأتي مع الشجاعة و الإقدام و فرض الرأي و قول كلمة الحق التي علمها رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه . و الشجاعة تثمر محبة الله عز و جل لحديث ( ثلاثة يحبهم الله عز و جلّ و ذكر منهم و رجل كانوا في سرية فلقوا العدو فهُزموا ، فأقبل بصدره حتى يُقتل أو يفتح الله له ) رواه النسائي و الترمذي و صححه و الحاكم و قال : صحيح على شرط الشيخين و وافقه الذهبي .
و علاقة الشجاعة بالكرم أن الكرم إن كان ببذل النفس فهو شجاعة . و علاقة الشجاعة بالصبر أن الصبر في المحاربة شجاعة . يقال : الشجاع محبب حتى إلى عدوه ، و الجبان مبغض حتى إلى أمه .


__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية