عرض مشاركة مفردة
  #50  
قديم 16-04-2007, 11:53 AM
منسق لقاءات الخيمة منسق لقاءات الخيمة غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2002
المشاركات: 689
إفتراضي

( ملاعــب الـصـبــا )


في هذه المرحلة العمرية التي تبدأ الشخصية بالتشكل فيها وتظهر بعض ملامحها

فكان جواب الأخ الـــــــــــوافي على الأسئلة

التالية.


1 / ماذا كان مركزك بين أقرانك؟

المركز عندي هو الموقع أو المنصب ، ولكنني سأنظر إلى الأمر من جهات أخرى مختلفة .

فإن كان القصدُ بالمركز ( العمر ) فلستُ أكبر الأبناء في أسرتي ولستُ أصغرهم كذلك ، وقد جئتُ في السياق بين الأول والأخير وقد يكون في ذلك ميزة لا يعرفها إلا من عاشها ، لأنني " كنت أحفظ ما يعلمونه للكبير ، وأطبق على الصغير ما يريدونه " .

وأما إن كان القصد بالمركز ( المكانة ) بين أقراني خارج الأسرة ، فأعترف أنني كنت أحاول أن أدير مجموعتي تلك ، وهذا لا يعني وجود اعتراضات على ذلك من هنا أو هناك ، ولكنها في النهاية كانت تنتهي إلى اتفاق من نوع ما ، سرعان ما يكتشف الآخرون أنهم قد ظُلموا فيه .




2 / عندما يكون بينكم الأضعف فكريا وجسميا أين موقعه منك ، وما هو مكانه ضمن المجموعة؟

إن كان الأمر يتعلق بإخوتي داخل الأسرة فلم يكن بيننا ضعيف فكريا – بحمد الله – لأرى موقعه مني أو موقعي منه ، وأما عن الأجسام فلم نكن في مرحلة عمرية واحدة ليكون المعيار عادل .

وأما مع الأقران خارج المنزل فبين الحالتين فرق كبير وبون شاسع ، فالضعيف ( فكريا ) قد يُجهدك دون أن تجد من وراءه فائدة تذكر لما تقوم به من جهد معه ، لذلك لم يكن لمثل هذا حظوظ عندي ، لأنني كنت أؤمن - ولا أزال - أنني معه واقع بين أمرين ، إما أن أنزل إلى مستوى ضعفه لأتعامل معه بناء عليه مع ما في ذلك من لجم للهمم وكبت للطموح ، أو أن أتجاهله مع ما قد يكون في ذلك من تحييد وتجاهل قد يصل إلى ما لا يُحمد من الأفعال كالازدراء والاحتقار له ، أو أن يكون خارج المجموعة ليجد من يتساوى معه فيما هو فيه فيتعايش معه ، وقد كان .

أما عن الأضعف ( جسميا ) فأقول : كان أغلب أفراد مجموعتي خارج الأسرة من ذات الصنف، ولكننا في ذات الوقت لم نكن ننظر إلى الجسم على أنه هو المقياس للقرب أو البعد من أي شخص فينا .

وللأمانة .. فقد كان أضعفنا جسما أكثر قوة في الحجة والحيلة من أضخم المجموعة جسما ، وفي كل الحالات لست من هؤلاء ولا من هؤلاء .


3 / مشاكلكم من كان يقوم بحلها ؟ العقل - القوة - الوالدان ؟


هناك حالة رابعة لم ترد ضمن الخيارات ، ولعلها كانت الأهم من كل الخيارات الثلاث السابقة ، فـ ( براءة الأطفال ) كانت العصا السحرية التي تقضي على أغلب الخلافات حينها ، مع أن دور الوالدين كان له أكبر الأثر في ذلك داخل الأسرة ، ولكن مع الأقران خارجها كان ( العقل ) يسود غالبا تحت ذريعة المصالح المتبادلة ، ولا أذكر حقيقة أن ( القوة ) قد كانت سبيلا لحل أي من المشكلات التي كانت تعترضنا مع إيماني العميق بأنها ضرورية لحماية المجموعة ( أي مجموعة ) لأن أي تجمع في هذه الحياة لا تحميه قوة يظلُّ في خطر دائم .




4 / وجود الفتيات حولكم في تلك المرحلة هل كان يحرجكم ؟ ولماذا؟؟

في داخل الأسرة كانت للوالدين سياسة لا زلتُ أرى أنها من أعظم السياسات التي مررت بها في التعامل مع البنين والبنات ، فقد أوكلت مهمة البنات كاملة إلى الوالدة حفظها الله ، ومهمة الأبناء إلى الوالد يرحمه الله ، حتى أننا كنا نذهب معه إلى أكبر المجالس التي يحضرها ونعود إلى المنزل لنحكي بالتفصيل ما دار في تلك المجالس لأخواتنا وكذلك الأمر عندهن ، ولا أذكر أنني تمنيت أن أحضر عرسا أو حفلا لا تحضره إلا النساء لقناعتي أنني إن ذهبت إلى هناك مع النساء كنت مثلهن ، والأمر ذاته كان ينطبق على أخواتي البنات .

أما خارج الأسرة فقد نشأنا في بيئة محافظة لا تسمح أن يختلط الأولاد مع البنات حتى في اللهو واللعب لأن لكل منهما ألعابة الخاصة المناسبة له ، لهذا لم يكن حولنا فتيات من الأساس لنشعر بالحرج في التعامل معهن .


5 / حادثة لا تنسى في تلك المرحلة كان لها الأثر العميق في نضج الشخصية مبكرا أو تغير مفاهيم أو زرع قناعات ؟


في المرحلة المتوسطة كنت منتسبا إلى فريق الكشافة بالمدرسة ، وكان قائدنا حينها لا يحب حياة الخلاء ولا يرغب بها ويحرمنا بناء على ذلك من الخروج إليها كفريق أو الاستمتاع بها .

أذكر حينها أنني كنت عريفا لأحد طلائع الفرقة الكشفية فقررت مع طليعتي وكان عددنا حينها ( 8 ) أن نخرج في رحلة خلوية سيرا على الأقدام ، فاجتمعنا بعد صلاة العصر في المدرسة ووزعنا المهام على كافة أفراد المجموعة ، وحددنا المكان الذي سنقصده وكان يبعد عن المدرسة ما يقارب ( 3 أو 4 ) كيلومتر فقط ، وفي اليوم التالي جاءت الاعتذارات من أغلب المجموعة بناء على عدم موافقة ذويهم على ذلك لتخوف البعض وعدم قبول البعض بتحمل نفقات الرحلة وهكذا .

عندها تذكرت قول والدي – رحمه الله تعالى – من يرى النهايات يستطيع أن يصل إليها بسهولة ، فأعلنت أنني أتحمل تغذية الرحلة من مصروفي الخاص ، بشرط أن يحضر الجميع في اليوم المحدد وبدون أن يدفعوا أي مبلغ مالي ، وتفاجأ الجميع كيف سأحضر أنا ( الخروف ، والموقد للشوي ، والأواني للطهي ، والماء للشرب ، و......... الخ ) ودون أن أخبر أحدا بذلك ..!.

وفي اليوم المحدد حملت على ظهري حقيبة الرحلات ( جرابندية ) وكانت معدة في منزلي ولم أخبر أحدا بمحتواها ، وحملت بقية الطليعة متاعنا الباقي من المدرسة كالمظلة وبعض العصي والأدوات الأخرى وانطلقنا في رحلتنا سيرا على الأقدام ، وعندما وصلنا إلى الموقع المحدد بدأنا في تنفيذ برنامجنا الذي كان في أغلبه ألعاب ومنافسات أعدها الجميع للجميع ، وعندما حان موعد تناول الطعام فتحت حقيبتي وأخرجت منها ( سندوتشات ) معدة مسبقاً لنتناولها ، وتم ذلك لنا ونحن نغرق في ضحكاتنا البريئة ، وكنت قد سئلت : أين التغذية التي تحدثت عنها .. ؟ فقلت لهم : لقد أكلتم وشبعتم وإن بقي الجوع أشبعته ، فأنا أنظر إلى الأمر من جهتين : أهمية الرحلة في ذاتها وأن نخرج سويا فيها لنستمتع ، وأهمية الأكل الذي كان سيبطلها ويلغيها ، فوجدت أن الأساس هو الرحلة في ذاتها وأن الأكل ليس إلا تابع لها ، وكانت تلك الحادثة سببا في تغيير مفاهيم بعض أفراد الفرقة نحو الرحلات .

ولا يزال ذلك الأمر خطا أساسيا في حياتي وحياة من لازلت أعرف منهم حتى اليوم ، لأن مبدأ التركيز على إنجاز الأساسيات سيجعل من حل بقية المشكلات العالقة ممكنا
.